طالب سياسيون تونسيون ونواب ومختصون في القانون الدستوري السلطات التونسية بحل "حزب التحرير"، والذي يتبنى فكرة "الخلافة"، مؤكدين أن وجوده وتوجهاته تتناقض مع دستور البلاد.
وفي السياق، وقّع عدد من الشخصيات على عريضة للمطالبة بحل الحزب.
وأثارت تصريحات عضو المكتب السياسي لـ"حزب التحرير"، عماد حدوق، خلال ندوة صحافية نظمها الحزب أخيراً، جدلاً واسعاً، خصوصاً بعدما تردد عن عزمهم القيام بـ"عصيان أمني" كرد فعل على ما وصفوه بالمضايقات والإجراءات التعسفية ضد أنصار الحزب.
وقال النائب عن "الجبهة الشعبية"، أيمن العلوي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الدعوات التي يطلقها قادة هذا الحزب مخالفة لقيم الحضارة ومدنية الدولة"، معتبراً أن "حزب التحرير" لا يؤمن بمسار تونس، ولا بترابها ولا برايتها الوطنية، وهو حزب يقوده فكر متطرف يعتبر تونس مكاناً للسكنى وليس وطناً".
ودعا العلوي السلطات التونسية إلى التحرك وحلّ هذا الحزب، مبيناً أن "تونس أخطات عندما منحت تأشيرة لـ"حزب التحرير" تمكنه من النشاط"، مشددا على أن "على مؤسسات الدولة وضع حد لكل حزب يخالف العمل السياسي، لأنه غير منسجم مع المسار الذي تتبعه تونس ما بعد الثورة، وللتنافس القائم على الروح السياسية بين أحزاب تنشط وتؤمن بالقانون الوضعي وبمدنية الدولة".
وقال النائب والأمين العام لـ"التيار الديمقراطي"، غازي الشواشي، لـ"العربي الجديد"، إن "الحل في التعاطي مع "حزب التحرير" يجب ألا يكون مخالفاً للقانون"، معتبراً أن "هناك عدة إشكاليات اليوم، لأن حله قد يدفع أنصاره إلى النشاط في الخفاء والظلام، وبالتالي قد تصبح المسألة أكثر تعقيداً من ذي قبل، خاصة أن "التحرير" حزب قديم ويعود تأسسيه إلى الخمسينيات، وموجود في دول عربية عديدة، وبالتالي فإن التعامل مع هذا الملف شائك".
ووصف الشواشي الدعوات الأخيرة التي أطلقها الحزب في مؤتمره الإعلامي بـ"غير المسؤولة"، معتبرا أن "الحزب لا يؤمن بالانتخابات ولا بالدستور، وأن حصوله على الترخيص جاء في ظروف خاصة بعد الثورة، وبالتالي فمن المفروض أن يطبق عليه القانون المنظم للحياة السياسية، وفي الوقت نفسه ينبغي عدم الاعتداء على حرية التنظم والنشاط".
وقال أستاذ القانون الدستوري، أمين محفوظ، لـ"العربي الجديد"، إن "مرسوم الأحزاب الذي صدر في 2011 يسمح لرئيس الحكومة بالقيام بدعوة لحل حزب ما، خاصة إذا تبين، من خلالل تصريحات المنتمين إليه ومن شعاراته وأدبياته، أنه لا يؤمن بالديمقراطية ولا بالدولة التونسية، وأن نشاطه معاد للجمهورية ولمؤسسات الدولة، وبالتالي فإن آلية الحل آلية معمول بها في الأنظمة الديمقراطية التي يجب أن تحمي نفسها".
وذكر محفوظ أن "المحكمة الدستورية في ألمانيا مثلا قامت بحل الحزب الشيوعي، والنازيين الجدد، على أساس أن هذه الأحزاب لا تحترم دستور 1949"، مشيرا إلى أنّ "تونس ما بعد الثورة تقوم على احترام الحريات، ولكن هناك آليات قانونية للحماية، ومنها القضاء الذي يحمي الدستور والنظم الديمقراطية".
من جهته، قال عضو "حزب التحرير"، محمد ياسين بن صميدة، إنّ "الحزب بصدد تقييم هذه الدعوات"، مبينا أن لديهم ملاحظات على بعض المنادين بحل الحزب وممن وقعوا العريضة، مبرزا أن "عدداً منهم ينتمون إلى حزب "التجمع" المنحل، وهؤلاء هم من ثار عليهم الشعب التونسي"، مبينا أن "جزءا آخر لديه عداء أيديولوجي لـ"حزب التحرير"، وبالتالي فإن العريضة لا قيمة سياسية ولا وزن لها".
وأضاف بن صميدة، لـ"العربي الجديد"، أنّ "من لديه مؤاخذات على "حزب التحرير" بإمكانه التوجه إلى القضاء، والذي سبق أن أنصفنا في مناسبتين، ولكن الدولة لم تلتزم بتلك الأحكام، ويبقى التساؤل: هل تعترف الدولة بمؤسساتها القضائية أم لا؟".
وأوضح عضو "حزب التحرير" أنّه "تم تأويل الندوة الصحافية للحزب وإخراجها من سياقها بحثا عن الإثارة، خاصة ما تعلق بالأمن"، مبينا أن "المقصود أن أي مخالفة يقوم بها الأمنيون تجاه أنصار الحزب سيتم مواجهتها بالقانون".
وأشار إلى أن "الحزب تطرق، أيضا، إلى الإرهابيين العائدين من بؤر التوتر"، مبينا أن "كل من قتل وسفك الدماء فهو إرهابي، ولا يمكن المزايدة على "حزب التحرير" في هذه المسألة، ولكن الموضوع أعمق من ملف العائدين، ويتعلق باتفاقية قامت بها تونس مع الاتحاد الأوروبي لإعادة الإرهابيين واللاجئين والمهاجرين، وهو جوهر الموضوع، وليست تلك القضايا المفتعلة".