دي ميستورا لـ"العربي الجديد": الجهود الدولية جنبت إدلب عملية عسكرية واسعة

18 سبتمبر 2018
عبّر دي ميستورا عن تفاؤله بالتطورات الأخيرة بخصوص إدلب(Getty)
+ الخط -

رجّح المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا ألا تنفّذ عملية عسكرية واسعة النطاق في محافظة إدلب، شمالي سورية، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنه "ربما تكون هناك عمليات بمناطق محدودة".

وعبّر دي ميستورا في رده على أسئلة مراسلة "العربي الجديد"، عقب انتهاء جلسة مجلس الأمن بشأن سورية، عن تفاؤله بالتطوّرات الأخيرة والاتفاق الذي توصل إليه الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، والذي يقضي بإنشاء منطقة منزوعة السلاح داخل مناطق خفض التصعيد.

وأوضح المبعوث الأممي إلى سورية أن العملية العسكرية الواسعة على إدلب "لن تتم"، مشيراً إلى أنه "إذا عدنا في الذاكرة بعض الأيام إلى الوراء، قبل اتفاق الأمس، كنا نعتقد أن العملية العسكرية ستؤدّي إلى خسائر ونتائج كارثية على الصعيد الإنساني. والآن يبدو أن هناك أجزاء من إدلب لن تشهد عمليات عسكرية، على الأقل يبدو أننا نذهب بهذا الاتجاه".

وأضاف "يبدو أن المجهودات الدولية أتت بثمارها، ولكن هناك الكثير من العمل أمامنا. وتفاؤل نعم، إذا ما قارنا الصورة بالسابق فنحن الآن أمام وضع مختلف. هل هذا يعني أنه لن تكون هناك أي عمليات عسكرية في بعض المناطق؟ أعتقد أن هذا لن يحصل. نحن الآن أمام سيناريو يبدو من خلاله أن إدلب لن تشهد عملية عسكرية واسعة النطاق، بل ربما علميات في مناطق محدودة".

وتوقع دي ميستورا أن يحتل الشأن السوري الصدارة في أكثر من لقاء رفيع المستوى الأسبوع المقبل عند انطلاق فعاليات الجمعية العامة للأمم المتحدة رفيعة المستوى بحضور أكثر من 88 قائداً ورئيس دولة. 

وكان دي ميستورا قد دعا، في وقت سابق اليوم، جميع الأطراف إلى "الامتناع عن أي عمليات عسكرية عقب إسقاط الطائرة الروسية في سورية أمس".

وأعرب دي ميستورا، خلال جلسة خاصة عقدها مجلس الأمن حول الوضع الإنساني في سورية وآخر التطورات في المسار السياسي، عن قلقه إزاء التصعيد وإسقاط الطائرة الروسية ومقتل خمسة عشر عسكرياً روسياً، داعياً جميع الأطراف إلى "الامتناع عن أي عمليات عسكرية عقب إسقاط الطائرة الروسية في سورية أمس".

وأكدت روسيا، في وقت سابق اليوم، أنّ قوات النظام السوري أسقطت طائرة لها بعد فقدان قاعدة "حميميم" الجوية الاتصال بها، محمّلة في الوقت ذاته إسرائيل المسؤولية، ومتوعّدة تل أبيب بـ"رد مناسب"، قبل أن تستدعي السفير الإسرائيلي لديها.

وبخصوص الاتفاق الروسي التركي، قال المبعوث الأممي إن "الدبلوماسية تمكنت من تحقيق التقدم وحماية ثلاثة ملايين شخص، بمن فيهم قرابة مليون طفل"، مشيراً إلى أن هذه النتيجة "بالغة الأهمية"، وتحدث عن أمله في أن ينفذ الاتفاق بسرعة في ظل احترام كامل للقانون الدولي واحترام وحدة سورية وسلامتها.

وأوضح أنه يمكن الحديث عن "كون التقدم على الجبهة السياسية ممكناً أكثر من ذي قبل في ظل الاتفاق الذي توصل إليه بوتين وأردوغان".

وعن الحوار السياسي لفت إلى أن قرار مجلس الأمن 2254 هو القرار الذي يعتمد عليه بشكل رئيسي وأن الأوضاع على الأرض تتقلب بشكل دائم. وأضاف "ومنذ مؤتمر سوتشي عملت لتيسير إنشاء لجنة دستورية بعد مشاورات عن كثب مع إيران وتركيا وروسيا ومن مصلحة تلك الدول أن تجعل نتائج سوتشي تنجح".

وأضاف أنه تشاور مع أطراف المعارضة في سورية كذلك.

وعن الدستور لفت إلى أن "ثلث المندوبين من الحكومة وثلثاً يمثلون تشكيلة واسعة من أطراف المعارضة وثلثاً من خبراء سوريين والمجتمع المدني وأطراف مستقلة وقادة العشائر والنساء، وكل ثلث ممكن أن يتألف من خمسين فرداً. ويمكن لخمسة عشر شخصاً من كل ثلث أن يشتركوا في العمل، وممكن أن يؤدي ذلك إلى عملية جدية".

وعلى أساس هذه المعاملة ظهرت ثلاث قوائم، بحسب دي ميستورا: "الأولى بدعم من النظام السوري وروسيا، والثانية بدعم من تركيا والثالثة حددت أنا والأمم المتحدة المسؤولية والواجب في التيسير، والقائمة الثالثة تستوفي المعايير المنصوص عليها في بيان سوتشي".

وقال إن هذه القائمة يمكن أن تحظى بدعم الأمم المتحدة، وإنه حرص على إشراك سوريين من خلفيات متنوعة من داخل وخارج سورية. كذلك تقضي بتخصيص نسبة ثلاثين في المائة للنساء.

وبيّن أنه استشار ضامني عملية أستانة وقدم اقتراحات بخصوص الولاية والرئاسة واتخاذ القرار، وأعد كذلك لتقديم تشكيلة من الإجراءات التي يمكن أن تمكن السوريين من الاجتماع وبشكل مثمر.

وأضاف "وفي مطلع الشهر قلت إننا بلغنا لحظة الحقيقة ووفرت كل الفرص لمعالجة كل الأمور. وتجلّت بعض القضايا الأساسية بأن لا طعن في قائمة الحكومة أو المعارضة، ولكن خاب أملنا في أن القائمة الثالثة التي نتولى مسؤوليتها قد تم التشكيك فيها".

وقال إن القائمة الثالثة "يجب أن تكون متوازنة وينص القرار على أن الأمم المتحدة وعملية جنيف هي التي ترسم تفاصيل ومعالم المضي قدماً فيها"، مشيراً إلى أنه وجه رسالته هذه إلى جميع الأطراف المعنية في المنطقة وأن عليهم ألا يتدخّلوا بالقضايا التي من المفترض أن ترعاها الأمم المتحدة. ثم تابع "البعض سيقول سنواصل التشاور وقد تصبح التشاورات في هذه الحالة هدفاً وليس وسيلة. يريد السوريون أن يعرفوا متى ستبدأ وبالنسبة إلي فإن كل العناصر متوفرة".

ولفت دي ميستورا إلى أنه "من الضرورة كذلك الاستعداد لانتخابات تشريعية يشترك فيها كل السوريين من الداخل والخارج كما ينص عليه القرار 2254".


إجراءات احتياطية

من جهته تحدّث مارك لوكوك، ممثل الأمين العام للشؤون الإنسانية، عن زيارته الأخيرة إلى المنطقة وعبّر عن قلقه نتيجة لإمكانية شن حملة عسكرية في إدلب.

وتساءل لوكوك حول إذا ما كان الاتفاق الروسي التركي يعني أن الحملة العسكرية لن تُشنّ، وقال إنه يأمل في أن الاتفاق الذي يتم الحديث عنه لن يكون فقط على الورق وأنه سيتم تنفيذه وسيحول دون هجمة عسكرية.

ولفت إلى أن الأمم المتحدة تقوم بتخزين المساعدات مسبقاً في مخازن إدلب، تحسباً لحملة عسكرية.

وأكد أن قرارات مجلس الأمن ذات الصلة جعلت كل ذلك ممكناً. وتحدث عن أن الوضع الإنساني ما زال صعباً في مناطق مختلفة من سورية، وأشار إلى أن قوافل المساعدات لمخيم الركبان تحتاج إلى الضمانات من النظام السوري والاتحاد الروسي والأردن وأطراف أخرى للوصول إلى تلك المنطقة وتقديم المساعدات.

وأشار إلى عودة أكثر من 130 ألف شخص إلى الرقة، وأن الأوضاع على الأرض لا تسمح بالضرورة بذلك، بسبب الألغام.

وبعيد جلسة مجلس الأمن، قال لوكوك لـ"العربي الجديد"، فيما يخص الوضع الإنساني بشأن الاتفاق التركي الروسي، إن "هناك الكثير من التساؤلات حول الاتفاق، وإذا ما كان بشكل ما مرتبطاً بمدة زمنية محددة أم أنه سيشكل بداية لوضع مستقر وبشكل دائم، لكن علينا أن نتذكر أن الوضع عامة في سورية على الصعيد الإنساني حرج، على الرغم من بعض التقدم الذي شهدناه".