وتجمع المحتجون قبل الموعد المحدد لانطلاق التظاهرة في الثانية والنصف بعد ظهر اليوم السبت، وفرضت قوات الأمن والشرطة الفرنسية طوقاً محكماً حول الساحة، فقطعت كل الطرق المؤدية إليها وسدت بعض مداخلها بحواجز مؤقتة، فيما قامت بتفتيش المشاركين قبل وصولهم إلى نقطة التظاهرة على المداخل المؤدية إلى ساحة الجمهورية.
واندلعت احتجاجات مناهضة للعنصرية في أنحاء العالم بعد وفاة الأميركي من أصل أفريقي جورج فلويد في 25 مايو/أيار الماضي، بعدما جثم ضابط شرطة في مدينة مينيابوليس بركبته على رقبته لنحو تسع دقائق.
وكان من المقرر أن يسير المتظاهرون باتجاه ساحة الأوبرا، إلا أن عشرات سيارات الأمن والشرطة منعت المتظاهرين من التحرك، فأعلنوا أنهم محاصرون في ساحة الجمهورية، من دون معرفة سبب ذلك.
في تلك الأثناء، دارت مفاوضات طويلة استمرت لمدة ساعة بين "لجنة الحقيقة والعدالة من أجل آداما" التي تمثلها عائلة تراوري، وبين محافظ الشرطة، لكن كل محاولات اللجنة بإقناع الشرطة والأمن بإفساح الطريق للمتظاهرين من أجل السير إلى ساحة الأوبرا باءت بالفشل.
وعقب انتهاء المفاوضات، أعلنت آسا تراوري، المتحدثة باسم اللجنة في كلمة أمام آلاف المتظاهرين، أن التظاهرة حصلت على ترخيص رسمي من قبل السلطات الفرنسية، لكن "قبل نحو ربع ساعة محافظ الشرطة قام بإلغاء الترخيص ومنعنا من التحرك من موقعنا".
وأعلنت اللجنة أن "المتظاهرين سوف يعتصمون في ساحة الجمهورية إلى يوم غد الأحد" إذا لم يتم السماح لهم بالتحرك نحو ساحة الأوبرا.
وتوجهت تراوري بالشكر للمتظاهرين وقالت "لقد لبيتم النداء، أنظروا إلى الشرطة، إنهم يرتعدون من الخوف، أنتم 150 ألف شخص هنا في هذه الساحة تصرخون ضد العنصرية وعنف الشرطة.. نحن هنا من أجل أطفالنا ومستقبلهم، من أجل كل ضحايا الشرطة، من أجل النساء ضحايا العنف، من أجل المهاجرين الذي لا يمتلكون أوراق إقامة في فرنسا.. نحنا هنا لنقول لرئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون عليك الاستماع لنا، نحن هنا لنقول كفى لكل أنواع التمييز والعنصرية والعنف".
وللمرة الأولى منذ بدء التظاهرات ضد عنف الشرطة مطلع شهر يونيو/ حزيران الحالي، شهدت ساحة الجمهورية مشاركة لافتة من النقابات وبعض جماعات "السترات الصفراء"، بالإضافة إلى جماعات حقوقية ومهاجرين وجماعات داعمة للقضية الفلسطينية، رفعت العلم الفلسطيني وشعارات مناهضة لإسرائيل.
وحاول بعض أنصار اليمين المتطرف التشويش على التظاهرة، حيث قاموا برفع لافتة ضخمة فوق أحد المباني في ساحة الجمهورية كتب عليها أن "المتظاهرون عنصريون ضد البيض"، إلا أن سكان البناء الذين أسدلت اللافتة على نوافذهم قاموا بتمزيقها ما جعل المتظاهرين يهتفون "تحية للجيران".