يتطلع الأردنيون باهتمام بالغ لما ستسفر عنه مناقشات برلمانهم حول مشروع موازنة عام 2015 الذي تقدمت به الحكومة معتمدة السعر الافتراضي المقدّر لبرميل النفط بـ100 دولار، متجاوزة في ذلك هبوط سعره العالمي، وذلك في ظل توسّع التحليلات التي تشير إلى إفادة المواطن والاقتصاد الأردني من تراجع أسعار النفط.
الموازنة تستفيد
إذ كان من المتوقع، حسب آراء شريحة واسعة من المحللين والمواطنين، أن تستفيد الموازنة من هبوط سعر النفط ليعاد توجيه بعض الوفورات التي نجمت من فارق السعر لزيادة الدعم الذي تتلقاه شبكات الامن الاجتماعي، وبالتالي رفع حصة الشرائح المستحقة، وتطوير البنية التحتية، والرعاية الصحية، لدعم النمو والحدّ من الفقر.
وقد تزامنت فرضية الحكومة هذه مع تراجع أسعار النفط العالمية أخيراً دون 70 دولاراً للبرميل، بينما تشير بعض التوقعات إلى أن متوسط السعر سيبلغ 80 دولاراً، وتوقعات أخرى تؤكد على رقم 65 دولاراً للبرميل خلال الربع الأول من 2015.
ويستفيد الاقتصاد الاردني من انخفاض سعر البترول في ضوء اعتماد المملكة على ما يقارب 90% من احتياجاتها النفطية عن طريق الاستيراد، حسب الخبير الاقتصادي فراس بطاينة، ما يخفّض العجز المالي للموازنة.
ويؤكد بطاينة على أن تراجع أسعار النفط يخفض التكاليف التشغيلية للشركات التي تعتمد بشكل كبير على مصادر الطاقة، مثل شركات الكهرباء بالدرجة الاولى، والطيران والشركات الصناعية، وبالتالى ارتفاع أرباحها التشغيلية.
ويعتقد بطاينة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، بأن هبوط سعر برميل النفط سيؤثرعموماً بشكل إيجابي على الاقتصاد الأردني، كما سيساعد بشكل كبيرعلى خفض تكاليف قطاع الصناعة، وتخفيف دعم الكهرباء التي تخطط الحكومة لرفع أسعارها في العام المقبل.
وقد جرى إعداد مشروعي قانوني الموازنة العامة وموازنات الوحدات الحكومية، وفق مصدر حكومي مأذون في وزارة المالية، بمنتهى الدقة بتقدير الايرادات والنفقات، حيث يكفل المشروعان، وفق ما يصرّح المصدر لـ"العربي الجديد"، مواصلة العمل بسياسات وإجراءات الانضباط المالي وتحسين كفاءة الإنفاق العام.
وحول أبرز المؤشرات الاقتصادية المتوقعة خلال المدى المتوسط، يرى المصدر بأن التقديرات تشير الى أن معدل النمو الحقيقي سيرتفع الى 4% عام 2015 و%4.5 عامي 2016 و2017، مع تراجع معدل التضخم الى %2.4 العام المقبل نزولاً من نسبة حوالي %3 متوقعة مع نهاية العام الحالي.
ويؤكد الخبير الاقتصادي، سلامة الدرعاوي ،على أن انخفاض أسعار النفط العالمية لأكثر من 25%، يعني أن "الكثير من الأسر سوف تحوّل جزءاً من إنفاقها الذي كان يذهب للمحروقات، إلى سلع وخدمات أخرى، ما يهيئ الاقتصاد الأردني إلى نمو مستقبلي، مدفوعاً بتزايد الطلب".
ويشرح الدرعاوي أن الناتج المحلي الاجمالي للمملكة سيحظى بفرصة أكبر للنمو، جراء تراجع النفط، وسينمو بمعدل خفض واردات المحروقات التي تشكل أكثر من 40% من إجمالي الواردات الأردنية.
ويشير الدرعاوي، لـ"العربي الجديد"، إلى أن تراجع أسعار النفط يعني تراجع أسعار الكثير من السلع والخدمات الرئيسية. وهذا التراجع سيدفع بمعدلات التضخم إلى الهبوط، وسيوفّر المال العام الذي كان سيُنفق على فاتورة الدعم لعدد من السلع والخدمات، على رأسها أسطوانة الغاز والتعرفة الكهربائية.
وبالتالي، يتابع الدرعاوي، ستنخفض فاتورة الدعم بشكل كبير وستذهب تعرفة الكهرباء نحو التصحيح التلقائي، ما يخفف من خسائر شركة الكهرباء، التي تتخذها الحكومة "شماعة" لقراراتها الجبائية. ويشار الى أنه كلما انخفضت أسعار النفط، كلما أدى ذلك إلى انخفاض فاتورة الطاقة التي تشكل ما نسبته 20% تقريباً من الناتج المحلي الاجمالي.
وكان محافظ البنك المركزي الأردني، الدكتور زياد فريز، قد أكد في وقت سابق بأن انخفاض أسعار النفط العالمية بقيمة 5 دولارات فقط، يوفر نحو 20 مليون دينار أردني (28 مليون دولار أميركي) على الموازنة سنوياً.