في 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حلّت الذكرى السنوية الثانية لمجزرة مسجد الروضة بمحافظة شمال سيناء المصرية، التي راح ضحيتها 305 قتلى، بينهم 27 طفلاً، وأُصيب أكثر من 120 آخرين، وعلى الرغم من وقوع الفاجعة في عام 2017، إلا أن الدولة المصرية لم تكشف عن نتائج تحقيقاتها حتى الآن، خصوصاً أن تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش" النشط في سيناء لم يتبنّ الجريمة، على غير عادته، ما يزيد تعقيدات المشهد والتساؤل عن مرتكب المجزرة، إلا أن الإجابة قد تبدو سهلة من وجهة الكثيرين في حين جرى البحث عن المستفيد من وقوعها. وكان مسلحون مجهولون اقتحموا مسجد الروضة الذي يؤمّه أتباع إحدى الطريقة الصوفية، قرب مدينة بئر العبد قبل عامين خلال أداء مئات المواطنين لصلاة الجمعة، وفتح المسلحون النار على المصلين من كافة الاتجاهات، ما أدى لمقتل غالبية مَن كانوا في المسجد، فيما أحرق المسلحون السيارات المصفوفة بساحة المسجد، وانسحبوا، من دون أن يصاب أي منهم بأذى. في المقابل، لم تصل قوات الجيش إلى المكان إلا بعد وقت طويل من وقوع الحادثة، رغم أن الهجوم وقع في وضح النهار وبالقرب من الطريق الدولي الذي يضم عشرات المواقع والثكنات العسكرية التابعة للجيش، لتبقى الحادثة الأكثر دموية وبشاعة في تاريخ مصر معلقة ضد مجهول.
ويضيف الشيخ أن قضية مجزرة الروضة تكاد تنسى مع مرور السنوات، إذ إن الذكرى السنوية الأولى شهدت حركة وفود وفعاليات في القرية، في حين أن الذكرى الثانية غابت عنها الفعاليات وغاب الزوار عن القرية، ما يشير إلى أن اهتمام الدولة المصرية ومؤسساتها بالقضية بدأ يتلاشى، رغم أن الحزن لا يزال يسيطر على بيوت القرية.
ويوضح أن سكان القرية يتخوفون من سحب الدولة المصرية لما قدمته من تسهيلات ومساعدات لأهالي القرية خلال الفترة المقبلة، بعد نسيان القضية وضحاياها، التي كان آخرها إغلاق بريد قرية الروضة بعد سرقته، ما اضطر أسر الضحايا للاتجاه نحو مركز مدينة بئر العبد لتسلّم المخصصات المالية التي تصرف كإعانات من الجهات الحكومية بمبالغ زهيدة وبصورة دورية.
من جهته، قال مسؤول حكومي في محافظة شمال سيناء لـ"العربي الجديد" إن الاهتمام الذي ساد في بدايات وقوع المجزرة بات جزءاً من الماضي، في ظل الانشغال الحكومي في المحافظة وخارجها بملفات أخرى، رغم أن القضايا المطروحة على الطاولة حالياً لا تُذكر أمام حجم قضية مجزرة الروضة. فالاهتمام بقضايا دون أخرى وبأوقات محددة يعود إلى قرارات عليا تتحكم في المشهد في سيناء عن كثب، ومرد كل هذا الاهتمام وتحديد وجهته يعود إلى الجهات الأمنية بالدرجة الأولى؛ باعتبار سيناء منطقة عسكرية تتحكم بها قيادة عمليات الجيش المصري، ووزارة الداخلية، لا محافظة شمال سيناء التي يقتصر عملها على تنفيذ التوجيهات الصادرة عن الجهات الأمنية والعسكرية.
وأضاف المسؤول الحكومي أن الدولة المصرية ترى أنها قدمت المطلوب منها على صعيد دعم عائلات الضحايا بالمخصصات المالية، وتحسين الوضع المعيشي للقرية وتحسين البنى التحتية فيها، وتركيز الحديث الإعلامي على المجزرة عند وقوعها، وكذلك في الذكرى السنوية الأولى، في حين أن الذكرى السنوية الثانية تأتي في ظل انشغال محافظة شمال سيناء بتبعات العملية العسكرية الشاملة التي خاضها الجيش في أعقاب المجزرة. وأوضح أن قضية مجزرة الروضة باتت شيئاً من الماضي من وجهة نظر الدولة ومؤسساتها، إلا في حال تم تحريك الملف مجدداً، ولا يخاطر أحد في تفعيل القضية سوى أهالي الضحايا، والمكلومين نتيجة المجزرة، والذين قد يتعرضون لرد فعل سلبي من الدولة المصرية تصل إلى حد العقاب.