نبيه برّي يرعى مصالحات في لبنان لإنقاذ المركب من الغرق

بيروت
ريتا الجمّال (العربي الجديد)
ريتا الجمّال
صحافية لبنانية. مراسلة العربي الجديد في بيروت.
16 يونيو 2020
823FEE70-7AE8-4A4B-8610-475A318DE3FC
+ الخط -
في ظل اشتداد الأزمة بالساحة اللبنانية، يستعدّ الرئيس اللبناني، ميشال عون، لدعوة رؤساء الحكومات السابقين ورؤساء الكتل النيابية إلى طاولة حوار في قصر بعبدا بتاريخ 25 يونيو/ حزيران الجاري من أجل بحث الأوضاع الراهنة والتركيز على وحدة الصف.

وأوردت وكالة الأنباء اللبنانية أن عون اتخذ الخطوة بعد التشاور مع رئيس الحكومة، حسان دياب، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يخوض المباحثات ويقود المصالحات شخصياً بحدّ يضمن فيه تأمين حضور مختلف القوى السياسية. ويعول بري على قربه من الأفرقاء السياسيين وأصحاب القرار على مستوى الأحزاب السياسية، تفادياً لتكرار تجربة "اللقاء الوطني المالي" الذي عقد في السادس من مايو/ أيار الماضي بدعوة من عون، والذي اقتصر الحضور فيه على قوى "الثامن من آذار" باستثناء رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية.

وخرق رئيس "حزب القوات اللبنانية" سمير جعجع مقاطعة "قوى الرابع عشر من آذار" بحضوره اجتماع بعبدا شخصياً وكان أول المعلنين عن المشاركة رئيس "تيار المستقبل" النائب سعد الحريري.
هذا الحوار يضعه النائب السابق فارس سعيد في خانة "التكرار" ومحاولات السلطة وعلى رأسها الرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة حسان دياب المستمرة لتأمين احتضان سياسي وشعبي لها، لكنه يعتبر في اتصال مع "العربي الجديد" أنّ الدعوة الصادقة والتي تصب في صالح الوطن تكون من خلال المقاطعة، لأن السلطة الحالية مدعومة من "حزب الله" وتنفذ أجنداته وليس مصلحة اللبنانيين.
ويتوقع سعيد تسجيل غياب عدد من الأفرقاء السياسيين في حوار بعبدا على الرغم من أن رئيس مجلس النواب، نبيه بري، تحول الى نقطة ارتكاز لهذا النظام بشكل أصبحنا أمام مشهدين "بيّ الكلّ" (شعار "أب الجميع" الذي يرفعه عون) في قصر بعبدا و"راعي مصالحات الكلّ" (وساطات بري) في عين التينة.
وبحسب معلومات "العربي الجديد" فإنّ رؤساء الكتل النيابية يدرسون بتأنٍ موقفهم بشأن حوار بعبدا، قبل إعلانه رسمياً، في حين يبحث "حزب القوات اللبنانية" برئاسة سمير جعجع موضوع مشاركته في الحوار المنوي عقده بعدما خرق لوحده جلسة بعبدا الأخيرة، والتي على حدّ قول أوساط من حزبه "لم تأتِ بأي نتيجة ولم تكن مشجعة". ويدرس جعجع خياره جيداً هذه المرّة، تماماً كما يفعل رئيس "حزب الكتائب" النائب سامي الجميل الذي قاطع بدوره جلسة بعبدا مطلع شهر مايو/ أيار.
وبرزت تطورات كثيرة على صعيد الجولات السياسية التي يعد بري الرابط الأساسي فيها، أحدثها أمس الاثنين مع رعايته في مقره في عين التينة ببيروت لقاء المصالحة بين رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط ورئيس "الحزب الديمقراطي اللبناني" النائب طلال أرسلان، والذي انتهى بالإعلان عن "تشكيل لجنة لمناقشة كل القضايا الخلافية المتعلقة بشؤون الطائفة الدرزية"، وفق ما أكده النائب علي حسن خليل الذي ينتمي إلى "حركة أمل" برئاسة بري.

واستكمل بري لقاءاته اليوم مع رئيس الحكومة السابق، سعد الحريري، حيث جرى عرض للأوضاع العامة وآخر المستجدات، وتم الاتفاق على ألا أولوية تتقدم على أولوية حفظ السلم الأهلي وضرورة "تكثيف المساعي لوأد أي محاولة تريد أخذ البلد نحو منزلقات الفتنة"، مع إدانة التخريب الذي يطاول الممتلكات، والمقدسات.

وأكد مستشار الحريري، نديم المنلا، لـ "العربي الجديد" أنّ "كتلة المستقبل" النيابية ستدرس في اجتماع لها اليوم مبادرة عون للحوار الوطني الذي سيعقد في قصر بعبدا وستتخذ موقفها منه بعد بحث المعطيات والمواضيع التي سيتم التطرق إليها.

بدوره، قال نائب رئيس مجلس النواب، إيلي فرزلي لـ "العربي الجديد" إنّ "هناك تحديات داخلية وخارجية تحتم علينا استنفار الإرادة الوطنية الجامعة لمواجهة الأخطار الآنية والقادمة على لبنان، من هنا فإنّ ما يميّز طاولة الحوار التي ستعقد في قصر بعبدا عن سابقاتها هو حجم المخاطر التي تستهدف البلاد وجديتها خصوصاً أننا جمعياً على مركب واحدٍ وغرقه يعني غرق الكلّ من دون استثناء".
ولفت فرزلي إلى أنّ "المشاركة يجب أن تكون شاملة ومن لا يحضر عليه أن يتحمّل مسؤولية قراره علماً أنّ المقاطعة اليوم لا تصب في صالح لبنان"، معتبراً أن "خلاص البلد مرتبط بالوحدة الوطنية التي تحتم على الجميع وضع خلافاتهم جانباً. وهنا دور الرئيس بري في تقريب المسافات".


وقال مصدر مطلع على الترتيبات لعقد حوار بعبدا لـ"العربي الجديد"، رافضاً الكشف عن هويته، إن بري يعمل بشكل متواصل على إقناع رئيس "تيار المردة"، سليمان فرنجية، بحضور اللقاء الوطني شخصياً منعاً لتسجيل خرق على مستوى قوى "8 آذار" ولتقوية صفوف المحور السياسي الاستراتيجي على طاولة بعبدا.

الأمر نفسه يؤكد عليه أيضاً أمين عام "حزب الله"، حسن نصر الله، الذي يطل مساء اليوم للتطرق الى المستجدات السياسية والتطورات الأمنية، وكذا التداعيات المحتملة لدخول "قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين" حيز التنفيذ غداً الأربعاء.
من جهته، قال رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة لـ"العربي الجديد" إنّ الحوار ضروري في كل الأوقات وعندما توجه إليه الدعوة سيبحث موضوع المشاركة أو عدمها. وأضاف أن "أي حوار يحتاج في المقابل إلى تحقيق المقررات التي تصدر عنه والنتائج المرجوة منه وتجارب الماضي ليست مشجعة في هذا الإطار".
وقال كذلك "أنا من رؤساء الحكومات السابقين الذين عايشوا الحوار والإصلاح ودائماً كان هناك استعصاء أي عدم رغبة بالإصلاح منذ التسعينيات وحتى يومنا هذا، لأن الإرادة لم تكن موجودة لا بل كان هناك نوايا مقصودة بعدم إجراء أي إصلاح والدليل استمرار مشكلة الكهرباء والعجز الحاصل في القطاع".
واستحضر في هذا الصدد كذلك "إرجاء التشكيلات القضائية بعد ردها من رئيس الجمهورية الى رئيس الحكومة وإحباط مؤتمرات باريس 1 و2 و3 التي كانت مخصصة لدعم لبنان مالياً واقتصادياً وها نحن نتفاوض مع صندوق النقد الدولي بينما الإصلاح بيدنا وحدنا ولا تقدم يسجل على هذا المستوى".
أمين سرّ "اللقاء الديمقراطي" النائب هادي أبو الحسن (من الحزب التقدمي الاشتراكي) قال إن التحضيرات تجري لعقد لقاء بعبدا بعدما وصلت البلاد إلى أزمة خطيرة جداً على المستوى الاقتصادي والأمني والاجتماعي في ظل غياب أفق الحل وتحديداً السياسي في المدى المنظور،
وأضاف في تصريح له "من هنا على كلّ القوى السياسية من دون استثناء أن تضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار وتتنازل عن مكتسباتها ومصالحها لإنقاذ لبنان والبدء بإصلاحات جدية ولا سيما على صعيد الاتصالات والكهرباء وإقفال المعابر غير الشرعية (يسيطر عليها "حزب الله" وينفذ من خلالها عمليات التهريب لصالح النظام السوري) وإلا فلن يتجاوب صندوق النقد الدولي لمساعدة لبنان مادياً".


ومضى قائلا "في غياب المساعدات يصبح لبنان أمام كارثة حقيقية يصعب الخروج منها. لذلك فإنّ هذه المرحلة تتطلب قراراً وطنياً لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تضامن وطني جامع". أما النائب في "كتلة الوسط"، علي درويش فرحب في حديثه لـ "العربي الجديد": "بأي حوار جامع يصب في صالح لبنان، ويخفف من التوترات السياسية وتلك الأمنية ويحتم علينا وضع خلافاتنا جانباً وإن كانت وجهات النظر مختلفة في طريقة مقاربة الملفات السياسية على الساحة اللبنانية".

ذات صلة

الصورة
دبابة إسرائيلية على حدود لبنان من جهة الناقورة، 13 أكتوبر 2024 (Getty)

سياسة

اشتدت حدة المواجهات البرية بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان مع دخول المعارك شهرها الأول من دون أن تتمكن إسرائيل من إحكام السيطرة.
الصورة
قصف إسرائيلي في محيط قلعة بعلبك الأثرية، 21 أكتوبر 2024 (نضال صلح/فرانس برس)

سياسة

انضمّت مدينة بعلبك إلى الأهداف الإسرائيلية الجديدة في العدوان الموسَّع على لبنان تنفيذاً لسياسة الأرض المحروقة ومخطّط التدمير والتهجير الممنهج.
الصورة
نعيم قاسم في كلمة له أثناء تشييع قيادي في حزب الله ببيروت، 22 سبتمبر 2024 (فرانس برس)

سياسة

أعلن حزب الله اليوم الثلاثاء انتخاب نعيم قاسم أميناً عاماً له خلفاً لحسن نصر الله الذي استشهد في 27 سبتمبر/أيلول الماضي بغارة إسرائيلية.
الصورة
أنشطة ترفيهية للأطفال النازحين إلى طرابلس (العربي الجديد)

مجتمع

أطلقت منظمات وجمعيات أهلية في مدينة طرابلس اللبنانية مبادرات للتعاطي مع تبعات موجة النزوح الكبيرة التي شهدتها المدينة خلال الفترة الأخيرة.