فتح الرئيس المصري، الراحل محمد أنور السادات؛ تم اغتياله في 6 أكتوبر/ تشرين الأول 1981، وهو يوقع على معاهدة الصلح المنفرد في 26 مارس/ آذار 1979، أبواباً واسعة للتطبيع بين مصر والاحتلال الإسرائيلي (على المستوى الرسمي).
وبغض النظر عن اعتبار بعضهم أن السادات هو أول من وضع لبنة التطبيع، إلا أنه مع مرور السنين على توقيع المعاهدة لم يصل التعاون والتنسيق بين مصر والكيان الصهيوني إلى الحد الذي وصل إليه بعد مرور 37 عاماً، في عهد الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.
كما لم يكن في مخيلة أحد قدرة إسرائيل على اختراق المجال الجوي المصري والتحليق بحرية فوق سماء سيناء، ولكن في عهد السيسي بات الأمر طبيعياً، نظراً للتنسيق والتعاون غير المسبوق بين الجانب المصري وإسرائيل.
وفاق السيسي في التطبيع مع الكيان الصهيوني ما كان يتردد حول العلاقات المصرية الإسرائيلية في عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، وبالأخص في مسألة تصدير الغاز المصري إلى الكيان الصهيوني.
وباتت واضحة، وباعتراف المسؤولين والإعلام الإسرائيلي، قوة العلاقة بين النظام الحالي والكيان الصهيوني، بما يشمل التنسيق الكبير في ما يتعلق بالأزمة في سيناء، فضلا عن ملف التعامل مع حركة المقاومة الفلسطينية "حماس".
بل إن السيسي نفسه اعترف بالتواصل المستمر هاتفيا مع رئيس وزراء الكيان الصهيوني، بنيامين نتنياهو، خلال حواره مع صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.
اقرأ أيضاً: النظام المصري وشيطنة "حماس": خدمة مجانية لإسرائيل
كما أثنى على نتنياهو، خلال لقائه مع قادة التنظيمات اليهودية الأميركية، في القاهرة، مؤكداً أنه قائد ذو قدرات قيادية عظيمة، لا تؤهله فقط لقيادة دولته وشعبه، بل هي كفيلة بأن تضمن تطور المنطقة، وتقدم العالم بأسره، على حد زعمه.
ويسعى السيسي إلى استرضاء إسرائيل بطرق شتى، خاصة أن الكيان الصهيوني أحد أكبر داعميه دولياً عقب الانقلاب على الرئيس المعزول محمد مرسي، وبالتحديد لدى الولايات المتحدة الأميركية.
وتجلت مظاهر التطبيع، وتحديداً في أزمة سيناء، في تبادل الطرفين "المصري والإسرائيلي"، التنسيق حول الأوضاع هناك، من خلال وفود رسمية سرية، لم يفصح عنها النظام الحالي ولكن الإعلام الإسرائيلي لم يجد غضاضة في إذاعة مثل تلك الأخبار.
وفي تصريح رسمي من وزير البنية التحتية الإسرائيلي، يوفال شتاينتس، أكد أن "إغراق النظام المصري الأنفاق على الحدود مع قطاع غزة جاء بطلب من تل أبيب".
وفي سياق التطبيع، كان لقاء النائب البرلماني "المفصول"، توفيق عكاشة، مع السفير الإسرائيلي في القاهرة حاييم كورين، وسط تأكيدات بأنه ما كان ليجرؤ على اتخاذ هذه الخطوة إلا بموافقة أجهزة سيادية.
وعقب الهجوم الشديد على عكاشة قرر أن يخرج عن صمته، وزعم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو من أقنع الرئيس الأميركي باراك أوباما بالاعتراف بالرئيس عبد الفتاح السيسي والانقلاب.
وأشار النائب المفصول من البرلمان إلى حضور اجتماع رسمي بناءً على دعوة رسمية وجهت له من إحدى الجهات، لمناقشة الحصار الدولي والإعلامي على العسكر بعد الانقلاب على الرئيس محمد مرسي، واقترح عليهم عكاشة اللجوء لإسرائيل، لتغيير هذا الوضع.
وأوضح أنه رغم اعتراض بعض الحاضرين في الاجتماع المشار إليه، على فكرته ووصفه بالمخرف، إلا أنه تم تنفيذها وتم التواصل مع نتنياهو، والذي ذهب في زيارة خاصة لأميركا، أقنع فيها أوباما بتغيير موقفه، والاعتراف بعبد الفتاح السيسي رئيساً لمصر.
اقرأ أيضاً: بعد حرمانه عاما.."نائب الحذاء": السادات أول من بدأ التطبيع
وما كان من السفير الإسرائيلي في القاهرة، بعد الهجوم على عكاشة، إلا تفجير مفاجأة كبيرة، من خلال التأكيد على تواصله ولقائه بعدد من المسؤولين المصريين ونواب البرلمان بخلاف عكاشة.
واستكملت مصر الرسمية تطبيع علاقاتها الدبلوماسية الرسمية بشكل كامل مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، في فبراير/ شباط الماضي، بعد تقديم السفير المصري الجديد، حازم خيرت، أوراق اعتماده لدى تل أبيب، للمرة الأولى منذ استدعاء السفير السابق في عهد الرئيس المعزول، محمد مرسي.
وامتدت دعوات التطبيع إلى المجال الرياضي المصري، حيث قال وزير الشباب والرياضة في حكومة شريف إسماعيل، خالد عبد العزيز، إنّ "مصر لا تستطيع منع إسرائيل من المشاركة في بطولة كأس العالم لكرة السلة للشباب تحت 19 سنة، والتي تقام عام 2017 في القاهرة".
وفوجئ الشارع المصري بمبادرة من قِبل النائب سيد فراج لتشكيل وفد نيابي مصري مكون من 10 نواب لزيارة الكنيست الإسرائيلي، أسوة بالسادات.
وقال فراج، خلال ندوة بصحيفة "البوابة نيوز"، المملوكة للنائب عبد الرحيم علي، أحد المقربين من النظام المصري، إنه "يجب الاستفادة من إسرائيل في كل الجوانب المتطورة التي توصلت لها، من دون النظر إلى قضية التطبيع مع الصهاينة".
اقرأ أيضاً: "قضية عكاشة" تكشف تمسك المصريين بمقاومة مفاعيل كامب ديفيد
وأضاف أن "الزيارة تستهدف بحث القضايا المتعلقة بمصر وإسرائيل، في إطار الاستفادة الشاملة من التطور الاقتصادي والتنموي في التجربة الإسرائيلية، خاصة أن الشعب المصري مسالم، ولا يرفض التطبيع بنسبة مائة في المائة"، بحسب زعمه.
وفي السياق ذاته، يخترق الطيران الحربي الإسرائيلي المجال الجوي المصري، فوق سيناء، في إطار تنسيق غير مسبوق مع النظام المصري الحالي.
ولم تكن تتصور إسرائيل إمكانية تنفيذ عمليات استطلاع وقصف لأهداف في سيناء بعد حرب أكتوبر، دون أدنى رفض من الجيش المصري، والذي بدا متجاهلاً لكل ما ينشر في الصحف العبرية، حول قصف الطائرات من دون طيار الإسرائيلية مواقع في سيناء.
وفي عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، اخترقت طائرة حربية إسرائيلية المجال الجوي المصري عبر سيناء، وما كان لمصر إلا التحذير من تكرار الأمر مرة أخرى، لكنها الآن أصبحت أمراً روتينياً معتاداً.
اقرأ أيضاً: مصر والتقارب مع إسرائيل: تطبيع رسمي بعناوين سياسية ورياضية