مهما كانت النتائج التي انتهت إليها زيارة رئيس الحكومة الفرنسية مانويل فالس إلى الجزائر على الصعيد السياسي والاتفاقات الموقعة بين البلدين، التي بلغت في مجملها 26 اتفاقية، فإنّ كل ما علق من مجمل الزيارة بالنسبة للجزائريين ثلاثة أشياء لم تكن لها علاقة بصلب الزيارة وأجندتها السياسية والاقتصادية، ولخصها موقف وصورة ورقم.
في منتصف نهار الأحد الماضي، كان رئيس الوزراء الفرنسي يهمّ بجولة في شوارع الجزائر العاصمة واحتساء قهوة في أحد مقاهي وسط المدينة، عندما اعترض طريقه شاب يدعى مراد، ويسكن في الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية، وقال له "سيد فالس، أنت ليس مرحب بك عندنا".
لم يكد الشاب يكمل جملته حتى كانت مجموعة من عناصر الأمن الجزائري بالزي المدني، التي ترافق رئيس الحكومة الفرنسية ووزير الداخلية الجزائرية نور الدين بدوي، تعتقل الشاب. سريعاً تحول الشاب إلى محط اهتمام مواقع التواصل الاجتماعي بعدما نجحت إحدى القنوات المحلية التي كانت بصدد تغطية جولة فالس، في تصوير كامل تفاصيل المشهد.
في منتصف نهار الأحد الماضي، كان رئيس الوزراء الفرنسي يهمّ بجولة في شوارع الجزائر العاصمة واحتساء قهوة في أحد مقاهي وسط المدينة، عندما اعترض طريقه شاب يدعى مراد، ويسكن في الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية، وقال له "سيد فالس، أنت ليس مرحب بك عندنا".
لم يكد الشاب يكمل جملته حتى كانت مجموعة من عناصر الأمن الجزائري بالزي المدني، التي ترافق رئيس الحكومة الفرنسية ووزير الداخلية الجزائرية نور الدين بدوي، تعتقل الشاب. سريعاً تحول الشاب إلى محط اهتمام مواقع التواصل الاجتماعي بعدما نجحت إحدى القنوات المحلية التي كانت بصدد تغطية جولة فالس، في تصوير كامل تفاصيل المشهد.
من جهة ثانية، فإن أكثر ما علق في ذهن الجزائريين من زيارة رئيس الحكومة الفرنسية، الصورة التي ظهر بها بوتفليقة لدى استقباله ضيفه الفرنسي. وعلى الرغم من أنّ التلفزيون الرسمي بثّ صوراً لبوتفليقة وهو يضحك مع ضيفه، إلا أن الصورة التي نشرها رئيس الحكومة الفرنسية على حسابه في موقع "تويتر" والتي أظهرت بوتفليقة بوجه شاحب وشارد الذهن كانت قاسية على الجزائريين، الذين عبّر عدد غير قليل منهم عن رفضهم لأن تكون هكذا صورة الرئيس الجزائري، واعتبروا أنها "صورة مسيئة لتاريخ الرجل والصورة السياسية للجزائر".
المشهد الثالث كان رقماً أكثر منه صورة أو موقفا، ويختصر بـ26 اتفاقية تم توقيعها خلال اجتماع اللجنة المشتركة العليا التي ترأسها رئيسا الحكومتين الجزائرية والفرنسية عبد المالك سلال ومانويل فالس. وتخصّ الاتفاقات قطاعات الصناعة والنقل بالسكك الحديدية والتعليم والعدالة والتكوين المهني، فيما تم إرجاء التوقيع على اتفاق لإنشاء مصنع ثانٍ للسيارات لشركة بيجو بعد مصنع أول قيد التشغيل لشركة رينو غربي الجزائر. وعدّ مراقبون رقم 26 اتفاقية كبيرا جداً مقارنة مع كل اللغط السياسي والإعلامي الذي سبق الزيارة، والأزمة الإعلامية التي حدثت قبل أيام من بدئها بسبب نشر صحيفة "لوموند" لصورة بوتفليقة ضمن صور رؤساء قالت إنهم هم أو مقربون منهم متورطون في فضيحة "أوراق بنما". وهو ما اعتبرته الجزائر حملة إعلامية تستهدف البلاد ومساساً غير مقبول برموزها. واستدعت الخارجية الجزائرية السفير الفرنسي في الجزائر، برنار إيمي. كما تحدثت الصحف والقنوات الموالية للسلطة عن أزمة سياسية بين البلدين.
لكن الصورة التي انتهت إليها زيارة فالس على صعيد الاتفاقيات الموقعة، تقلب الصورة وتؤكد تحليلات مراقبين، كانوا قد اعتبروا عشية الزيارة أن الأزمة الإعلامية ليست سوى مبرر تستند إليه السلطة السياسية في الجزائر لتحسين أدائها السياسي تجاه فرنسا التي تربطها بها علاقة بالغة الحساسية في شقها التاريخي على خلفية جرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر.
خارج الموقف والصورة والرقم، غطت الأزمة الإعلامية المتعلقة بمنع صحافي من "لوموند" من مرافقة فالس إلى الجزائر على الندوة الصحافية المشتركة التي عقدها رئيس الحكومة الجزائرية عبد المالك سلال مع رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس. سلال قال إنّ صحيفة "لوموند" "مسّت بشرف وهيبة إحدى أهم مؤسسات البلد بلا مبرر كون المعلومة التي تناقلتها كانت خاطئة ولا أساس لها من الصحة". وأضاف "تم المساس بأحد رموز هذا البلد وهو رئيس الجمهورية الذي يعرف بأنه كان منذ شبابه أحد أكبر المناضلين من أجل استقلال البلد". وخاض فالس في الموضوع نفسه، قائلاً إن "الأمر يتعلق بقرار للسلطات الجزائرية والرسالة قد مرّت، فلننظر الآن إلى المستقبل باحترام".
في غضون ذلك، فإن الملف المغيب في زيارة فالس إلى الجزائر كان ملف الذاكرة والتاريخ المتصل بجرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر. بكثير من الجهد السياسي تسعى الجزائر وباريس إلى طي هذا الملف وإلغائه من أجندة اللقاءات السياسية بين المسؤولين، على الرغم من استمرار مطالبات قوى سياسية ومدنية في الجزائر والتي تطالب باعتراف رسمي من فرنسا بهذه الجرائم والتعويض للضحايا. وتعتبر فرنسا أنها طوت صفحة هذا الملف بعد اعلان هولاند في زيارته إلى الجزائر في ديسمبر/كانون الأول 2012 أنّ الاستعمار كان ظلماً كبيراً سلط على الجزائريين.