ففي وسط العاصمة السورية دمشق، وبعد الواحدة ظهراً بدقائق، هز انفجارٌ ضخم مبنى "قصر العدل"، الواقع في شارع النصر، قرب سوق الحميدية الشهير وقلعة دمشق، وتبيّن أنه ناجم عن تفجير انتحاري نفسه على باب المبنى، الذي يكون عادة مكتظاً بالمراجعين خلال ساعات الظهيرة.
وأدى الهجوم إلى مقتل نحو ثلاثين شخصاً، وجرح نحو ستين آخرين، وهي حصيلة قال مسؤولون في حكومة النظام إنها ليست نهائية، بسبب أن أعمال البحث عن ضحايا آخرين ما زالت مستمرة.
وقال المحامي الأول في دمشق، ومصادرُ أخرى في حكومة النظام، لوسائل إعلامٍ موالية، إن الانتحاري حاول الدخول إلى القصر العدلي، وقد "عمل عناصر الشرطة على منعه، فألقى بنفسه إلى الداخل وفجّر نفسه".
وقال شهود عيان من أصحاب المحال التجارية المحيطة بـ"قصر العدل"، لـ"العربي الجديد"، إنهم سمعوا دويّ الانفجار حوالى الساعة الواحدة والنصف ظهراً، قبل أن تهرع عشرات سيارات الإسعاف إلى المكان، في حين ضربت قوات الأمن طوقاً أمنياً حول المبنى.
وأظهرت مشاهد مصورة بثها التلفزيون الرسمي، البهو الرئيسي في الطابق الأول من المبنى المستهدف، حيث غطته بقع الدم وأشلاء الضحايا.
وبعد أقل من ساعتين على هذا الهجوم، الذي لم تتبنّه أي جهة حتى الآن، ونحو الثالثة ظهراً بتوقيت دمشق، وقع انفجارٌ آخر، في منطقة الربوة، إذ أفادت وكالة النظام الرسمية "سانا"، بأنه ناجم عن تفجير انتحاري "نفسه بحزام ناسف داخل أحد المطاعم"، مضيفة أن ذلك أدى إلى وقوع قتلى وجرحى من المدنيين.
وشهدت شوارع العاصمة دمشق بالتزامن، استنفاراً أمنياً كبيراً؛ إذ أغلقت سلطات أمن النظام، عدة شوارع وطرقٍ رئيسية، خشية وقوع هجماتٍ جديدة، فقد أُغلق أوتوستراد المزة ذهاباً وإياباً نحو ساحة الأمويين، التي يقع فيها مبنى التلفزيون الرسمي وهيئة أركان قوات النظام.
كما أغلق شارع النصر الذي يقع فيه مبنى "قصر العدل" بالكامل، وبعض الطرقات الموصلة إلى أكبر مشافي دمشق الحكومية التي تم نقل المصابين إليها، خاصة مشافي المواساة والأسد والمجتهد.
وجاء هذان الهجومان المتزامنان، بعد أربعة أيامٍ على تفجيراتٍ انتحارية وقعت قرب مقبرة "باب صغير" الشهيرة، في منطقة "باب مصلى"، وأدت إلى مقتل أكثر من أربعين شخصاً، بينهم مدنيون، وبعضهم الآخر عسكريون في قوات النظام، وعراقيون يُعتقد أنهم عناصر من المليشيات التي تُساند قوات النظام السوري في معاركه ضد المعارضة المسلحة.
وتبنّى تنظيم "جبهة فتح الشام" (النصرة) انفجارات باب مصلى التي وقعت السبت الماضي، وقال في بيانٍ له، إن اثنين من عناصره فجرا نفسيهما، وسط تجمعٍ للمليشيات العراقية والإيرانية.
وكان ذات التنظيم تبنّى، كذلك، الهجمات المتزامنة التي استهدفت مقرات أمنية للنظام السوري في مدينة حمص يوم الخامس والعشرين من الشهر الماضي، وأدت إلى مقتل العشرات من عناصر وضباط أمن النظام، أبرزهم اللواء حسن دعبول، رئيس فرع الأمن العسكري في مدينة حمص.