شكّلت قمة "حوار شانغري لا" السنوية الأمنية، والتي عقدت في سنغافورة، يوم السبت، بمشاركة وزراء دفاع ورؤساء أركان جيوش وخبراء دفاع من منطقة آسيا والمحيط الهادئ لبحث التحديات الأمنية والإقليمية المشتركة، مناسبةً لتبادل الرسائل والتحذيرات بين الولايات المتحدة والصين.
ودعا وزير الدفاع الأميركي، آشتون كارتر، إلى مزيد من التعاون العسكري مع الصين، لكنه حذرها، في المقابل، من انتهاج أي سلوك استفزازي في بحر الصين الجنوبي. وقال إن أفعال الصين في تلك المنطقة "تساهم في عزلها، في وقت تجتمع وتتواصل فيه المنطقة بأكملها"، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية.
وأكد كارتر أن استمرار عمليات البناء التي تقوم بها الصين على جزر في تلك المنطقة البحرية، والتي تطالب بها الفيليبين، سيؤدي إلى "اتخاذ إجراءات" من قبل الولايات المتحدة ودول أخرى، وسيكون له "تأثير ليس فقط على زيادة التوتر، بل أيضاً في عزل الصين".
وأضاف "إذا ما استمرت هذه الأعمال، فيمكن أن تنتهي الصين ببناء سور عظيم من العزلة الذاتية". في هذا السياق، قال كارتر إن نهج بلاده تجاه منطقة آسيا والمحيط الهادئ لا يزال يرتكز على "الالتزام والقوة والدمج"، مؤكداً أن الولايات المتحدة "ستبقى صاحبة أقوى جيش وضامنة الأمن في المنطقة لعقود مقبلة ويجب ألا يكون هناك شك في ذلك". وشرح كارتر دوافع السياسة الأميركية قائلاً إن "هذه المنطقة التي تضم ما يقرب من نصف سكان العالم ونحو نصف الاقتصاد العالمي تبقى الأكثر أهمية لأمن أميركا وازدهارها".
بموازاة هذا التحذير، وجه كارتر رسالة تعاون إلى الصين، مع تأكيده أن بلاده تريد توسيع الاتفاقيات العسكرية معها "ليس فقط للتركيز على الحد من المخاطر، بل أيضاً على التعاون العملي". وقال "يمكن لجيشينا أيضاً أن يعملا معاً، على المستوى الثنائي أو في إطار شبكة أمنية مبدئية، لمواجهة عدد من التحديات، كالإرهاب والقرصنة، في آسيا-المحيط الهادئ وحول العالم".
وعلّق نائب رئيس الوفد الصيني إلى قمة "حوار شانغري لا"، مدير مكتب الشؤون الخارجية بوزارة الدفاع الوطني الصينية، قوان يوو في، على تصريحات كارتر، معتبراً أن أي محاولات من الولايات المتحدة لعزل الصين ستبوء بالفشل. وقال للصحافيين "هذا وقت التعاون والأمن المشترك. وتحيّز الولايات المتحدة لطرف بعينه لا يحظى بموافقة العديد من الدول"، معرباً عن أمله "في أن تستمع الولايات المتحدة أيضاً لدول أخرى".
وفي ما يتعلق بالنزاع مع الفيليبين حول مسألة السيادة الكاملة على بحر الصين الجنوبي، أكد قوان أن بلاده ستتجاهل القرار الذي من المرتقب أن يصدر عن لجنة تحكيم دولية، على خلفية دعوى رفعتها الفيليبين ضد الصين أمام الأمم المتحدة بموجب الاتفاقية الدولة لقانون البحار. وقال قوان: "لأن النزاعات على الأراضي والسيادة لم تخضع للتحكيم، نعتقد أن التحكيم غير قانوني، ومن ثم، لا نشارك فيه ولا نقبله"، وفق ما نقلت عنه وكالة "أسوشيتد برس".
وكان للقادة الآسيويين الآخرين مواقفهم الرافضة للأداء الصيني في المنطقة. وقال وزير الدفاع الهندي، مانوهار باريكار، في خطابه أمام منتدى "حوار شانغري لا"، إن "كل الدول في المنطقة تحتاج لإدراك أن السلوك العدائي أو التصرفات الأحادية من أي دولة منا ستعرض للخطر الازدهار الذي نتشاركه ومعدل النمو الذي تمتعت به المنطقة على مدى العقود الماضية".
من جهته، قال وزير الدفاع الياباني جين ناكاتاني، إن طوكيو ستساعد دول جنوب شرق آسيا على بناء قدراتها الأمنية للتعامل مع ما وصفها بالتحركات الأحادية والخطيرة التي تنطوي على الإكراه في بحر الصين الجنوبي. وأضاف "نشهد في بحر الصين الجنوبي ردماً سريعاً وعلى نطاق واسع للأراضي وبناء مواقع واستخدامها لأغراض عسكرية"، معتبراً أن "ليس هناك من دولة يمكن أن تعتبر نفسها خارج هذه القضية".
ورأى وزير الدفاع الماليزي، هشام الدين حسين، أن "الشك بشأن المسار المستقبلي الذي تعتزم الصين انتهاجه في المنطقة هو السبب الرئيسي للقلق من نشوب منافسة عسكرية محتملة الآن أو في المستقبل"، وفق ما نقلت عنه وكالة "رويترز".
ويدور خلاف بين الصين والولايات المتحدة بشأن بحر الصين الجنوبي الذي يشكل منطقة استراتيجية للتجارة العالمية. وتطالب بكين بالسيادة على معظم بحر الصين الجنوبي الأمر الذي يتعارض مع مطالب دول أخرى مثل فيتنام وماليزيا وبروناي والفيليبين.