يتجه خطاب اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر لتبرير هجومه على العاصمة طرابلس، إلى منحى جديد، بعد فشله في تسويق ذرائعه السابقة، كـ"الحرب على الإرهاب" و"القضاء على المليشيات التي تنهب أموال البلاد"، مدعيا أن "الجيش جاء من أجل حماية البلاد من التقسيم".
وشدد حفتر، خلال لقاء نشرته صحيفة "لوجورنال دو ديمانش" الفرنسية أمس السبت، على أن "خصومنا يريدون تقسيم ليبيا"، مدعيا أن قواته جاءت لمنع ذلك، مضيفا "لكن طالما أنا على قيد الحياة، فلن يحدث هذا أبدا".
وذهب اللواء الليبي في اتهاماته بعيدا، فبالإضافة إلى اتهامه لحكومة الوفاق وقواتها في طرابلس، اعتبر أن رئيس البعثة الأممية في ليبيا، غسان سلامة "يسعى إلى هذا أيضا"، مضيفا أن المبعوث الأممي "لم يكُن هكذا من قبل، لقد تغيّر وأصبح يتحدث بنفس طريقة أولئك الذين يتحدثون عن تقسيم ليبيا"، معتبرا أنه "أصبح وسيطا منحازا".
وتبعا لذلك، أكد حفتر أن هجومه على العاصمة طرابلس "من أجل العودة إلى حل سياسي"، لكنه أضاف أنه "يجب علينا أولاً إنهاء المليشيات المشكلة في طرابلس (..) ما دامت المليشيات والجماعات الإرهابية مستمرة فلا يمكن حل الأزمة. كان علينا استخدام الوسائل العسكرية لفتح طريق سياسي لم يستطع (رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق) فايز السراج، الذي تسيطر عليه هذه المليشيات، المضي فيه".
ويرى مدير المركز الليبي للبحوث والتنمية السياسية (أهلي)، عبد الرحيم بشير، أن خطاب حفتر لتبرير هجومه على العاصمة "اضطرب بشكل كبير منذ البداية"، موضحا أن "البداية كانت بتسويق مبرر "القضاء على المليشيات"، كونها تتحكم في السراج، أي في القرار السياسي، وفي الصديق الكبير، محافظ البنك المركزي، أي المال".
وتابع بشير: "ثم عندما تحدّث الإعلام عن تورط حفتر في التحالف مع عصابات مسلحة كان يصفها بالمليشيات، ومنحها لقبا عسكريا بعد انضمامها إلى حربه على طرابلس، كقوات الكاني التي سماها الآن اللواء التاسع، وقوات دعاب في غريان، عاد ليبرز مبرره القديم الجديد وهو الحرب على الإرهاب"، مشيرا إلى أن "هذه الذريعة سقطت أيضا، فأغلب مكونات قوات الحكومة مؤلفة من "البنيان المرصوص" التي تحالف معها المجتمع الدولي لطرد تنظيم "داعش" من سرت عام 2016".
واعتبر المتحدث ذاته أن "مبرر الحرب على الإرهاب لم يكن مقبولا من الأصل في طرابلس، التي تعجّ بالوفود والسفارات الأجنبية، كما أنه وقع في فخ شعاره، فحربه على العاصمة أفسحت المجال لـ"داعش" للنشاط مجددا، خاصة في الجنوب".
وطفى في الآونة الأخيرة استعمال عبارات "القوات البرقاوية الغازية" و"قوات الحشد الطرابلسي" على وسائل إعلام من الطرفين، بالإضافة إلى ظهور صور بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي يظهر فيها جنود حفتر وهم يحملون راية "إمارة برقة" بديلا عن علم الاستقلال الليبي.
ولا يعتبر المحلل السياسي الليبي عقيل الأطرش الأمر جديدا، فـ"الدعوات الفدرالية قديمة، وظهر عمل الأمازيغ قبل علم برقة، لكن الأمر لم يؤثر، فهي دعوات لا تلقى آذانا صاغية".
الأطرش أكد، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "حديث حفتر عن نفسه كحامي حمى البلاد المحافظ على وحدتها، طريقة جديدة للتسويق للحفاظ على استمرار القتال وإعطاء مسببات أخرى جديدة لحربه"، مضيفا أن "حفتر بتحذيره من التقسيم أراد أن يرسل ضمنا لليبيين وللعالم أن انسحابه يعني التقسيم، ولذا عليهم دعمه".
وأكد المتحدث أن "حديث حفتر عن التقسيم مستوى جديد من تبريراته لحربه على العاصمة، يكشف عن إفلاسه وهزيمته الداخلية قبل الهزيمة العسكرية".