ثمّة جملة من العوامل ساعدت على صمود اتفاق استوكهولم على صعيد الجزء الخاص بوقف العمليات، من بينها التحوّل الذي حدث في الموقف الإماراتي، بعدما كانت أبوظبي في صدارة واجهة العمليات في الحديدة. هذا التحول لم ينحصر بالإعلان عن انسحاب جزئي ومدّ خيوط علاقة مع إيران، بل تجاوز ذلك إلى نقل الأزمة إلى العاصمة المؤقتة عدن. وفي الحقيقة، فإنّ واقع استمرار الاتفاق، كما تشير مختلف المعطيات، يبقى هشاً إلى أبعد حدّ، بسبب تعثّر تنفيذ الأجزاء التي كان من المقرر أن تنزع فتيل الحرب عن الأزمة وليس تأجيلها.
اللافت في السياق، هو حديث غريفيث عن اتفاق الرياض. والأخير هو أبرز تحوّل سياسي شهده اليمن في الأشهر الأخيرة، إذ أفاد المبعوث الأممي بأنّ التنفيذ لا يسير على ما يرام، وقال إنّ الاتفاق "إذا انهار، أعتقد أنها ستكون ضربة مدمرة لليمن". بصرف النظر عن الزاوية التي ينظر منها غريفيث إلى الاتفاق، كونه أصلاً لم يخرج من عباءة الجهود التي يقودها، وبكونه لم يمتلك الشجاعة ذاتها للتأكيد على أنّ اتفاق الحديدة لم يمض كما كان يأمل اليمنيون على الأقل، إلا أنّ حديثه في غاية الأهمية بالنظر إلى العقبات التي تقف في طريق الاتفاق إلى اليوم.
فبعد أكثر من 40 يوماً على اتفاق الرياض، بات واضحاً أنّ هناك جهات متضررة منه، تدفع به إلى الزاوية التي حذّر منها مبعوث الأمم المتحدة، بالحديث عن الانهيار. وليس خافياً على أحد أنّ "المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالي ومن خلفه داعميه الإماراتيين، يواصلون التصرّف في عدن كما لو أنّ الاتفاق كُتب بلغة أخرى، وليس وفق بنود وخطوات واضحة المعالم.
يجب أخذ تحذير غريفيث من انهيار الاتفاق على محمل الجدّ، والعمل للحيلولة دون تحوله إلى أرشيف المرجعيات والاتفاقيات الموقعة مع وقف التنفيذ، خصوصاً أنّ التعثّر سيلقي بظلاله على أكثر من صعيد وحتى على إمكانية نجاح دور السعودية من عدمه في عدن.