في ظل أوضاع دبلوماسية قابلة للتطور بين العراق والكويت، تنتظر بغداد اليوم الأربعاء، وصول أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، في زيارة رسمية على رأس وفد رفيع. الزيارة هي الثانية للأمير (الأولى في مارس/آذار 2012)، بعد قطيعة بين البلدين دامت لسنوات طويلة إثر غزو العراق للكويت عام 1990، وفي وقتٍ تسعى فيه بغداد لتوسيع دائرة العلاقات المشتركة، يدعو سياسيون عراقيون لتوضيح الكثير من الاتفاقيات الغامضة بين البلدين. وتأتي الزيارة تلبية لدعوة رسمية تلقاها الأمير من رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي في وقت سابق، بينما أكد مسؤولون عراقيون أنّها ستركز على الوضع الإقليمي وما تشهده المنطقة من تصعيد بين واشنطن وطهران، فضلاً عن مناقشة ملفات مشتركة بين بغداد والكويت، منها حدودية وأخرى اقتصادية.
وبحسب مسؤول عراقي رفيع، فإنّ "الصباح يصل اليوم الأربعاء على رأس وفد كويتي رفيع المستوى يضم وزراء ومستشارين تلبية لدعوة عبد المهدي الذي زار الكويت الشهر الماضي". وأضاف لـ"العربي الجديد"، أنّ "الزيارة ستكون بمثابة نقطة تحوّل في العلاقات بين البلدين وإنهاء تفاهمات سابقة على ملفات وقضايا بين العراق والكويت، إضافة إلى الخروج برؤية موحّدة حول الأزمة الحالية والتصعيد في منطقة الخليج العربي". وأشار إلى أنه "من المقرر توقيع اتفاقيات تعاون ومذكرات تفاهم، تتركز على الملاحة البحرية وترسيم الحدود المائية والبرية وملف خور عبد الله وحقول النفط المشتركة والتبادل التجاري والتعاون الأمني بين البلدين". وأكد أن "ملف الديون العراقية المستحقة لصالح الكويت يعتبر ملفاً قضائياً لا سياسياً، ضمن الخسائر التي لحقت بالكويت جراء الغزو العراقي عام 1990 للأفراد والمواطنين الكويتيين. والعراق يتفهم هذا الأمر، ولا يمكن بحثه إلا بمقدار تسريع إغلاقه بالكامل لطي هذه الصفحة نهائياً". وأشار إلى أنّ "الأمير سيلتقي رؤساء الجمهورية والبرلمان والحكومة، فضلاً عن عدد من المسؤولين العراقيين والسياسيين أيضاً".
وحول ما إذا كان الحديث في بغداد من أن أمير الكويت سينقل رسالة سعودية للعراق بعد التوتر الأخير بين البلدين على خلفية رفض بغداد بيان مؤتمر مكة الطارئ، قال إن "هذا غير صحيح والزيارة ستركز على إنهاء الملفات الخلافية والاتفاق على الدخول بمحور واحد نحو دفع المنطقة للتهدئة".
وأوضح نائب رئيس اللجنة القانونية في البرلمان العراقي، محمد الغزي، لـ"العربي الجديد"، بأن "الزيارة جرى التحضير لها منذ أيام عدة من قبل كلا الجانبين، والكويت دولة تهمنا أن تكون هناك صفحة جديدة وأخوية معها، والجميع مرحب بالزيارة". وأضاف أن "هناك مشاريع معطلة واتفاقيات لم تُفعّل إضافة إلى ملفات أخرى، كآبار النفط المشتركة وخور عبد الله، فهناك رفض عراقي للتنازل عنه، إضافة إلى ميناء الفاو الكبير، الذي يشيّده العراق في البصرة على مياه الخليج العربي". وتابع "نحن نجد أيضاً أن العراق يدفع ضريبة جرائم النظام السابق بلا ذنب منه، ونأمل أن تتم إعادة النظر بالديون المترتبة على العراق".
من جهته، كشف النائب العراقي أحمد مظهر الجبوري، الذي كان ضمن صفوف الوفد العراقي الذي زار الكويت مع عبد المهدي الشهر الماضي، أن "الزيارة ستكون بمثابة استكمال لمشوار الحراك الإيجابي بين البلدين لإنهاء جميع الخلافات". وكشف أن "الزيارة ستتمحور حول ملفين لا ثالث لهما. الأول ملف الاتفاقيات والحدود وتفعيل مؤتمر المانحين في الكويت لإعمار مدن العراق المحررة، مع تأكيد الكويتيين أن الخلل في تفعيله يعود للمسؤولين في الحكومة السابقة وتحديداً وزارة الخارجية. أما الملف الثاني فهو التصعيد بالمنطقة ونحن نشارك الكويتيين القلق، فإذا حدث شيء لن يكون أحداً في معزل منه. ونعتبر أن زيارة أمير الكويت هي الأهم سياسياً للعراق في هذه الفترة الحساسة، وستُحسم كثير من الأمور بين البلدين".
بدوره، قال عضو التيار المدني العراقي، نجم علي الشمري، لـ"العربي الجديد"، إن "حكومة نوري المالكي (2006 ــ 2014) كانت تتعامل بشكل غير عقلاني مع ملفات عراقية مختلفة، منها ملف خور عبد الله. ولا أحد يعرف التفاصيل الواضحة بالاتفاقية التي خسر العراق فيها جزءاً كبيراً من الخور، ونأمل أن تكون الزيارة نهاية الخلاف على هذا الملف تحديداً".