يثير تبني مجلس الأمن الدولي القرار 2334، والذي يدين الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، أسئلة عن الخطوات التالية، والمطلوب فلسطينياً، خصوصاً من السلطة ودبلوماسييها وأجهزتها الرسمية للتعاطي مع ما بعد القرار لضمان تطبيق بنوده. وتبنّت كلٌّ من فنزويلا والسنغال ونيوزيلندا وماليزيا، تقديم مشروع القرار، بدلاً من مصر، والتي سحبت تداوله في وقت سابق. وصوّت لمصلحته 14 دولة، فيما امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت، ولم تستخدم حق النقض (الفيتو). وجاء تبني القرار في وقت يراهن فيه الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، على الدبلوماسية الدولية لإجبار إسرائيل على التعامل مع حل الدولتين، في ظل نسف رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، كل المبادرات التي طرحت اعتماداً على مبدأ حل الدولتين.
ويقول عضو المجلس الثوري لحركة "فتح"، فايز أبو عيطة، لـ"العربي الجديد"، إنّ القرار جاء انسجاماً مع قرارات الشرعية الدولية وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة التي اعترفت بدولة فلسطين وناهضت الاستيطان من أجل تمكين الفلسطينيين من إقامة دولتهم. ويوضح أنّ القرار جاء ثمرةً للدبلوماسية الفلسطينية التي بُذلت من قبل عباس خلال الفترة الماضية، والتي انتزعت اعترافاً بدولة فلسطينية، تبعه العديد من الإنجازات السياسية، مبيناً أنّ القرار يعتبر ملزماً، ويجب تمديد الآليات في مختلف المحافل الدولية لمواجهة حكومة اليمين المتطرف التي يقودها نتنياهو ومواجهة الاستيطان. ويشدد على ضرورة قيام الدبلوماسية الفلسطينية باستغلال القرار في مجلس الأمن من أجل تعزيزه، واللجوء إلى المحاكم الدولية، ومحكمة العدل الدولية في لاهاي، لإلزام الاحتلال وحكومته بوقف الاستيطان، مؤكداً أنّ السلطة الفلسطينية عملت وتعمل على كسب تأييد المجتمع الدولي لخدمة القضية الفلسطينية، وهو ما تحقق في قرار مجلس الأمن.
من ناحيته، يقول عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كايد الغول، لـ"العربي الجديد"، إنه ينبغي على السلطة الفلسطينية العمل على متابعة تنفيذ القرار من خلال المؤسسات المعنية، وعدم التعامل معه كما كان التعامل مع القرارات السابقة. ويلفت إلى ضرورة العمل على ملاحقة إسرائيل، التي رفضت بشكل مباشر القرار الصادر عن مجلس الأمن، عبر مشروع قرار جديد من خلال البند السابع يلزمها باحترام القرارات والمواثيق الدولية، مشدداً على ضرورة أنّ يأتي القرار في إطار رؤية شاملة لإدارة الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، وألا يجري استغلاله من أجل العودة لطاولة المفاوضات مجدداً بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وهو ما سيجعل القرار يقتصر فقط على إدانة مقاومة الفلسطينيين. ويبين الغول أنّ المجتمع الدولي، منذ سنوات عديدة، منحاز للقضية والمواقف الفلسطينية، إلا أن استخدام الولايات المتحدة حق النقض على مدار الإدارات المتلاحقة أسهم في تعطيل المواقف الدولية المنحازة للفلسطينيين. ويعتبر القيادي في الجبهة الشعبية أن الإدارة الأميركية الحالية لم ترق لها سياسة إدارة الظهر التي اتبعها نتنياهو تجاه نصحها ونصائح مختلف الحلفاء لها خلال السنوات الماضية، وعملت على تمرير القرار من دون استخدام حق النقض ضده.
ويقول المتحدث باسم حركة حماس، حازم قاسم، لـ"العربي الجديد"، إنّ على السلطة الفلسطينية أنّ تتوقف عن طرح الموقف السياسي الضعيف الذي تنادي به، وأنّ تعمل على اعادة الاعتبار للرواية الفلسطينية الحقيقية، باعتبار شعبنا واقعاً تحت الاحتلال، وأننا حركة تحرر وطني. ويلفت إلى ضرورة وقف السلطة سياسة التنسيق الأمني، لأنّها توفر بيئة آمنة للاستيطان وتمدده، وتغول الاحتلال ضد الفلسطينيين، إضافة إلى إطلاق يد المقاومة في الضفة ووقف ملاحقة واعتقال المقاومين، والانطلاق لتقوية الجبهة الداخلية عبر مصالحة وطنية حقيقية تنهي الانقسام وتثبت الموقف الفلسطيني. واعتبر المتحدث باسم حركة الجهاد الإسلامي، داود شهاب، في بيان، أنه "بات ممكناً عزل دولة الاحتلال ومقاطعتها وملاحقتها في كل المحافل عما ارتكبته من جرائم وعدوان". وشكر كل الدول "التي وقفت إلى جانب فلسطين، وساعدت في إدانة الاحتلال".
بدوره، يلفت الكاتب والمحلل السياسي، تيسير محيسن، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ القرار 2334 يمثل سابقة من عدة نواحٍ، تتمثل في عدم استخدام الولايات المتحدة حق النقض ضد المشروع، بالإضافة إلى كونه يعطي السلطة الفلسطينية أداة جديدة من أدوات الهجوم السياسي. غير أنّ محيسن يستبعد أنّ تقوم السلطة الفلسطينية بتنفيذ مخرجات القرار، وإدخاله حيز التنفيذ العملي، في ظل تقاطعات العمل السياسي الحالي، وفي ظل قرب انتهاء ولاية الرئيس الأميركي، باراك أوباما، وتسلم دونالد ترامب منصبه. ويوضح أن الحكومة الإسرائيلية من المحتمل أن تقدم على خطوات عملية ضد السلطة الفلسطينية حال أقدمت على محاولة استغلال مخرجاته، كتقليص المساعدات ومنع تحويل أموال الضرائب لها، بالإضافة إلى قيود أمنية على المناطق التابعة للسلطة الفلسطينية.