وقالت مصادر دبلوماسية سودانية في القاهرة، لـ"العربي الجديد"، إن الجانب الإثيوبي "أبلغ الخرطوم رفضه الدعوة المصرية للاجتماع في العاصمة المصرية خشية التعرّض لضغوط، أو خروج القاهرة ببيان منفرد في حال لم يتم التوصّل إلى النتائج التي ترغب في تحقيقها".
وتمر مفاوضات سد النهضة بمنحًى خطير بالنسبة للمصريين، خصوصاً بعد فشل جولة المفاوضات الأخيرة التي استقبلتها الخرطوم مطلع الشهر الجاري، وتحميل كل من السودان وإثيوبيا مسؤولية ذلك الفشل لمصر.
وقالت المصادر السودانية ذاتها إن المسؤولين في إثيوبيا "ليسوا مستعدين لتلبية الدعوة المصرية، إلا أنهم يرحبون بالاجتماع في السودان أو في إثيوبيا، للتباحث بشأن الأزمة"، مضيفةً أن المسؤولين الإثيوبيين أعلنوا أيضاً أنهم "على استعداد لاستقبال الاجتماع، في أديس أبابا في شهر مايو/أيار المقبل، وليس في الشهر الجاري".
وكان المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية، ملس ألم، قد قال خلال مؤتمر صحافي في مقر وزارته عقب انتهاء اللقاء الأخير الذي استقبلته السودان، إن "سبب فشل مفاوضات الخرطوم هو عدم جدية الجانب المصري وعدم تعاونه، وطرحه لاتفاقية 1959 في المفاوضات". وتمنح هذه الاتفاقية، الموقعة بين السودان ومصر، القاهرة 55.5 مليارات متر مكعب سنوياً من مياه نهر النيل، بينما تحصل الخرطوم على 18.5 مليار متر مكعب.
وأضاف ألم أن "إثيوبيا تعتبر أن هذه الاتفاقية لا تعنيها. طرح تلك الاتفاقية يعتبر خطاً أحمر، ولا يمكن أن تتفاوض أديس أبابا حولها، فلا يمكن أن نتحدث عن اتفاقيات لم نكن طرفاً فيها"، مشدداً على أن "عدم جدية وعدم تعاون الجانب المصري، وطرحه اتفاقية 1959 أدى إلى عدم التوصل إلى توافق حول قرار مشترك بشأن سد النهضة بين الدول الثلاث".
لكن المتحدث باسم الخارجية المصرية، المستشار أحمد أبو زيد، نفى تلك الاتهامات التي وُجهت لبلاده بشأن وقوفها وراء تعثّر المفاوضات الأخيرة، مؤكداً أن "مصر شاركت في اجتماعات الخرطوم بكل إيجابية وبرغبة جادة للتوصل لاتفاق يكسر حالة الجمود الحالية في المسار الفني الخاص بالسد". وقال أبوزيد إن وزير الخارجية المصري، سامح شكري، وجّه دعوة لنظيريه السوداني والإثيوبي لحضور اجتماع ثانٍ يعقد في القاهرة لاستكمال المناقشات، مؤكداً أنّ "هذا يعتبر أكبر دليل على أن مصر لا يمكن أن تكون طرفاً معيقاً للوصول إلى اتفاق، مثلما تم تداوله إعلامياً".
بموازاة ذلك، أكدت مصادر دبلوماسية مصرية، لـ "العربي الجديد"، أن التحركات التي تقودها الخارجية المصرية أخيراً لدى عدد من دول حوض النيل، "تقف وراء موقف إثيوبيا الرافض للاجتماع في القاهرة"، إذ إنّ أديس أبابا تعتبر تلك التحركات موجهة ضدها، وهو ما نفته المصادر، التي ترى في المساعي المصرية "حقاً مشروعاً للدفاع عن أمنها المائي أمام التعنّت الإثيوبي"، مشيرة إلى "صعوبة الموقف المصري".
يذكر أن وزير الخارجية المصري سامح شكري، التقى وزير العلاقات الخارجية في دولة بروندي، آلان إيميه نياموتويه، خلال زيارة له للعاصمة بوجمبورا. وحرص شكري خلال الزيارة على إحاطة نظيره البوروندي بتطورات مفاوضات سد النهضة، مؤكداً أن مصر "تنخرط في تلك المفاوضات بكل جدية ومرونة، ولم ترغب في أية مرحلة في إعاقة بناء السد الذي تعلم أنه يحقق مصالح تنموية للأشقاء في إثيوبيا، وما تريد أن تحققه هو ضمان عدم الإضرار باستخداماتها من مياه النيل التي يعتمد عليها أكثر من مائة مليون مصري اعتماداً كاملاً".
بدورها، قالت سفيرة مصر لدى بوجمبورا عبير بسيوني، في تصريحات صحافية، إن زيارة شكري إلى بوروندي "مخطط لها منذ فترة"، مشددةً في الوقت ذاته أن بوروندي "تدعم الموقف المصري في قضية سد النهضة".
وبدأت إثيوبيا في عام 2012 بناء سد النهضة، في مشروع تبلغ كلفته أربعة مليارات دولار. ويثير السد، الذي يقام على النيل الأزرق، الرافد الرئيسي لنهر النيل، قلقاً بسبب احتمال تقليل حصة المياه في دول المصب.