تبدو الأطراف الدولية الفاعلة في ليبيا مقتنعة بأن الوضع لا يزال "كارثياً"، على الرغم من التقدّم النسبي المحرز من حكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج، لبسط سلطتها وتهدئة الأوضاع الأمنية. لكن المواقف الدولية في اليومين الأخيرين، تتناقض نسبياً مع انتصارات السراج في الأيام الأخيرة، وتزيد من حدة المخاوف بشأن تباين مواقف المليشيات المسلحة، المنتشرة في طرابلس وليبيا عامة بأعداد لا حصر لها.
وكان أبرز تعبير عن المخاوف من الوضع ما ورد على لسان عدد من المسؤولين في الجلسة المغلقة، التي عقدها مجلس الأمن ليل الخميس الجمعة، وتحديداً كلام السفير الروسي في مجلس الأمن الدولي، فيتالي تشوركين، من "أنه لا يزال يتعين القيام بالكثير من العمل لدعم الحكومة الجديدة"، مضيفاً أنه "أمر جيد إحراز بعض التقدّم، لكن الوضع في البلاد بالطبع لا يزال شبه كارثي".
كلام تشوركين جاء قبل كلمة وجّهها المبعوث الأممي إلى ليبيا، مارتن كوبلر، إلى مجلس الأمن، أعلن فيها أن الوضع الأمني لا يزال هشاً. من جهته، قال السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة، فرانسوا ديلاتر، إن حكومة الوفاق لديها "فرصة تاريخية" لتهيئة الأوضاع للاستقرار ودحر الفوضى التي يستغلها داعش للانتشار". وأكد أنه "ينبغي على الليبيين التيقن من أن المجتمع الدولي يساندهم ويدعمهم في مسعاهم للاستقرار". أما السفير البريطاني ماثيو رايكروفت، فرحّب بـ"الأنباء السارة" بوجود السراج في طرابلس، وشدد على أهمية "عملية خطوة بخطوة" التي يدعمها المجتمع الدولي لتسريع إقامة حكومة ناجحة ومستقرة. وقال رايكروفت: "لا نريد لحكومة الوفاق الوطني أن تسقط قبل أن تبدأ، لذا سنعمل عن كثب مع الحكومة للتأكد من حصولها على الدعم اللازم".
والتقت هذه التقديرات مع إشارات للرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، اللذين حذرا من "تجدد الفوضى في ليبيا، التي ستؤدي إلى موجة جديدة من تدفق اللاجئين إلى أوروبا". ورأى هولاند في أعقاب اجتماع مع ميركل أن "ليبيا قد تسقط في الفوضى، مما يتيح الفرصة للمهربين لتعريض آلاف الأشخاص للخطر".
كذلك جاء طلب السفير البريطاني لدى ليبيا، بيتر ميليت، الخميس، من المجموعات المسلحة في طرابلس الانسحاب من المناطق السكنية إلى المناطق التي تحددها لجنة الترتيبات الأمنية التابعة للمجلس الرئاسي، كتعبير عن أن المخاوف لا تزال قائمة ما لم تتم السيطرة على الوضع الأمني بالكامل. وكشف ميليت، في حوار تلفزيوني، عن القيام بالترتيب مع الأمم المتحدة لمؤتمر في تونس الأسبوع المقبل، لبحث دعم حكومة الوفاق الوطني، داعياً الأطراف الليبية إلى تأييد حكومة الوفاق ونقل كامل السلطات إليها.
اقــرأ أيضاً
وتسعى الأطراف الدولية منذ ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي إلى محاولة إيجاد تسويات مع المليشيات المسلحة، التي كانت تحكم العاصمة لإيجاد ترتيبات أمنية. وكانت مصادر مطلعة قد أكدت لـ"العربي الجديد" قبيل دخول حكومة السراج إلى طرابلس، أن رئيس لجنة الترتيبات الأمنية لحكومة الوفاق، التي يترأسها عبد الرحمن الطويل، "عقد اجتماعات مع قادة الجماعات المسلحة طوال أسابيع قبيل دخول الحكومة إلى طرابلس، وتوصلت اللجنة إلى اتفاق معهم على تهدئة الأوضاع وعدم الدخول في مواجهات".
ونصّ الاتفاق، الذي كان المبعوث الأممي العسكري إلى ليبيا، باولو سيرا، جزءاً منه، على أن تعود هذه المجموعات إلى ثكناتها، ريثما يتم الفصل في مصيرها، وينتهي التباحث بشأن إدماجها في الجيش الليبي أو المؤسسات الأمنية. وكانت وكالات أنباء ليبية قد كشفت أن سيرا الذي زار طرابلس أخيراً، لديه خطة لكبح جماح المليشيات المسلحة في غرب ليبيا ووسطها، تعتمد على ما وصفته بـ"العصا والجزرة"، وتقوم على التفاهم مع قوتي الزنتان ومصراتة (الصواعق والقعقاع والحلبوص والمحجوب) وتوزيع الأدوار بينهما، وستكون السيطرة على موانئ والمنشآت النفطية في وسط ليبيا لمليشيات مصراتة، بينما سيكون دور الصواعق والقعقاع تأمين المنشآت والمصانع وآبار النفط جنوب غرب ليبيا.
وحرصت دول كثيرة، من بينها تركيا، على تحييد هذه المجموعات، وتفادي مواجهة القوات التي تتولى حماية حكومة الوفاق، وهو ما تم بنجاح إلى حد الآن، وخرج السراج في جولة على الأقدام في أحياء العاصمة للتدليل على أن الوضع آمن.
وتؤكد مصادر عدة لـ"العربي الجديد"، أن مجموعات كثيرة أعلنت تأييدها للسراج، إما بسبب اقتناعها الصادق بأن حكومة الوفاق هي الحل الوحيد، أو لأن بعضها يرى أنها مصدر القوة الجديد، المتحكم في الموارد المالية، والذي بإمكانه تجنيبها المحاسبة اذا استقر الوضع. وبعد أن قرر السراج إيقاف كل المصاريف المالية للحكومة السابقة، وبدأ ببسط سيطرته على المصارف، فإن هذه المجموعات ذات الخلفية المادية الصرفة، ستكون مجبرة على تغيير ولائها بسرعة.
وتتداخل في العاصمة كتائب ومليشيات كثيرة لا حصر لها، فهناك مليشيات "الردع" التابعة لعبد الرؤوف كاره، ومليشيات مصراتة وجنزور وكتائبها (الحلبوص والمحجوب من مصراتة وفرسان جنزور من طرابلس) والجماعة الليبية المقاتلة ومليشيات غنيوة، إضافة إلى قوة الردع الخاصة والنواصي وكتيبة أبو سليم ونواة جبهة الصمود المتألفة من قوات صلاح بادي وكتيبة التوحيد، التي يقول تقرير خبراء الأمم المتحدة إنها قريبة من الجماعات المتشددة.
وتدرك القوى الدولية أن إيجاد حلول لمعضلة المليشيات يمر حتماً عبر إيجاد حلول سياسية مع من يحركها، وإيجاد حلول مادية لبقية المليشيات التي استفادت بشكل كبير من حالة الفوضى في ليبيا وحصلت على تمويلات ضخمة. ولكن قضية الرأي العام الدولي أساساً هي تنظيم "داعش"، الذي يسيطر على مدينة سرت الساحلية، ويحاول الاقتراب من العاصمة عبر مواقع أخرى مثل مدينة صبراتة. وأفادت مواقع إخبارية ليبية، أمس الجمعة، بأن التنظيم أعلن الحرب على حكومة الوفاق، واصفاً إياها بـ"حكومة الصليبيين".
وفي السياق، أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت، أن بلاده لا تنوي شن ضربات جوية ولا إرسال قوات إلى ليبيا، لكنها قد تساعد في تأمين حكومة الوفاق. وقال في تصريح إذاعي أمس إنه "لا يجوز تكرار أخطاء الماضي، إذا كنتم تفكرون في ضربات جوية وفي قوات على الأرض، فالأمر غير وارد". وأضاف: "في حال طلب فائز السراج مساعدة دولية عندها سندرس الطلب. لكن القرار عائد له".
كلام تشوركين جاء قبل كلمة وجّهها المبعوث الأممي إلى ليبيا، مارتن كوبلر، إلى مجلس الأمن، أعلن فيها أن الوضع الأمني لا يزال هشاً. من جهته، قال السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة، فرانسوا ديلاتر، إن حكومة الوفاق لديها "فرصة تاريخية" لتهيئة الأوضاع للاستقرار ودحر الفوضى التي يستغلها داعش للانتشار". وأكد أنه "ينبغي على الليبيين التيقن من أن المجتمع الدولي يساندهم ويدعمهم في مسعاهم للاستقرار". أما السفير البريطاني ماثيو رايكروفت، فرحّب بـ"الأنباء السارة" بوجود السراج في طرابلس، وشدد على أهمية "عملية خطوة بخطوة" التي يدعمها المجتمع الدولي لتسريع إقامة حكومة ناجحة ومستقرة. وقال رايكروفت: "لا نريد لحكومة الوفاق الوطني أن تسقط قبل أن تبدأ، لذا سنعمل عن كثب مع الحكومة للتأكد من حصولها على الدعم اللازم".
والتقت هذه التقديرات مع إشارات للرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، اللذين حذرا من "تجدد الفوضى في ليبيا، التي ستؤدي إلى موجة جديدة من تدفق اللاجئين إلى أوروبا". ورأى هولاند في أعقاب اجتماع مع ميركل أن "ليبيا قد تسقط في الفوضى، مما يتيح الفرصة للمهربين لتعريض آلاف الأشخاص للخطر".
كذلك جاء طلب السفير البريطاني لدى ليبيا، بيتر ميليت، الخميس، من المجموعات المسلحة في طرابلس الانسحاب من المناطق السكنية إلى المناطق التي تحددها لجنة الترتيبات الأمنية التابعة للمجلس الرئاسي، كتعبير عن أن المخاوف لا تزال قائمة ما لم تتم السيطرة على الوضع الأمني بالكامل. وكشف ميليت، في حوار تلفزيوني، عن القيام بالترتيب مع الأمم المتحدة لمؤتمر في تونس الأسبوع المقبل، لبحث دعم حكومة الوفاق الوطني، داعياً الأطراف الليبية إلى تأييد حكومة الوفاق ونقل كامل السلطات إليها.
ونصّ الاتفاق، الذي كان المبعوث الأممي العسكري إلى ليبيا، باولو سيرا، جزءاً منه، على أن تعود هذه المجموعات إلى ثكناتها، ريثما يتم الفصل في مصيرها، وينتهي التباحث بشأن إدماجها في الجيش الليبي أو المؤسسات الأمنية. وكانت وكالات أنباء ليبية قد كشفت أن سيرا الذي زار طرابلس أخيراً، لديه خطة لكبح جماح المليشيات المسلحة في غرب ليبيا ووسطها، تعتمد على ما وصفته بـ"العصا والجزرة"، وتقوم على التفاهم مع قوتي الزنتان ومصراتة (الصواعق والقعقاع والحلبوص والمحجوب) وتوزيع الأدوار بينهما، وستكون السيطرة على موانئ والمنشآت النفطية في وسط ليبيا لمليشيات مصراتة، بينما سيكون دور الصواعق والقعقاع تأمين المنشآت والمصانع وآبار النفط جنوب غرب ليبيا.
وحرصت دول كثيرة، من بينها تركيا، على تحييد هذه المجموعات، وتفادي مواجهة القوات التي تتولى حماية حكومة الوفاق، وهو ما تم بنجاح إلى حد الآن، وخرج السراج في جولة على الأقدام في أحياء العاصمة للتدليل على أن الوضع آمن.
وتتداخل في العاصمة كتائب ومليشيات كثيرة لا حصر لها، فهناك مليشيات "الردع" التابعة لعبد الرؤوف كاره، ومليشيات مصراتة وجنزور وكتائبها (الحلبوص والمحجوب من مصراتة وفرسان جنزور من طرابلس) والجماعة الليبية المقاتلة ومليشيات غنيوة، إضافة إلى قوة الردع الخاصة والنواصي وكتيبة أبو سليم ونواة جبهة الصمود المتألفة من قوات صلاح بادي وكتيبة التوحيد، التي يقول تقرير خبراء الأمم المتحدة إنها قريبة من الجماعات المتشددة.
وتدرك القوى الدولية أن إيجاد حلول لمعضلة المليشيات يمر حتماً عبر إيجاد حلول سياسية مع من يحركها، وإيجاد حلول مادية لبقية المليشيات التي استفادت بشكل كبير من حالة الفوضى في ليبيا وحصلت على تمويلات ضخمة. ولكن قضية الرأي العام الدولي أساساً هي تنظيم "داعش"، الذي يسيطر على مدينة سرت الساحلية، ويحاول الاقتراب من العاصمة عبر مواقع أخرى مثل مدينة صبراتة. وأفادت مواقع إخبارية ليبية، أمس الجمعة، بأن التنظيم أعلن الحرب على حكومة الوفاق، واصفاً إياها بـ"حكومة الصليبيين".
وفي السياق، أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت، أن بلاده لا تنوي شن ضربات جوية ولا إرسال قوات إلى ليبيا، لكنها قد تساعد في تأمين حكومة الوفاق. وقال في تصريح إذاعي أمس إنه "لا يجوز تكرار أخطاء الماضي، إذا كنتم تفكرون في ضربات جوية وفي قوات على الأرض، فالأمر غير وارد". وأضاف: "في حال طلب فائز السراج مساعدة دولية عندها سندرس الطلب. لكن القرار عائد له".