احتدمت الاشتباكات في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوبي دمشق بين تنظيم الدولة "داعش" وجبهة النصرة، في إطار الهجوم الذي يشنه التنظيم على المخيم منذ عدة أيام، وسط أنباء عن تمكنه من السيطرة على معظم أرجاء المخيم، والذي لا يبعد سوى عدة كيلومترات عن العاصمة دمشق.
وقال ناشطون إن مقاتلي "داعش" حشدوا أسلحة ثقيلة لاقتحام حي الجاعونة، وحاصروا عناصر جبهة النصرة الذين رفضوا تسليم أنفسهم في تلك المنطقة، بينما تحاول جبهة النصرة استقدام تعزيزات لفك الحصار، وقامت بتفخيخ المنازل، وسط نزوح كبير للمدنيين من المنطقة.
وكان تنظيم "داعش" قد "أعطى الأمان" عبر مكبرات الصوت لمن تبقى من عناصر جبهة النصرة داخل المخيم لتسليم أنفسهم، لكن عناصر وقيادات جبهة النصرة طلبوا من المدنيين المغادرة، وقاموا بالمقابل بجلب عائلاتهم، ما يعني أن المواجهات ستكون شرسة للغاية، وأن القتال سيكون معركة حياة أو موت بالنسبة لجبهة النصرة، خاصة أن عناصر "داعش" أقدموا قبل يومين على اعتقال بعض عناصر النصرة بالقرب من حي القدم وقطعوا رؤوسهم وعلقوها عند مشفى فلسطين داخل المخيم.
وأسفرت الاشتباكات التي اندلعت منذ يومين عن مقتل قياديين اثنين من تنظيم الدولة وهما "أبو شادي" المسؤول العسكري لجماعة "أنصار الله" التي بايعت التنظيم و"أبو علي الصعيدي" مسؤول قطاع غرب اليرموك. وتوجه اتهامات لـ"الصعيدي" بالمسؤولية عن العديد من عمليات الاغتيال التي حصلت في المخيم سابقاً.
يذكر أن مخيم اليرموك الذي يعتبر أكبر تجمُّع للاجئين الفلسطينيين في سورية، ويعيش فيه اليوم نحو 7 آلاف شخص فقط، يعاني من حصار خانق فرضه نظام الأسد منذ أكثر من ثلاث سنوات حيث يشهد انقطاعاً كاملاً لكافة الطرق الواصلة بينه وبين المناطق المجاورة.
وتعود جذور الخلافات بين النصرة و"داعش" إلى بداية شهر مارس/ آذار المنصرم عندما شهد
وأوضح رئيس الهيئة العامة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين في الحكومة السورية المؤقتة أيمن فهمي أبو هاشم أن حالة الوفاق التي كانت بين "النصرة" و"داعش"، والتي مكنت الأخير من اجتياح المخيم في نيسان/أبريل العام الماضي، وتصفية أبرز فصيل فلسطيني موجود في المخيم آنذاك وهو "أكناف بيت المقدس" انتهت الآن، مشيراً إلى أن المعركة الحالية بينهما حاسمة، وستكتب الغلبة فيها على الأرجح لتنظيم "داعش" لأنه الأكثر عدداً وعتاداً، لكنه استبعد أن تسلم النصرة بالهزيمة مبكراً.
وأرجع أبو هاشم الصدام بين الجانبين إلى التنافس على النفوذ في المنطقة، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن تنظيم "داعش" يشنّ بالتزامن عدة هجمات على أطراف دمشق الشرقية والغربية، في إطار ما تسميه أوساط التنظيم "غزوة دمشق"، والتي تشمل جبهة المخيم في جنوب دمشق، وجبهة الضمير في شرقها، إضافة إلى جبهة القلمون، والتي تستهدف الوصول إلى الغوطة الشرقية، ما يعني التصادم مع "جيش الإسلام" القوة الرئيسية في تلك المنطقة.
ولم يستبعد أبو هاشم أن يكون للنظام السوري دور في جر تنظيم الدولة إلى مثل هذه المعارك على أبواب مفاوضات جنيف، بهدف إبراز دوره كمحارب للإرهاب الذي بات يتهدد العاصمة دمشق، فضلاً عن سعيه إلى تسعير الصدام بين تنظيم "داعش" وفصائل المعارضة التي تقاتله في محيط دمشق، بهدف إضعاف الطرفين.
وفي هذا الإطار، اشتبكت بعض المجموعات الفلسطينية داخل المخيم مع عناصر من جبهة النصرة، فيما قصفت مدفعية جيش النظام السوري مواقع لتنظيم "داعش" داخل المخيم وفي محيطه.
ويبقى المدنيون المحاصرون في المخيم منذ أكثر من ألف يوم هم الضحية الأولى لهذه الاشتباكات، حيث تسود المخيم حالة من الخوف والتوتر، وكذلك الأمر في الأحياء المجاورة، يلدا وببيلا والتضامن.
وقال ناشطون إن شوارع المخيم تحولت إلى أقسام وقطاعات تفصلها "الشوادر" لحماية المسلحين أنفسهم من رصاص القناصة، وسط تبادل القنص بين طرفي القتال، وانتشار القناصة على أسطح المنازل وقنصهم الشوارع والأزقة.