في غزة، يبدو كل شيء هذه الأيام مرتبكاً ومُربكاً، فلا أحد يستطيع قراءة التغيرات المتسارعة جداً في كل الملفات المحيطة بالمصالحة الوطنية الفلسطينية، والتي بدأت خطواتها حركتا "حماس" و"فتح" من القاهرة، وانتقلت إلى أرض الواقع بزيارة حكومة الوفاق الوطني والوفد الأمني المصري. لكن الزيارة التي بدأها رئيس الحكومة رامي الحمدالله ومسؤول جهاز الاستخبارات العامة، ماجد فرج، ووزراء الحكومة، لم تكن كافية للإجابة عن تساؤلات كثيرة طفت على السطح قبل وبعد وأثناء الزيارة، التي رافقتها إجراءات أمنية مشددة شاركت فيها أجهزة أمن غزة والضفة وحرس الرئاسة وأفراد من الأمن المصري. جدول الحكومة في غزة، كان يكتنفه كثير من الغموض وغياب تدفق المعلومات، إضافة إلى تغيرات طارئة حدثت فيه أكثر من مرة. ومع مغادرة معظم الوزراء القطاع، بقي رئيس الحكومة لعقد اجتماعات مع الفصائل والشباب والتجار ورجال الأعمال.
بدا الحمدالله مصراً على طمأنة الفلسطينيين في غزة إلى أن تغيراً ملموساً سيحدث، لكنه دعا الجميع لانتظار ما ستسفر عنه اللقاءات الثنائية بين حركتي "حماس" و"فتح" في القاهرة الأسبوع المقبل، والتي ستناقش الملفات الصعبة في المصالحة الوطنية، أو المسكوت عنه، حتى الآن، كملف الموظفين والأمن والمعابر والحدود والرواتب والعقوبات المفروضة على غزة.
وستدعو مصر، الإثنين أو الثلاثاء المقبلين، وفدين من "حماس" و"فتح" لزيارتها وإكمال ملفات تمكين الحكومة وحل القضايا العالقة، والتي كانت حريصة على أن يتم تأجيلها قبل زيارة الحكومة، وحلها بعد قراءة الحكومة لمشهد تمكينها وحضورها في غزة. ولم تُقدِم حكومة الوفاق الوطني على رفع العقوبات عن غزة، فقرار العقوبات والخصومات الأخيرة التي طاولت الموظفين والكهرباء والتحويلات الطبية بيد الرئيس الفلسطيني محمود عباس شخصياً، الذي أعلن أنه يريد انتظار تمكين الحكومة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه سابقاً.
وبالنسبة لمليوني فلسطيني يعيشون في قطاع غزة المحاصر، فإنهم ينتظرون من الحكومة والرئاسة و"حماس" وحتى الراعي المصري، خطوات جدية وعملية تخفف معاناتهم وتنهي مآسيهم المتراكمة وتفتح الأبواب والمعابر المغلقة في وجوههم. وعلى الرغم من ثقة سكان غزة بأنّ تراكمات عشر سنوات من الانقسام والخلاف الداخلي لن تنتهي بين ليلة وضحاها، إلا أنهم يطلبون سرعة تطبيق المصالحة وتمكين الحكومة، إضافة إلى تنفيذ السهل من الخطوات، كرفع العقوبات التي فُرضت عليهم أخيراً، وإعادة رواتب الموظفين، والطلب من الاحتلال الإسرائيلي إعادة الكهرباء كما كانت سابقاً لغزة قبل تقليصها للنصف، وفتح معبر رفح المغلق.
غير أن لا أحد من القادمين إلى غزة، ومن الموجودين فيها، يملك إجابة عن تساؤلات المرحلة الكثيرة، وعن كيفية حل الملفات العالقة بينهما، مع مخاوف جدية بأنّ تصطدم المصالحة هذه المرة بملف "سلاح المقاومة" الذي لا ترغب السلطة في إظهاره بشكل علني في غزة. وهذا السلاح، إنّ جرى محاولة الحديث عنه، سيفجر الخلاف بين الطرفين، على الرغم من تأكيد رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" إسماعيل هنية، أنّ حركته جاهزة للاتفاق مع "فتح" والكل الوطني على قواعد جديدة، تضمن المشاركة في قرار الحرب والسلم، وتطلّعها للمشاركة في القرار السياسي الفلسطيني ليكون موحداً.
اقــرأ أيضاً
على الأرض، يبدو ملف الموظفين الذين عيّنتهم حركة "حماس" عقب أحداث الانقسام، صعباً، وهو الأكثر حضوراً على ألسنة الموظفين وذويهم وعامة السكان، فنحو أربعين ألف موظف يرتبط مصيرهم الآن بتفاهمات القاهرة المقبلة، ويخشون من تسارع التصريحات بشأن صعوبة توفير غطاء مالي يوفر لهم لقمة العيش.
الموظفون المعيّنون من "حماس" يخشون أن تطاولهم التنازلات، على الرغم من تأكيد "حماس" أنه لن يُظلم أحد منهم. إلا أنّ تصريحات رئيس الحركة في غزة، يحيى السنوار، عن تنازلات صادمة وكبيرة ومفاجئة، أثارت الريبة لديهم.
أما ملف الأمن، فقد اتُفق مسبقاً على عملية الدمج، ويبدو تدخّل مصر هذه المرة وحضورها إلى القطاع مع وفد الحكومة ضامناً لحل هذه الإشكالية، وهي التي ترغب في عودتها للمشهد الفلسطيني بقوة بعد تراجعها عن المضي فيه في السنوات الأربع الماضية.
وتبقى المعضلة الأخرى في ملف إعادة إحياء وترتيب منظمة التحرير، خصوصاً بعد تصريحات عباس الذي أعلن أنّ على الذين يريدون الانضمام للمنظمة أنّ يلتزموا بمبادئها، وهو ما يشكّل عقبة جديدة في طريق انضمام حركتي "حماس" والجهاد الإسلامي" لها، وخطواتهما المطالبة بعملية إصلاح جادة للمنظمة. وسيكون من المستحيل على "حماس" تقبّل الاعتراف بإسرائيل، وهو الأمر الذي سيلغي وجودها، والتي حوصرت من أجله عقب فوزها بالانتخابات التشريعية، وحوصرت غزة من أجله لعشر سنوات، وشُنّت ضدها ثلاث حروب قاسية للغاية.
أما المجتمعون في القاهرة بعد أيام، فستكون مهمة تشكيل حكومة وحدة وطنية حاضرة على طاولة مباحثاتهم، إذ يُتوقَع أن يجري إما توسيع الحكومة الحالية، أو تشكيل حكومة وحدة. وقد استبقت إسرائيل التفكير الفلسطيني بها، بإعلان رفضها التعامل مع أي حكومة لا تعترف بها.
المصالحة الفلسطينية، آتية وماضية، إن لم يحدث تدخّل مفاجئ يوقفها ويعقّد الأزمات في قطاع غزة ويزيدها، لكنها بحاجة إلى كثير من الوقت، والملفات والعقوبات والحصار والمعابر أيضاً قضايا بحاجة لوقت إضافي لحلها كما يريد أهل غزة. لكن الخشية اليوم في غزة تبقى من أن يكون كل ما جرى ويجري هو حالة مؤقتة ستزول سريعاً، حينها، ستكون الأوضاع أشد وأقسى وأكثر صعوبة، وقد يذهب القطاع إلى حرب جديدة مختلفة عن سابقاتها مع إسرائيل وستصل الضغوط إلى مربع يصعب معه توقّع المقبل.
وستدعو مصر، الإثنين أو الثلاثاء المقبلين، وفدين من "حماس" و"فتح" لزيارتها وإكمال ملفات تمكين الحكومة وحل القضايا العالقة، والتي كانت حريصة على أن يتم تأجيلها قبل زيارة الحكومة، وحلها بعد قراءة الحكومة لمشهد تمكينها وحضورها في غزة. ولم تُقدِم حكومة الوفاق الوطني على رفع العقوبات عن غزة، فقرار العقوبات والخصومات الأخيرة التي طاولت الموظفين والكهرباء والتحويلات الطبية بيد الرئيس الفلسطيني محمود عباس شخصياً، الذي أعلن أنه يريد انتظار تمكين الحكومة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه سابقاً.
وبالنسبة لمليوني فلسطيني يعيشون في قطاع غزة المحاصر، فإنهم ينتظرون من الحكومة والرئاسة و"حماس" وحتى الراعي المصري، خطوات جدية وعملية تخفف معاناتهم وتنهي مآسيهم المتراكمة وتفتح الأبواب والمعابر المغلقة في وجوههم. وعلى الرغم من ثقة سكان غزة بأنّ تراكمات عشر سنوات من الانقسام والخلاف الداخلي لن تنتهي بين ليلة وضحاها، إلا أنهم يطلبون سرعة تطبيق المصالحة وتمكين الحكومة، إضافة إلى تنفيذ السهل من الخطوات، كرفع العقوبات التي فُرضت عليهم أخيراً، وإعادة رواتب الموظفين، والطلب من الاحتلال الإسرائيلي إعادة الكهرباء كما كانت سابقاً لغزة قبل تقليصها للنصف، وفتح معبر رفح المغلق.
غير أن لا أحد من القادمين إلى غزة، ومن الموجودين فيها، يملك إجابة عن تساؤلات المرحلة الكثيرة، وعن كيفية حل الملفات العالقة بينهما، مع مخاوف جدية بأنّ تصطدم المصالحة هذه المرة بملف "سلاح المقاومة" الذي لا ترغب السلطة في إظهاره بشكل علني في غزة. وهذا السلاح، إنّ جرى محاولة الحديث عنه، سيفجر الخلاف بين الطرفين، على الرغم من تأكيد رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" إسماعيل هنية، أنّ حركته جاهزة للاتفاق مع "فتح" والكل الوطني على قواعد جديدة، تضمن المشاركة في قرار الحرب والسلم، وتطلّعها للمشاركة في القرار السياسي الفلسطيني ليكون موحداً.
على الأرض، يبدو ملف الموظفين الذين عيّنتهم حركة "حماس" عقب أحداث الانقسام، صعباً، وهو الأكثر حضوراً على ألسنة الموظفين وذويهم وعامة السكان، فنحو أربعين ألف موظف يرتبط مصيرهم الآن بتفاهمات القاهرة المقبلة، ويخشون من تسارع التصريحات بشأن صعوبة توفير غطاء مالي يوفر لهم لقمة العيش.
الموظفون المعيّنون من "حماس" يخشون أن تطاولهم التنازلات، على الرغم من تأكيد "حماس" أنه لن يُظلم أحد منهم. إلا أنّ تصريحات رئيس الحركة في غزة، يحيى السنوار، عن تنازلات صادمة وكبيرة ومفاجئة، أثارت الريبة لديهم.
أما ملف الأمن، فقد اتُفق مسبقاً على عملية الدمج، ويبدو تدخّل مصر هذه المرة وحضورها إلى القطاع مع وفد الحكومة ضامناً لحل هذه الإشكالية، وهي التي ترغب في عودتها للمشهد الفلسطيني بقوة بعد تراجعها عن المضي فيه في السنوات الأربع الماضية.
وتبقى المعضلة الأخرى في ملف إعادة إحياء وترتيب منظمة التحرير، خصوصاً بعد تصريحات عباس الذي أعلن أنّ على الذين يريدون الانضمام للمنظمة أنّ يلتزموا بمبادئها، وهو ما يشكّل عقبة جديدة في طريق انضمام حركتي "حماس" والجهاد الإسلامي" لها، وخطواتهما المطالبة بعملية إصلاح جادة للمنظمة. وسيكون من المستحيل على "حماس" تقبّل الاعتراف بإسرائيل، وهو الأمر الذي سيلغي وجودها، والتي حوصرت من أجله عقب فوزها بالانتخابات التشريعية، وحوصرت غزة من أجله لعشر سنوات، وشُنّت ضدها ثلاث حروب قاسية للغاية.
المصالحة الفلسطينية، آتية وماضية، إن لم يحدث تدخّل مفاجئ يوقفها ويعقّد الأزمات في قطاع غزة ويزيدها، لكنها بحاجة إلى كثير من الوقت، والملفات والعقوبات والحصار والمعابر أيضاً قضايا بحاجة لوقت إضافي لحلها كما يريد أهل غزة. لكن الخشية اليوم في غزة تبقى من أن يكون كل ما جرى ويجري هو حالة مؤقتة ستزول سريعاً، حينها، ستكون الأوضاع أشد وأقسى وأكثر صعوبة، وقد يذهب القطاع إلى حرب جديدة مختلفة عن سابقاتها مع إسرائيل وستصل الضغوط إلى مربع يصعب معه توقّع المقبل.