وصل زعيم "حزب الأمة" السوداني المعارض، الصادق المهدي، اليوم الخميس، إلى السودان، وسط إجراءات أمنية مشددة، بعد غياب لنحو عامين ونصف قضاها بمنفاه الاختياري في مصر، نجح خلالها في توحيد المعارضة المسلحة وجزء من المعارضة السلمية في تحالف واحد أطلق عليه "تحالف قوى نداء السودان".
واستقبل المهدي بحفاوة من قبل أنصاره وقادة المعارضة بمطار الخرطوم، بينهم رئيس "حركة الإصلاح" المعارضة، غازي صلاح الدين.
وأرسلت "الحركة الشعبية قطاع الشمال"، التي تقاتل الحكومة في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، وفدا لوداع المهدي بالقاهرة صباح اليوم، تأكيدا للتحالف بين الطرفين.
إلى ذلك، رحب مجلس الوزراء السوداني، في جلسته اليوم، بعودة المهدي للبلاد، واعتبر الخطوة تصبّ في صالح عملية الحوار الوطني.
وتعرض صحافيون سودانيون لمضايقات أمنية عند مطار الخرطوم، إذ جرت عرقلة وصول بعضهم لتغطية استقبال المهدي، كما تعرض الصحافي بجريدة "السوداني"، عبدالباسط إدريس، للضرب والاعتقال داخل إحدى سيارات الأمن.
وفي السياق، أكمل "حزب الأمة" كافة الترتيبات للحفل الجماهيري الذي سينطلق بمناسبة وصوله بميدان الهجرة بأم درمان، الذي يمثل رمزية للحزب، إذ ينتظر أن يخاطب أنصاره وأنصار القوى المعارضة.
وكان المهدي قد غادر السودان قبل عامين ونصف عام بسبب اعتقاله مايو/أيار 2014 لنحو شهر، على خلفية انتقادات وجهها لقوات الدعم السريع (الجنجويد) المثيرة للجدل.
وفي هذا السياق، أعلنت الحكومة السودانية، في وقت سابق، عدم نيتها اعتقال الصادق المهدي، خاصة وأنه يعتبر من مهندسي "تحالف قوى نداء السودان"، الذي يضم القوى المعارضة السلمية والمسلحة.
وسبق أن أقدمت السلطات السودانية على اعتقال قادة المعارضة الذين ساهموا في ولادة "تحالف قوى نداء السودان" في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا فور وصولها الخرطوم.
وأكدت الحكومة، اليوم الخميس، أيضاً، التزامها بتأمين احتفال عودة المهدي بأم درمان.
ويرى مراقبون، أن عودة الصادق إلى السودان من شأنها أن تحرك الجمود في المشهد السياسي، لأهمية الرجل ووزنه، فضلاً عن أنها ستسهم في إحداث تحولات سياسية، تعيد حالة الاصطفاف من جديد.
في المقابل، يعتقد محللون أن "قرار المهدي بالعودة دليل على يأسه من إحداث تسوية سياسية تبدأ بتوقيع الحركات المسلحة على اتفاق وقف الأعمال العدائية، ووصولاً إلى الاتفاق على إدارة حوار شفاف، ومن ثم اصطحاب تلك الحركات معه للداخل، وهو ما كان يراهن عليه".
ويضيف مراقبون، أن عودة المهدي إلى السودان أملاها "اقتناعه بعدم جدوى المعارضة من الخارج في ظل التطورات الأخيرة، المتمثلة في التقارب السوداني الأميركي والأوروبي، فضلاً عن حدوث خلافات داخل حزبه، ومحاولة غريمه الذي سبق أن انشقّ عنه، مبارك الفاضل، ملء الفراغ السياسي الذي تركه خروجه، وتأثيرات الأخير على قادة الحزب، ونجاحه في قيادة مجموعة منهم للمشاركة في الحوار الوطني الذي انتهى أخيراً".