تونس: سنة برلمانية جديدة بطعم الإصلاحات الموجعة

14 أكتوبر 2016
المشهد البرلماني يشهد حركة هامة (ياسين قايدي/ الأناضول)
+ الخط -

يستقبل نواب البرلمان التونسي الدورة البرلمانية الجديدة بتوازنات جديدة وحركية هامة في المشهد البرلماني، ومن المرجح أن يواجه النواب خلال هذه الدورة مشاريع قوانين ذات خصوصية تتعلق بإعادة هيكلة اقتصاد البلاد في إطار ما يعرف بالإصلاحات الموجعة، وأخرى مرتبطة بتطبيق الدستور في مادة الحقوق والحريات، ما قد يجعل البرلمان في هذه الدورة في مواجهة مع التونسيين.


ويفتتح البرلمان، الإثنين، دورته العادية الثالثة على وقع ما جرى في جمنة بالجنوب التونسي والانقسام بشأن قضية استغلال جمعية مدنية لأرض هي ملك الدولة، لتتضاعف عائداتها مئات المرات وتستغل مداخليها في التنمية. بيد أن دعم نواب من "الجبهة الشعبية" و"التيار" و"الحراك" و"حركة الشعب" و"النهضة" لقضية جمنة سيشكل خلافاً بين المعارضة والائتلاف الحاكم، وداخل الائتلاف نفسه.

وبالتوازي مع التحديات الاقتصادية العاجلة، يواجه البرلمان أيضاً مطالبات بتفعيل الدستور بسن القوانين المرتبطة بنصوصه، لا سيما تلك المتعلقة بالحقوق والحريات والأحزاب السياسية، والجمعيات والهيئات الدستورية والتنمية المحلية واللامركزية.

هذه النصوص لم يتم إدراجها في قوانين تتلاءم مع الدستور، وسط احتجاج من منظمات المجتمع المدني التي اعتبرت أنه لا إرادة أساسية لتفعيلها، وأن هناك توجهاً للإبقاء على دستور الثورة مجرد إعلان مبادئ، من دون ترجمته لقوانين، علاوة على تأثير الخلافات الحزبية، كتلك التي  شهدها "النداء"، وكان لها أثر على عمل البرلمان.

ولن تكون "حركة النهضة" خلال الدورة البرلمانية القادمة، الحزب الأول من حيث عدد النواب، بعد أن تمكّن حزب "نداء تونس" من تدعيم صفوفه وضم نائبين. ويبلغ عدد أعضاء كتلة "النداء" 69 نائباً، لتتساوى مع "حركة النهضة"، وهو ما يؤهلها لنيل المسؤوليات ذاتها داخل مجلس الشعب.



ولا تزال كتلة "النداء" تحاول استعادة نوابها في الكتلة الوليدة عنها، وهي "الكتلة الحرة"، خاصة ممن لم يلتحقوا بعد بالحزب الذي تمثله "حركة مشروع تونس".

كما يواصل حزب "النداء" محاولاته لاستقطاب الغاضبين من حزب "الاتحاد الوطني الحر"، الذي يشهد أزمة داخلية وشكاوى من سوء التسيير وشح الموارد، إثر أنباء عن تراجع ثروة رئيس الحزب، سليم الرياحي، ومواجهته أزمة مالية. لكن قيادات من "الوطني الحر" نفت صحة الأنباء حول إمكانية انصهار كتلته ضمن كتلة "النداء"، لكن بعض "الندائيين" أكدوا استئناف المشاورات، بعد أن انقطعت منذ السنة الماضية.

أما المعارضة البرلمانية فقد أعادت ترتيب صفوفها بدورها، وأنهت مبدئيا، عهدا من التشتت اعتبرته سبباً في ضعف أدائها خلال الدورتين السابقتين.

وتضم المعارضة المؤسساتية اليوم كتلتين متقاربتين، تتصدرهما كتلة "الجبهة الشعبية"، التي حافظت على لحمتها رغم السجال الذي شهدته أخيراً، إثر قبول النائب عن حزب "الوطنيين الديمقراطيين"، المنجي الرحوي، التحاور مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد حول تقلده منصباً وزارياً، رغم موقف "الجبهة الشعبية" الرافض للمشاركة في المشاورات، وما رافق ذلك من انتقادات وردود بين نواب الجبهة، جعل محللين يتوقعون تفككها.

أما "الكتلة الديمقراطية" ضمن المعارضة فتشكلت رسميا، لتضم 12 نائباً من "التيار الديمقراطي" و"حراك تونس الإرادة" و"حركة الشعب" و"الديمقراطيين الاجتماعيين"، وانسحب نائبا "تيار المحبة" من ركبها، ويترأسها سالم لبيض عن "حركة الشعب" وينوبه في ذلك مبروك الحريزي عن "حراك تونس الإرادة".