عندما كان حزب "الرابطة الإسلامية"، جناح نواز شريف في باكستان، يعيش أزمات متتالية، منها الأحكام القضائية في حقّ قياداته، ولا سيما في حقّ رئيس الوزراء السابق نواز شريف، تولى الشقيق الأصغر للأخير، شهباز شريف منصب رئاسة الحزب، في وقت توقع كثيرون تعرض "الرابطة الإسلامية" لتصدعات داخلية بعد كل ما واجهه، خصوصاً أن العلاقات بين قياديين بارزين في الحزب، كوزير الداخلية السابق شودري نثار أحمد، وبين شهباز شريف لم تكن جيدة.
وكانت تواجه شهباز تحديات هائلة، منها الانتخابات التشريعية ولمّ شمل الحزب، علاوة على مواجهة الأحكام القضائية في حقّه وفي حق أخيه الأكبر نواز، وقيادات أخرى في "الرابطة".
وفي ما يبدو، لم يتمكن شهباز شريف من مواجهة جميع هذه التحديات، كما توقعت له قيادات الحزب.
أما في ما يتعلق بالانتخابات، فاشتكت معظم الأحزاب السياسية من وقوع التزوير لصالح حزب عمران خان، ما خفف قليلاً من وطأة الانتقادات داخل الحزب ضد شهباز شريف. إذ أن ما ساد داخل حزب "الرابطة الإسلامية" هو أن شهباز فشل أيضاً في تحريك أنصاره وإنجاح الحملة للحصول على أكبر قدر من المقاعد في البرلمان، في وقت كانت استطلاعات الرأي تشير إلى أن الحزب سيكون بالصدارة في الانتخابات التشريعة، وقريباً من "حركة الإنصاف".
ويتهم شهباز شريف أيضاً بأنه لم يستفد من تعاطف الناخبين بعد قرار المحكمة بسجن شقيقه نواز وابنته مريم نواز وصهره صفدر، خاصة في إقليم البنجاب، مسقط رأس الرجل، والذي شهد تطوراً كبيراً وملحوظاً في فترة حكومة نواز شريف.
كما تعتقد قيادات الحزب أن شهباز شريف لم ينجح في التعامل بطريقة مناسبة مع قضية اعتقال نواز شريف، وأنه لم يحرك أنصاره يوم عودة الأخير إلى باكستان واعتقاله على يد السلطات مع ابنته مريم، في 13 يوليو/تموز الماضي.
ولا تزال الانتقادات حادة في وجه شهباز شريف، في قضية تعامله مع الانتخابات، وقضية نواز شريف، وبسبب الخلافات الداخلية، التي يرى كثيرون بأنها تعود إلى طريقة تعامله مع قيادات الحزب.
كما أن هناك أنباء بوجود خلافات داخلية بين نواز شريف وشهباز. ويرى عمران خان، الذي سيؤدي اليمين الدستورية خلال أيام كرئيس للوزراء، أن ما يواجهه نواز شريف هو بسبب سياسات شهباز، وأن خلافاتهم الداخلية تسببت في ما يواجهه "الرابطة الإسلامية" من ملفات. وقد أشار إليه خان أكثر من مرة خلال الحملة الانتخابية.
واليوم، وبعد كل ما حصل في الانتخابات من تهم بالتزوير وفشل الأحزاب السياسية، عدا حزب عمران خان، قررت معظم تلك الأحزاب، وحتى الدينية، اتخاذ موقف موحد حيال الحكومة، وأن تشكل معارضة قوية داخل البرلمان للوقوف في وجه عمران خان.
وبعد نقاشات طويلة، توصلت تلك الأحزاب إلى أن يكون مرشح المعارضة لمنصب رئيس الوزراء من حزب "الرابطة الإسلامية". وبعد التشاور، قرر الحزب أن يكون زعيمه شهباز شريف هو المرشح لهذا المنصب، رغم إدراك الجميع بأنه لا جدوى من ورائه، إذ أن عمران خان لديه الأغلبية وهو سيكون حتماً رئيسا للوزراء، لكن ذلك مجرد إجراء سياسي للمضي قدماً في العمل الديمقراطي، كما تقول تلك الأحزاب.
من هو شهباز شريف؟
ولد شهباز شريف في 23 سبتمبر/أيلول 1951 في مدينة لاهور، من أسرة لجأت من إقليم كشمير إلى إقليم البنجاب لأغراض تجارية. وكان والده، محمد شريف، من التجار المشهورين في المنطقة. حصّل شهباز البكالوريوس في الآداب في جامعة "بنجاب ديكري كوليج" في مدينة لاهور. ثم بدأ بممارسة التجارة مع أفراد أسرته.
كان شهباز يرغب في ممارسة العمل السياسي منذ نعومة أظافره، ودخل البرلمان الإقليمي في البنجاب للمرة الأولى عام 1988. وفي عام 1990، دخل البرلمان المركزي - الجمعية الاتحادية. وفي عام 1993، وجد الطريق مرة أخرى إلى البرلمان الإقليمي، وأصبح زعيماً للمعارضة هناك.
تولى منصب رئاسة الوزراء في الحكومة الإقليمية بإقليم البنجاب ثلاث مرات. المرة الأولى كانت بين عامي 1997 و1999، وانتهت نتيجة الانقلاب العسكري الذي حصل على يد قائد الجيش آنذاك برويز مشرف، حيث تم نفيه مع أخيه نواز إلى السعودية. وعاد شهباز من السعودية عام 2007، وانتخب للمرة الثانية رئيساً للحكومة الإقليمية في البنجاب، والتي استمرت من 2008 إلى 2013. وبعدما نجح حزب نواز شريف في الانتخابات التشريعية عام 2013، أصبح شهباز شريف رئيساً لحكومة البنجاب للمرة الثالثة، وأكمل فترته قبيل الانتخابات التشريعة التي جرت في 25 من الشهر الماضي.
هكذا تمكن شهباز شريف من الحصول على مقعد في البرلمان الفدرالي، الجمعية الاتحادية، ومن هنا سيكون مرشح أحزاب المعارضة لمنصب رئيس الوزراء لتشكيل الحكومة الجديدة.