وحول ما تردد عن طلب الأردن من الفصائل وقف هذه المعركة لأنها جرت من دون التنسيق معه، قال أبو شيماء "ليس لدينا علم بهذا الطلب". وأوضح أن المعركة جاءت بعد محاولات قوات النظام المتكررة السيطرة على معبر درعا الحدودي مع الأردن، إذ بادرت "غرفة البنيان المرصوص" للتصدي لخطط قوات النظام من خلال السيطرة على حي المنشية، كي يبقى النظام بعيداً عن المعبر، مشدداً على أن دوافع المعركة عسكرية وميدانية بحتة، وليست مرتبطة بأية مواقف سياسية خارجية. وحول هوية الفصائل المشاركة في المعركة، قال أبو شيماء إن الفصائل المشاركة شكلت "غرفة البنيان المرصوص"، من دون ذكر اسم أي فصيل، كبر أو صغر.
وكانت قوات المعارضة قد سيطرت على مجموعة من المباني في حي المنشية، واستحوذت على كميات من الذخائر، ودمرت مستودع أسلحة لقوات النظام، لتحشر تلك القوات في الأجزاء الشمالية لحي المنشية. وذكرت "غرفة عمليات البنيان المرصوص"، في بيان، أن عدد قتلى قوات النظام والمليشيات الموالية لها بلغ 30 عنصراً، بينهم أربعة ضباط، فيما جرح نحو 50 آخرين. وتمكن مقاتلو المعارضة من تدمير دبابتين ومدفعين رشاشين، والسيطرة على أربعة قطاعات سكنية، بينها كتل مباني النجار، واستولوا على مدفع رشاش و15 قطعة سلاح فردي وذخائر متنوعة. وأشار إلى أن مقاتلي المعارضة سيطروا على محور حارة الفرن ومحيط جامع المنشية، والجامع والبيوت المحيطة به.
من جهتها، استقدمت قوات النظام تعزيزات من مدينة إزرع، تضم عناصر وعتاداً، في محاولة لاستعادة المناطق التي خسرتها خلال الأيام الماضية. كذلك كثفت قصفها لأحياء درعا البلد وبلدة النعيمة بالمدفعية وصواريخ أرض - أرض، في حين شنت مقاتلاتها الحربية، مع المقاتلات الروسية، غارات عدة على الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة في درعا المدينة، وعلى بلدات وقرى مجاورة. وقال ناشطون إن عدة صواريخ من نوع "فيل" سقطت على أحياء درعا البلد، فيما يواصل الطيران الروسي وطيران النظام شن غارات على أحياء المدينة والبلدات المجاورة، طاولت خصوصاً بلدات الحارة، ومخيم درعا، والنعيمة، ومعربة، والغارية الشرقية والغربية، والجيزة، واليادودة، وبصرى الشام، والمسيفرة. ونعت وسائل إعلام إيرانية، مساء أول من أمس، القيادي في مليشيا "الحرس الثوري" الإيراني، الرائد مصطفى زال نجاد. ونشرت وسائل الإعلام صورة للقتيل برفقة قائد مليشيا "فيلق القدس"، قاسم سليماني. وأكدت مصادر محلية أنه سقط على جبهة حي المنشية، وذلك عقب إرسال النظام وحلفائه تعزيزات عسكرية كبيرة إلى المنشية في درعا.
وقالت الناشطة والصحافية سارة الحوراني، لـ"العربي الجديد"، إن الطيران الحربي استهدف المنطقة بأكثر من 50 غارة، وارتكب مجازر، ذهب ضحية إحداها عائلة مكونة من سبعة أشخاص، بينهم أربعة أطفال. وأشارت إلى أن معظم الغارات تستهدف مناطق مدنية، منها المستشفى الميداني الذي خرج عن الخدمة، والخزان الرئيسي للمياه الذي يغذي مدينة درعا. وأكدت أن معظم أهالي المنطقة، وهم نحو أربعة آلاف عائلة، نزحوا عنها باتجاه المزارع المجاورة، وسط ظروف جوية صعبة ونقص في الخيم والأغطية والفرش ومواد النظافة. وأوضحت أن المجلس المحلي في المحافظة يقف شبه عاجز إزاء هذه الأوضاع، إذ توقف الدعم عنه منذ ثلاثة أشهر، وهو يعتمد على "الفزعات من الأهالي والمنظمات المحلية".
من جهته، قال الدكتور في المستشفى الميداني في درعا، زياد محاميد، لـ"العربي الجديد"، إن المستشفى الميداني في درعا البلد خرج من الخدمة جراء قصفه بالطيران الحربي، مؤكداً وجود نقص كبير في المواد الطبية والمستهلكات والأدوية. وأوضح أنه بعد القصف "قسمنا عناصر المستشفى إلى مجموعات، تعمل كل مجموعة في مكان، بشكل منفصل حفاظاً على أرواحهم". وأوضح أن عدد القتلى المدنيين، من بداية المعركة، وصل حتى الآن إلى نحو 10 في مدينة درعا فقط، ولا يشمل ذلك الضحايا في القرى والبلدات التي تتعرض للقصف.
وحول ما يقال عن إغلاق الأردن حدوده في وجه المصابين في هذه المعركة، أوضح محاميد أن الحدود مغلقة قبل المعركة، وما زالت كذلك حتى الآن. وكانت مصادر محلية أكدت امتناع الأردن عن استقبال جرحى معركة "الموت ولا المذلة"، ومنهم الناشط الإعلامي أبو تيم الحوراني، والذي توفى على الساتر الحدودي أول من أمس، بعد رفض حرس الحدود الأردني دخوله الأراضي الأردنية. ورأى متابعون أن موقف الأردن المتحفظ على المعركة الحالية في حي المنشية، وربما الرافض لها، يأتي منسجماً مع خطوات اتخذها الأردن أخيراً للتقارب مع النظام السوري والتنسيق ميدانياً بين قواتهما في الجنوب السوري. وفسر هؤلاء صمت الفصائل حول موقف عمان وغرفة "ألموك"، ومقرها الأردن، بأنه محاولة لعدم إثارة غضب الأردن الذي تتدفق منه الأسلحة والرواتب لمقاتلي الجبهة الجنوبية. ورجح بعضهم أن تكون هذه المعركة بغطاء جزئي من "ألموك"، يشمل الأميركيين فقط، والذين يريدون العودة إلى الساحة السورية من بوابة الجنوب، بينما كان الأردن يراهن على مزيد من التفاهمات مع النظام السوري وروسيا لضبط إيقاع الوضع في الجنوب.
وكانت العديد من فصائل المعارضة في الجنوب قد شكلت أخيراً "تحالف قوات الجنوب"، والذي يضم ثمانية فصائل عسكرية تابعة إلى الجبهة الجنوبية، وقبله بأيام قليلة، تم تشكيل "جيش الثورة"، وهو ما رأى فيه بعضهم نواة لتشكيل جسم عسكري موحد في الجنوب السوري، وصولاً إلى تشكيل جيش وطني في عموم البلاد.
وبعد أن عدد الائتلاف الوطني السوري خروقات النظام السوري، بدعم من الطائرات الحربية الروسية، والتي بلغت نحو 80، بينها 30 في درعا وريفها، في ثلاثة أيام، أكد "أهمية قيام المجتمع الدولي ومجلس الأمن بالضغط على الأطراف الداعمة للنظام، وإلزامه بمقتضيات اتفاق وقف إطلاق النار، والقرارات الدولية ذات الصلة، خصوصاً أن أياماً قليلة فقط تفصلنا عن جولة من المفاوضات في جنيف، والتي لا يمكن أن يكتب لها النجاح ما لم يتوفر الحد الأدنى من احترام وقف إطلاق النار".
وشنت فصائل الجيش السوري الحر هجوماً مباغتاً على قوات النظام في محيط بلدة بيت جن في غوطة دمشق الغربية، وقتلت عدداً من العناصر. وقالت مصادر محلية إن مقاتلي المعارضة هاجموا مواقع قوات النظام ومليشياته في تل الظهرة ونقطة الإشارة قرب بلدة بيت جن، اللتين سيطرت عليهما قوات النظام أخيراً بموجب اتفاق مصالحة مع بلدات بيت سابر وكفر حور وبيت تيما، ينص أحد بنوده على أن تتسلم قوات النظام عدداً من النقاط في محيط هذه البلدات، ومنها تلة الظهرة وتلة الزيات وتلة النمرود مقابل الإفراج عن المعتقلين، وعدم التعرض إلى المدنيين، إلا أن النظام لم ينفذ وعوده، في حين رفض مقاتلو بيت جن مشروع المصالحة مع النظام.
وفي شمال البلاد، تواصل عملية "درع الفرات"، والتي تقودها فصائل الجيش السوري الحر بدعم من الجيش التركي، الاشتباك مع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في مدينة الباب بريف حلب الشمالي، وسط محاولات الفصائل تثبيت النقاط التي سيطرت عليها أخيراً. من جهتها، سيطرت قوات النظام، مدعومة بمليشيات أجنبية، على قرية بيجان وتلتها جنوب مدينة الباب، بالإضافة إلى قرية المشرفة الواقعة في ريف مدينة الباب الجنوبي. وتقع القريتان على الطريق الواصل نحو بلدة دير حافر الاستراتيجية. وبهذه السيطرة تكون قوات النظام اقتربت إلى مسافة 10 كيلومترات من منطقة دير حافر، والتي تعتبر حالياً إحدى أكبر التجمعات العسكرية للتنظيم في ريف حلب الشرقي. وتجددت عمليات القصف المدفعي والصاروخي بين "قوات سورية الديمقراطية" وفصائل "درع الفرات" في عدّة مواقع وجبهات في ريف حلب الشمالي، مع تفجير فصائل المعارضة لسيارة مفخخة في مناطق "قوات سورية الديمقراطية"، ما خلّف خسائر بشرية وعسكرية.