يُقبل البرلمان التونسي على سنته الأخيرة قبل إجراء الانتخابات التشريعية في خريف 2019، مُحمّلاً بتحديات ثقيلة وصراعات متجددة عطّلت العمل السياسي والتشريعي والحكومي.
ولا يفصل البرلمانيين إلا ستة أشهر على نهاية ولايتهم النيابية الأولى بعد الثورة، ومنذ المصادقة على دستور ثورة الحرية والكرامة عام 2014.
ورغم بطء أشغال البرلمان وخطواته المتثاقلة، تمكن في حصيلته التشريعية لعام 2018 من المصادقة على حزمة مشاريع قوانين تناهز 50 مشروعاً، ثلثاها من اتفاقيات القروض التي استعجلت حكومة يوسف الشاهد تمريرها لتغذية موازنة الدولة المنهكة. فيما عدا، ذلك تمكن مجلس نواب الشعب من المصادقة على قوانين كان لها أثر دولي ومجتمعي وسياسي، على غرار المصادقة على قانون الجماعات المحلية في إبريل/ نيسان الماضي، الذي يمثل دستور البلديات المنتخبة والإطار القانوني الذي ينظم أعمالها، إضافة إلى مصادقته على قانون القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، الذي اعتبره المجتمع الدولي سابقة في العالم العربي والإسلامي، إضافة لتمرير قانون التصريح بالمكاسب وتضارب المصالح ومكافحة الإثراء غير المشروع في يوليو/ تموز، الذي مثل أرضية تشريعية للحرب على الفساد.
وإن كان البرلمان قد نجح نسبياً في تمرير عدد من القوانين، أخفق في ما يتعلق بإرساء المحكمة الدستورية رغم مرور قرابة خمس سنوات على المصادقة على الدستور، بسبب تخبط الكتل الحزبية في صراع المحاصصة ومحاولات بسط النفوذ على تركيبتها.
وأما عن انتخاب الهيئات الدستورية الخمس المنصوص عليها في دستور الجمهورية الثانية، فقد عجز البرلمان كذلك عن تجديد تركيبة الهيئة العليا للانتخابات، وانتخاب رئيس جديد يعوّض رئيسها المستقيل منذ أشهر، وذلك بسبب إرهاصات الأحزاب البرلمانية ومحاولاتها اختراق الهيئة مع انطلاق السنة الانتخابية 2019.
ومع تخبط هيئة الانتخابات في أزمتها وسط ذهول البرلمانيين، لم يفلح البرلمان مع اقتراب نهاية عهده بانتخاب الهيئات الأربع الباقية، إلا أنه تمكن فقط من تمرير قانون هيئة حقوق الإنسان وقانون هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد.
وفي هذا الصدد، أوضح أمين عام حزب التيار الديمقراطي النائب غازي الشواشي، أنه "إذا لم يتم انتخاب رئيس هيئة الانتخابات وتجديد تركيبتها قبل نهاية شهر يناير/ كانون الثاني الحالي، فلن تكون هناك انتخابات تشريعية ورئاسية في موعدها، لأن الهيئة أصبحت مشلولة بشكل رسمي وتجاوزتها كل التحضيرات والاستعدادات".
ورأى الشواشي، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "هناك نيات لقبر ملف هيئة الانتخابات كما تم مع المحكمة الدستورية"، محذراً من "مسّ المسار الديمقراطي من خلال دفع بعض الأطراف إلى تأجيل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة".
وأضاف أن "مهمة البرلمان التونسي مع بداية السنة الجديدة هي حل أزمة هيئة الانتخابات، وانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، وإتمام بقية الهيئات الدستورية فيما بقي من المدة النيابية".
ومرّ عام 2018 حافلاً بالأحداث، إذ شهد البرلمان صراعات حزبية وسياسية، فضلاً عن التحول التاريخي في موازين القوى مع تغير الائتلاف الحكومي ونهاية عهد وثيقة "قرطاج"، إلى جانب تشكل توليفة حكومية جديدة ببقاء الشاهد على رأس قيادة حكومة ائتلاف "النهضة" و"المشروع" و"المبادرة" و"كتلة الائتلاف الوطني" التي تستعد لتشكيل حزب سياسي مع بداية عام 2019.