أثارت تحركات رئيس الوزراء اليمني في الحكومة الشرعية، أحمد عبيد بن دغر، في عدن ومحافظات الجنوب والشرق المختلفة، ومعها التصريحات التي أدلى بها بين حين وآخر، جملة من التفاعلات المعارضة والمؤيدة، ومن ثم التفسيرات التي حاولت فهم الموقف الإماراتي، من بن دغر، في ظل الأنباء التي تحدثت، عن أن الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي قابع تحت الإقامة شبه الجبرية، خارج البلاد، في ظل القيود المفروضة عليه في مسألة العودة إلى عدن.
وكان بن دغر، أثار موجة من ردود الفعل، في الأيام الأخيرة، جعلته محور انتقادات ناشطين وقيادات في الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال، في مقابل الدفاع عنه من مناصري الشرعية، عقب تحركات كان آخرها، المشاركة في مهرجان جماهيري، في محافظة أبين الجنوبية، أُقيم بمناسبة ذكرى ثورة 26 سبتمبر/أيلول 1962، التي أطاحت بالنظام الإمامي، في شمال البلاد. وبنظر المطالبين بالانفصال، فإنها مناسبة "شمالية"، غير مسموح الاحتفال بها جنوباً.
وأبين هي مسقط رأس الرئيس هادي، ومما رفع من درجة ردود الفعل والتفاعلات مع المهرجان، أنه جاء بعد تصريحات بن دغر الشهيرة، عن قرار اتخذته الشرعية يقضي بدمج القوات العسكرية التي "نشأت في ظروف معينة"، في إشارة لتلك التي نشأت حديثاً في جنوب البلاد، وتعبر عن انتماءات وولاءات مناطقية وسياسية إلى حد كبير.
وفي الشهر الماضي، توجه بن دغر، بزيارة إلى محافظة حضرموت (مركز المحافظات الشرقية)، مفتتحاً العديد من المشاريع، كما انتقل، بزيارة عقب ذلك، إلى محافظة المهرة المحاذية لها، والحدودية مع عمّان، قبل أن يعود في وقتٍ لاحق إلى عدن.
كما حضر بن دغر منذ نحو ثلاثة أشهر في عدن، متولياً افتتاح العديد من المشاريع، وظهر جنباً إلى جنب، مع قيادة القوات الإماراتية، بما في ذلك، زيارة قام بها، إلى مديرية المخا الساحلية بمحافظة تعز، والتي سيطرت عليها قوات يمنية موالية للشرعية وإماراتية بعد معارك عنيفة العام الحالي.
إزاء ذلك، برزت التساؤلات حول بن دغر، القيادي الاشتراكي سابقاً، ثم إحدى القيادات البارزة في حزب المؤتمر الشعبي العام، بقيادة الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، حتى عام 2015، ثم الشخصية التي انحازت للشرعية بعد بدء عمليات التحالف، واختاره هادي رئيساً للحكومة خلفاً لخالد بحاح في أبريل/نيسان 2016، بعد خلافات شهيرة بين الأخيرين، وكان بحاح معروفاً بقربه من الإماراتيين.
وباعتبار أن أبوظبي، هي واجهة حضور التحالف ونفوذه، في عدن وبقية محافظات الجنوب اليمني وحتى حضرموت، أُثيرت تساؤلات، عما إذا كان بن دغر الذي شدّد دائماً في تصريحاته على وحدة اليمن، ولكن بالصيغة الجديدة (الاتحادية)، بالتقسيم الفيدرالي إلى أقاليم، حصل على ضوء أخضر من الإماراتيين وبدأ بإصلاح العلاقة معهم، بعد أن كان محسوباً على الرئيس هادي، أم أنه لا يزال في دائرة لا تجد قبولاً كافياً لدى أبوظبي.
ومما رفع من وتيرة الجدل حول موقف بن دغر، الهجمة التي تعرض لها من أنصار الحراك الجنوبي والقيادات المحسوبة على الإمارات من "المجلس الانتقالي الجنوبي". كما دخل على خط الانتقادات ضد بن دغر، سلفه خالد بحاح الذي كان يشغل أيضاً منصب نائب الرئيس، والذي وصف تصريحات بن دغر (من دون أن يسميه)، بدمج القوى العسكرية بأنها "نزقة"، وقد تساعد على إعلان "مجلس عسكري جنوبي".
جاء ذلك، بالتزامن مع الأنباء المتواترة، عن ضغوط للتحالف على هادي، لمنعه من العودة إلى عدن، والبقاء في الرياض، وهو الأمر الذي اعتُبر بنظر البعض من اليمنيين بمثابة "إقامة شبه جبرية" لعدم التمكن في الشهور الأخيرة، من التواجد في عدن، "العاصمة المؤقتة" للشرعية، أغلب الفترة الماضية. أما رئيس الحكومة فوجد مساحة للتحرك في المناطق الجنوبية بالبلاد، بعد أن بقيت الشرعية، أشهراً طويلة خارج البلاد، منذ تصاعد الحرب وتدخل التحالف بقيادة السعودية في مارس/آذار 2015.