يؤكّد مراقبون أنّ الجبوري يعتبر أن "أخطاء العبادي التي خرجت عن السيطرة لم تعد محتملة"، ليمارس (الجبوري) صلاحيّاته كرئيس للبرلمان ويعترض على قرارات العبادي دستورياً، الأمر الذي قد فتح باب الخلاف بين الرئيسين، ما قد يضع العبادي بإحراج جديد.
وحتى الآن لا تزال هناك تعهدات والتزامات عديدة تنتظر التطبيق من ضمن ورقة الاتفاق السياسي التي وافق عليها العبادي وولدت على أساسها حكومته، منها إقرار وتطبيق قوانين الحرس الوطني والعفو العام واجتثاث البعث، ومشروع المصالحة الوطنيّة. وزاد الإشكال مع خصوم العبادي على خلفية الوعود الجديدة بحزم الإصلاحات، فضلاً عن قرار دخول العراق في التحالف الرباعي الجديد، وقرار سلّم الرواتب الجديد، الأمر الذي دفع رئيس البرلمان الى التعامل مع الأول وفقاً للدستور والصلاحيّات التي ينصّ عليها.
يقول مصدر سياسي مطّلع، لـ"العربي الجديد"، إنّ "رئيس البرلمان حاول مراراً التغطية على إخفاقات العبادي المستمرّة وقراراته المثيرة للخلاف، في محاولة منه لعدم تأليب الكتل السياسيّة الأخرى ضدّه وخلق أزمات جديدة"، لافتاً إلى أنّ "الجبوري كان يلتقي العبادي عقب كل قرار جديد يتخذه الأخير، ويحاول (الجبوري) ثنيه عن تلك القرارات حفاظاً على سير العمليّة السياسيّة".
ويشير المصدر الى أنّ "قرارات العبادي الأخيرة أحرجت الجبوري جدّاً، وأجبرته على الخروج من محاولة لملمة الأمور الى ممارسة صلاحياته، والاعتراض عليها وفقاً للدستور العراقي"، على قاعدة أنّ "انفرد العبادي بالقرار وتجاوز البرلمان العراقي دفع الجبوري أخيراً إلى الاعتراض على قراراته، والسعي لتصحيح مسارها وتمريرها عبر البرلمان لمناقشتها والتصويت عليها أو رفضها". ويضيف أنّ "اعتراض الجبوري فتح باب الخلاف بينه وبين العبادي، الذي يحاول تمرير قراراته بكل الأحوال، ويعدّ الاعتراض عليها ونقضها محاولة لإفشال جهوده في الإصلاح".
اقرأ أيضاً: الجبوري ينتقد قرار العبادي بتعديل رواتب الموظفين
وفي السياق، اعترض الجبوري أخيراً على قرار انضمام العراق إلى التحالف الرباعي ، وقرار سلّم الرواتب الجديد، مؤكّداً أنّ "القرارين يجب ألا يعارضا الدستور". وقال الجبوري في بيان صحافي، إنّه "يدعم مسيرة الإصلاحات في السلطتين التنفيذيّة والتشريعيّة، وأنّه ملتزم بالدستور، ويؤكّد دوماً على مهمة البرلمان، والتي تتمثّل بسن القوانين والالتزام بها مع بقيّة السلطات"، مشدّداً على أنّ "أيّ تعديل على أيّ قانون واتخاذ أي قرار يجب أن يتم وفقا للدستور"، في إشارة إلى اعتباره أن تلك القرارات تجاوزت المسار الدستوري المعروف.
أكثر من ذلك، ذكّر الجبوري بأنّ "أيّ تنسيق مع أيّ دولة أو محور دولي يجب أن يمرّر في البرلمان، وهو الذي سيقرّر الموقف منه، وهذا الدعم يجب أن يكون في إطار قانونّي"، ليكشف أن البرلمان "لم يتلقَّ أيّ طلب حكومي بهذا الشأن".
من جهته، يرى عضو تحالف القوى العراقيّة، النائب أحمد سلمان أنّ "الجبوري بعد تسلّمه منصب رئيس البرلمان، خرج من إطار الحزب والكتلة، وسعى إلى عدم فتح باب التشنجات والخلافات بين كتلته (الغالبية السنيّة) وبين رئيس الحكومة، وحاول تمرير ورقة الاتفاق السياسي مع تسهيلات بها حتى لا يشعل أزمات جديدة في البلاد". وتابع سلمان أن الجبوري "لم يلمس أيّ تساهل من قبل الحكومة وكتلة التحالف الوطني، الأمر الذي دفعه إلى فتح بعض الملفات التي لا يمكن تمريرها إلّا عبر البرلمان، ومنها التحالف الرباعي وسلّم الرواتب الجديد".
بدوره، ينصح الخبير السياسي فراس العيثاوي، بضرورة أن "يحافظ العبادي على علاقته والتواؤم والتوافق مع رئيس البرلمان، حفاظاً على العمليّة السياسيّة". ويقول العيثاوي لـ"العربي الجديد"، إنّ "الجبوري يسعى لحل الخلافات بالطرق الدبلوماسية، لكنّه يصطدم بقرارات العبادي التي زادت عن حدّها ودفعت الجبوري إلى الاعتراض عليها". ويرى أنّ "هذا الخلاف يجب أن يحتويه العبادي بأسرع وقت ويعمل على لملمته، لأنّ عدم توافق السلطتين التشريعيّة والتنفيذية سيزيد أزمات البلاد التي هي متراكمة بالأساس"، مبينا أنّه "على ما يبدو فإنّ العبادي بدأ يخسر جهات كثيرة حتى من داخل تحالفه، الأمر الذي سيضعف كثيرا من حكومته ومن سلطته على القرار السياسي".
يشار الى أنّ رئيس الوزراء حيدر العبادي لجأ أخيراً إلى "التحالف الوطني" لناحية تمرير قرارات مهمة، الأمر الذي يعرّضه إلى انتقادات كثيرة بـ"تجاوز البرلمان" والكتل السياسيّة المشاركة بالحكومة.
اقرأ أيضاً: اتهام العبادي باستخدام تهمة "الفساد" بدل "4إرهاب" لتصفية الخصوم