وفي بداية كلمته، أسف مندوب الكويت في مجلس الأمن، السفير منصور العتيبي، لـ"عدم تمكن مجلس الأمن من اعتماد البيان الصحافي الذي أعدته دولة الكويت أمس لإدانة إسرائيل".
وقال المندوب الكويتي إن "الانتهاكات الإسرائيلية ما كانت لتستمر لو كان مجلس الأمن تصدى لها"، معبراً عن دعم الكويت لـ"أي تحرك باتجاه الجمعية العامة إذا عجز مجلس الأمن عن التحرك".
واستُشهد، أمس الإثنين، ستون فلسطينياً على الأقل، وأصيب نحو 2771 آخرين، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، خلال قمعها "مليونية العودة"، شرق قطاع غزة، كما استشهد فلسطيني مساء اليوم، الثلاثاء، برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي شرقي مخيم البريج، وسط قطاع غزة، ليرتفع عدد شهداء اليوم في غزة إلى اثنين، ويرتفع العدد الإجمالي للمجزرة إلى 62 شهيداً.
وشدد العتيبي على أن نقل البعثات الدبلوماسية إلى القدس "مخالف للقرارات الدولية، ويؤجج الأوضاع"، قائلاً: "نؤكد أن القدس الشرقية هي عاصمة دولة فلسطين".
في المقابل، اختارت المندوبة الأميركية، نيكي هيلي، مهاجمة إيران، متهمة إياها بـ"تهديد استقرار أمن المنطقة"، كما هاجمت "حماس"، متهمة مجلس الأمن بـ"ممارسة الازدواجية في المعايير".
وأضافت المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة أن "النظام الإيراني دائماً يسعى إلى تغذية العنف في الشرق الأوسط"، فيما زعمت أن إسرائيل تحلّت بـ"أقصى درجات ضبط النفس" أمس، في مواجهة مسيرات العودة.
ودافعت هيلي عن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، وزعمت أنه "قرار لا يؤثر على وضعية القدس، ولا يقوّض فرص السلام، ولا قضايا الوضع النهائي"، مشيرة إلى أن "افتتاح سفارتنا في القدس كان صواباً ومدعاة للاحتفال".
واتهمت المندوبة الأميركية "حماس" بـ"التحريض على العنف قبل إعلان الولايات المتحدة عن نقل سفارتها إلى القدس". وقالت إن الحركة "تحثّ المتظاهرين على الاقتراب من السياج الفاصل بين غزة وإسرائيل".
وقالت المندوبة البريطانية لدى الأمم المتحدة، كارن بيرس، إن لندن "تدعم تحقيقاً شفافاً ومستقلاً ومفتوحاً بشأن الأحداث التي وقعت في غزة".
وطالبت المندوبة البريطانية إسرائيل بـ"ضبط النفس، طبقاً للقوانين الدولية"، مضيفة أن "بريطانيا ملتزمة بحل الدولتين، على أن تكون القدس عاصمة لهما".
وشدّدت بيرس على أن "القدس يجب أن تكون عاصمة مشتركة لدولتي إسرائيل وفلسطين"، وأن "وضعها يجب أن يتقرر بتسوية تفاوضية".
أما السفير الفلسطيني في الأمم المتحدة، رياض منصور، فتحدث عن الأوضاع الخطيرة في قطاع غزة، وقال إن "إسرائيل ترتكب الجرائم بحق المدنيين الفلسطينيين وتتعمد استخدام الأسلحة التي تصيب المدنيين، وتؤدي إلى عاهات جسدية مستدامة".
وأضاف منصور: "نجتمع اليوم في يوم محزن للشعب الفلسطيني. وندين ونستنكر المجزرة البشعة التي ارتكبتها إسرائيل، ونكرر مطالبتنا بإجراء تحقيق دولي شفاف ومستقل. الاحتلال هو المصدر الرئيسي للعنف في منطقتنا. ونقول للذين عندهم روايات مغايرة لماذا تعطلون القيام بتحقيق مستقل؟"، مشددا "إذا كان هناك عدم وضوح، كما يتم الادعاء، إذا فليكن هناك تحقيق دولي، ونعلن أننا نقبل مسبقا بنتائج أي تحقيق محايد وشفاف تحت رعاية الأمم المتحدة".
وتحدث عن مطالبة الجانب الفلسطيني مجلس الأمن بـ"حماية الشعب الفلسطيني ومحاسبة إسرائيل"، ونبه إلى أن "فلسطين وجهت مئات الرسائل والمناشدات للمجلس، لكنها لم تجد أي تجاوب".
وتحدث السفير الفلسطيني عن تعطيل الولايات المتحدة ثلاث مرات لبيانات صحافية، غير ملزمة قانونيا، في الأسابيع الأخيرة، طالبت بالقيام بتحقيقات دولية في ما يحدث في قطاع غزة.
وتحدث عن غياب العدالة الدولية عندما يتعلق الأمر بفلسطين، متسائلا "لماذا يفرض علينا أن نكون الاستثناء؟ نحن الاستثناء. ومتى سيتحرك مجلس الأمن؟ وإلى متى ستبقى المعايير المزدوجة عندما يتعلق الأمر بفلسطين؟ هم لهم الحق بالأمن ونحن لا؟".
وأوضح منصور أنه "يحق للفلسطينيين التظاهر وبكامل أفراد العائلة، بمن فيهم الأطفال". وتساءل: "لماذا مقبول أن يتظاهر الأميركيون مع أطفالهم، ولكن عندما يتظاهر الفلسطيني مع أطفاله يتهم باستخدام الأطفال كدروع بشرية؟ لماذا يحق للأميركي التظاهر مع أطفاله ولا يحق لنا؟".
وأشار إلى "ضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني"، مؤكدا أن "هذه المسؤولية تقع على عاتق المجتمع الدولي"، قبل أن يضيف "يجب أن يناقش مجلس الأمن الوثيقة التي بعثها لكم الأمين العام للأمم المتحدة حول الإمكانيات والأشكال المختلفة لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، منذ عام ونصف، لأن ذلك يقع ضمن مسؤولية مجلس الأمن، ولأن السلطة القائمة بالاحتلال تخلت عن مسؤوليتها تجاه الشعب الذي تحتله كما يجبرها القانون الدولي".
وحول نقل السفارة الأميركية إلى القدس، قال السفير الفلسطيني: "يحق لأي دولة أخذ قراراتها حول سفاراتها، ولكن ليس عندما يتعارض ذلك مع القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن، ولا يحق لأحد تحت ذريعة السيادة أن يتصرف في خرق واضح للقانون الدولي".
وحمّل المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ميلادينوف، "إسرائيل مسؤولية العنف في غزة"، مشدداً على أنه "لا بد من أن تتوقف حلقة العنف في غزة وإلا سينفجر الوضع"، مشيراً إلى أن يوم أمس، الإثنين، "كان الأكثر دموية في قطاع غزة منذ عام 2013".
ودعا ميلادينوف مجلس الأمن إلى "التنديد بأشد العبارات بالأعمال التي أدت لمقتل العشرات في غزة"، مؤكداً أنه "ليس هناك ما يبرر القتل الذي حدث في غزة"، وطالب بـ"تجنّب استهداف الأطفال في غزة".
في المقابل، قال ميلادينوف إنه "لا يجب أن تستغل حماس التظاهرات لإطلاق الصواريخ على إسرائيل". ودعا إسرائيل ومصر والسلطة الفلسطينية إلى تسهيل خروج الجرحى الفلسطينيين من القطاع.
وتحدّث عن خروج أكثر من ثلاثين ألف فلسطيني للتظاهر، ومقتل نحو 60 منهم أمس، في غزة. وقال إن "حماس والجهاد الإسلامي اعترفتا بأن عدداً من الذين قتلوا كان من أعضاء الحركتين"، مشيراً إلى أن "الوضع الإنساني صعب جداً".
ووجه ميلادينوف انتقادات إلى السلطة الفلسطينية بسبب توقفها عن دفع رواتب الموظفين في غزة بشكل جزئي منذ العام الماضي، وبشكل كامل منذ أكثر من شهر.
وطالب بـ"القيام بالتحقيق في ما يحدث في غزة"، لكنه وجّه الاتهامات إلى حركة "حماس"، مدعياً أنها "تستخدم المسيرات للدخول إلى إسرائيل".
وبدت كلمة ميلادينوف، على الرغم من حديثه عن الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، منحازة إلى الجانب الإسرائيلي.