يبدو أن التراشق الكلامي بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، أمس الخميس، ألقى بظلاله على الزيارة المقررة لترامب الشهر المقبل إلى لندن، إذ ذكرت صحيفة "تلغراف" البريطانية، أن الدبلوماسيين الأميركيين تراجعوا عن خططهم لترتيب هذه الزيارة.
ونقلت الصحيفة عن مصدر دبلوماسي أميركي رفيع المستوى قوله "لا أتوقع زيارة ترامب في كانون الثاني/يناير".
وكان الرئيس الأميركي يعد لزيارة عمل في الشهر الأول من العام المقبل، لفتح السفارة الأميركية الجديدة في لندن.
في المقابل، نقلت الصحيفة عن مصدر آخر، أن الزيارة ألغيت لكن الأمر لا يتعلق بالتوتر الحاصل بين قادة البلدين.
وتسببت التغريدات الأخيرة، في ردود فعل غاضبة من العديد من المسؤولين البريطانيين، على رأسهم تيريزا ماي، إذ أدانوا ترامب لإعادة تغريد ثلاثة تسجيلات مصورة معادية للمسلمين، سبق ونشرتها منظمة "بريطانيا أولاً" العنصرية.
وأعلنت ماي، أمس الخميس، من عمان، أن ترامب ارتكب "خطأ" حينما أعاد بث الأشرطة، لكن العلاقة بين لندن وواشنطن ستصمد.
وقالت ماي، في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) "لقد قلت ذلك بوضوح شديد، إن إعادة بث فيديوهات "بريطانيا أولاً" على تويتر كان خطأ، لكن لدينا علاقة خاصة على المدى الطويل (مع الولايات المتحدة) وهي علاقة ستستمر، لأنها في مصلحة البلدين".
وكان متحدث باسم رئاسة الوزراء قد وصف عمل ترامب بالخاطئ، وقال: "تسعى (بريطانيا أولاً) إلى تقسيم المجتمعات، من خلال اللجوء إلى روايات ملؤها الكراهية تتغذى على الأكاذيب وإثارة التوترات"، مضيفاً أن "الشعب البريطاني يرفض المنطق المتحيز الذي يستخدمه اليمين المتطرف، والذي يقف ضد جميع القيم التي يمثلها هذا البلد من التسامح والاحترام واللباقة".
إلا أن ترامب توجه بالنقد المباشر إلى ماي في تغريدة جديدة، وقال لها: "لا تركزي عليّ، بل ركزي على الإرهاب الإسلامي المتطرف المدمّر الذي يحدث في المملكة المتحدة. نحن بخير هنا". ولم يخلُ رد ترامب من الأخطاء، إذ أخطأ في تحديد حساب ماي على "تويتر"، وأرسل التغريدة إلى سيدة أخرى تُدعى تيريزا سكريفنر، قبل أن يقوم بحذفها ونشر تغريدة أخرى جديدة موجهة لحساب ماي.
وكان رد فعل عدد من السياسيين البريطانيين قوياً، إذ طالبوا الحكومة البريطانية بإلغاء زيارة ترامب المرتقبة إلى بريطانيا. وقد وجّه رئيس حزب العمال المعارض، جيريمي كوربن، مع عدد من النواب البرلمانيين، نداءً إلى الحكومة يقضي بسحب الدعوة، كما وصف كوربن تعليقات ترامب بأنها "قميئة وخطيرة، وخطرٌ على مجتمعنا".
أمّا الوزير المسلم في الحكومة البريطانية، ساجد جاويد، فقد رد بتغريدة غاضبة على الرئيس الأميركي، وقال: "لقد تبنى الرئيس الأميركي وجهات نظر منظمة عنصرية خبيثة تملؤها الكراهية وتكرهني والأشخاص مثلي. إنه مخطئ، وأرفض أن أدع الأمر يمر من دون أن أقول شيئاً".
وبدوره، أصدر مكتب عمدة لندن، صادق خان، الذي كان قد تصادم مسبقاً مع ترامب بسبب عمليات إرهابية ضربت لندن، بياناً يدين تصرفه، ودعا رئيسة الوزراء إلى مطالبته بالاعتذار. أضاف: "استخدم الرئيس ترامب تويتر لدعم جماعة متطرفة خبيثة هدف وجودها الوحيد هو زرع الشقاق والكراهية في بلدنا. من الواضح جداً أن أي زيارة رسمية من الرئيس ترامب إلى بريطانيا غير مرحب بها".
أمّا برندان كوكس، زوج النائبة العمالية الراحلة جو كوكس التي قضت برصاص يميني متطرف صرخ "بريطانيا أولاً" عندما أطلق النار عليها، فقد قال إن ترامب يجب أن "يخجل من نفسه"، متهماً إياه بأنه "يعطي شرعية لليمين المتطرف في بلاده، ويريد أن يفعل ذلك في بلادنا الآن بهدف نشر الكراهية، ويجب أن يخجل من نفسه".