مليار دولار خسارة المغرب من الإقصاء الوظيفي لذوي الإعاقة

18 ابريل 2016
الإهمال يطاول قدرات ذوي الإعاقة (Getty)
+ الخط -
كم يكلف الشخص ذو الإعاقة ميزانية الدولة المغربية سنوياً؟ الجواب نجده في الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة الأسرة والتضامن، والتي تفيد بتخصيص أكثر من 50 مليون درهم مغربي (5.2 ملايين دولار) في إطار صندوق دعم التماسك الاجتماعي لفائدة الأشخاص ذوي الإعاقة. وإذا قسمنا هذا المبلغ على أكثر من 1.5 مليون شخص من ذوي الإعاقة بالمملكة سنصل حتماً إلى الرقم المطلوب. لكن ماذا لو عكسنا السؤال بحثاً عما يكلفه إقصاء هذه الشريحة من سوق العمل رغم وجود ترسانة قانونية تنص على حقهم في الاستفادة من نصيب محدد من مناصب العمل ولكنها لا تحترم في الغالب؟
قبل الإجابة عن هذا السؤال سيكون مفيداً تقديم أرقام عن وضعية الأشخاص من ذوي الإعاقة في المملكة. والبداية بأعدادهم التي ترتفع حسب مؤشرات البحث الوطني الذي أنجزته مندوبية التخطيط إلى أكثر من مليون و530 ألفاً من المواطنين، ما يمثل 5.12 في المئة، من إجمالي عدد السكان. البحث يشير أيضا إلى أنه على الأقل أسرة واحدة من بين أربع أسر تضم شخصاً ذا إعاقة. وشخص واحد فقط من بين 100 شخص ذي إعاقة يستفيد من التغطية الصحية. زيادة على أن 71.8 في المئة منهم ليس لهم أي مستوى تعليمي. بل إن أكثر من 88.6 في المائة ممن يتجاوز عمرهم 15 سنة لا يمارسون أي نشاط مهني.
أرقام أخرى كشف عنها البحث الذي صدر عام 2006، والذي بقي دون تحديث إلى الآن، تقدم صورة أكثر سوداوية عن وضعية هذه الشريحة، إذ إن 55.2 في المئة منهم في سن نشيطة لا يستطيعون ولوج سوق العمل، ويرتفع معدل البطالة في أوساطهم إلى خمسة أضعاف ما يمثله ضمن مجموع المغاربة (معدل البطالة عام 2015 بلغ 9.7 في المئة)، فضلاً عن أن 6‚15 في المئة منهم لم يتمكنوا من إيجاد عمل، ويزداد الأمر سوءاً في أوساط النساء حيث لا تمثل النساء الحاصلات على عمل سوى نسبة 3.8 في المئة مقابل 15.5 في المئة لدى الرجال.


يقدر تقرير رسمي صدر العام الماضي عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي، كلفة إقصاء الأشخاص ذوي الإعاقة عن سوق العمل بأكثر من 9.2 مليارات درهم مغربي (950 مليون دولار) سنوياً، وهو مبلغ يمثل 2 في المئة من الناتج الداخلي الخام، و3 في المئة من الاستهلاك العام للأسر، و13 في المئة من إنتاج الإدارة العمومية. علماً أن الحسابات لم تدرج الأكلاف الأخرى والخسائر المباشرة وغير المباشرة التي تتحملها الأسر.
التقرير الذي اعتمد على خلاصات بحث أنجزه "التحالف من أجل دعم حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة" الصادر سنة 2010، يشير إلى أن احتساب كلفة الإعاقة لا يمكن أن يتم دون الأخذ بالاعتبار ثلاثة مؤشرات مترابطة هي، تأثير تحمل عبء كلفة الإعاقة على الشخص نفسه، في ظل حرمانه من الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية وعدم دمجه داخل الهياكل السوسيو-اقتصادية والثقافية. ثم كيفية تحمل كلفة الإعاقة من طرف العائلة. وأخيراً القيمة المضافة التي يمكن أن يخلقها الشخص من ذوي الإعاقة إذا ما توفرت له فرص متكافئة مع غيره.
يقول الباحث في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ومستشار وزيرة التنمية الاجتماعية السابقة، عدنان الجزولي، في تصريح لـ "العربي الجديد": "رغم وجود كوتا في القطاع العام وهي محددة بـ 7 في المئة، وتعتبر من أعلى النسب في العالم، لكنها تبقى نسبة غير واقعية وغير قابلة للتنفيذ، بدليل ما حصل منذ أكثر من 20 سنة من عجز مستمر إلى الآن.
وحتى عمليات التشغيل التي تشمل الأشخاص ذوي الإعاقات، تأتي فقط لامتصاص الحركة الاحتجاجية التي يقوم بها هؤلاء في الشوارع (كما حصل مع المكفوفين سنة 2008). ونتائجها تكون عكسية لأنه تبين أن هناك تمثيلات سلبية لوجود الأشخاص من ذوي الإعاقة داخل الإدارات، ونوعية المهام التي تسند إليهم، وطريقة التعامل معهم من طرف رؤسائهم. ولعل الخلاصة التي يصل إليها المستفيدون أنفسهم هي أنهم يستفيدون من عملية إحسانية كبيرة تؤمن لهم أجراً شهرياً وانخراطاً في نظام التأمين الاجتماعي".
يرى عبد العزيز، وهو عضو التنسيقية الوطنية للمكفوفين المعطلين، أن الدولة تخلت عن دورها في توفير شغل كريم لفئات عريضة من المواطنين، لتضيّع إمكانات كبيرة للتنمية الاقتصادية على اعتبار المساهمة التي يمكن أن يساهم بها أكثر من 1.5 مليون شخص ذي إعاقة".
وبالأرقام، يتسبب إحجام الدولة عن تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة، سواء في القطاع العام، أو حتى في القطاع الخاص، سنويا في خسارة 2 في المئة من الناتج الداخلي، وفق البحث الوطني لمندوبية التخطيط. وسبق للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن أصدر مجموعة من التوصيات تقضي بضرورة إعادة صياغة القانون رقم 97.13 المتعلق بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، لتقوية حقوقهم في التشغيل والتكوين المهني. مقترحاً أن ينص على: "يكرس بوضوح حق الأشخاص في وضعية إعاقة في بيئة عمل مفتوحة، شاملة، بما يسهل انخراطهم فيها ويحظر أي تمييز على أساس الإعاقة في ما يختص بجميع المسائل المتعلقة بالعمل".
دلالات