قمة أوروبية غير رسمية اليوم: بحث التحديات والمستقبل

بروكسل

لبيب فهمي

avata
لبيب فهمي
09 مايو 2019
89649FD4-1C21-43C5-A669-DFFB2177E212
+ الخط -
يعقد قادة الاتحاد الأوروبي، اليوم الخميس، والذي يصادف "يوم أوروبا"، قمة غير رسمية في مدينة سيبيو في رومانيا، بغياب رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي. وتهدف القمة إلى التطرّق إلى مستقبل الاتحاد الأوروبي في السنوات المقبلة، من خلال اعتماد بيان يحمل عشر نقاط تحدد اتجاه القارة العجوز المستقبلي.
وتأتي القمة في وقت يستمرّ فيه السجال بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وسط تعثّر التوصّل إلى اتفاق بهذا الشأن، لا سيما بعد تراجع فرص الوصول إلى تفاهم بين حزبي "العمال" و"المحافظين" حول صفقة الخروج، في ظلّ اعتقاد لدى الحزب المعارض بأنّ الموقف الحكومي لم يتغيّر. كما تأتي القمة قبل نحو أسبوعين من انتخابات البرلمان الأوروبي التي تشهد محاولة من اليمين بمختلف أطيافه للهيمنة عليه، الأمر الذي يحذر خبراء من تداعياته المستقبلية، ليس فقط على البرلمان، بل على الاتحاد ككل، لا سيما أنّ أحزاب اليمين المتطرف تحاول توظيف المرحلة الصعبة التي تمرّ بها المنظمة الأوروبية في السنوات الأخيرة، لصالح التغلغل على نحو أكبر فيها، تمهيداً لمحاولة فرض رؤاها بما في ذلك تقليص صلاحيات الاتحاد ومؤسساته والتي تأتي على حساب سلطات دول الاتحاد. كذلك، تتزامن القمة مع اتساع الفجوة بين الرؤيتين الأوروبية والأميركية حول كيفية التعاون ضمن النظام العالمي الذي بات يتسم بعدم اليقين والفوضى، نتيجة قرارات إدارة الرئيس دونالد ترامب، بما في ذلك الأزمة التي تسبب بها قبل عام عندما قرّر الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، والتي تصاعدت فصولها، أمس الأربعاء، بعد بدء إيران التخلي عن بعض تعهداتها الواردة في الاتفاق.


قمة قصيرة
وينتظر أن يبدأ الاجتماع القصير اليوم بجلسة عمل يترأسها رئيس البرلمان المنتهية ولايته، الإيطالي أنطونيو تاجاني، كمناسبة للإشادة بعمل أعضاء البرلمان الأوروبي، وذلك مع اقتراب موعد انتخابات البرلمان الجديد المقررة في الفترة ما بين 23 و26 مايو/ أيار الحالي. ويلي ذلك لقاء مخصص لدور أوروبا في العالم مع جلسة عمل مكرسة "للتحديات الداخلية" التي تواجه القارة.
هذه الساعات القليلة التي يجتمع فيها قادة الاتحاد، لن تخصص لاتخاذ أي قرارات، بل ستكون فقط لتبادل القادة الأوروبيين الآراء حول تحديات الاتحاد الأوروبي وأولوياته للسنوات المقبلة. وفي السياق، يقول الخبير في الشؤون الأوروبية، لورنزو كونسولي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ البرنامج الحالي للاتحاد تم اعتماده في يونيو/ حزيران 2014 من قبل المجلس الأوروبي، وبلغ ذروته من خلال الأولويات السياسية للمفوضية الأوروبية التي يرأسها جان كلود يونكر. وكان البرنامج قد ركّز على أولويات تخصّ الملفات الأكثر أهمية بالنسبة للأوروبيين وهي: التمكين من الوظائف، النمو والاستثمار، تعزيز العدالة الاجتماعية، إدارة الهجرة، تخفيف تهديدات الأمن، إطلاق إمكانات التحول الرقمي، الطاقة، منح الاتحاد الأوروبي دوراً عالمياً أقوى، وتعزيز الشفافية والشرعية الديمقراطية.
وبعد خمس سنوات، أسفرت الجهود المبذولة لتحقيق هذه الأولويات عن نتائج ملموسة لدى المواطنين، بحسب مكتب المفوضية الأوروبية، على الرغم من العديد من المشاكل غير المتوقعة التي ما زالت تفرض تحديات خطيرة على الاتحاد.
ودافع يونكر أخيراً عن أدائه، قائلاً "خلال السنوات الخمس الماضية، عملت بلا كلل للحفاظ على الوعود التي قطعناها على أنفسنا. أعتقد أننا في بعض الملفات تجاوزنا التوقعات، وفي مواضيع أخرى، لم يكن الأمر كذلك. ومع ذلك، ما زلت مقتنعاً بأنّ عملنا يركز دائماً على المجالات الأكثر أهمية". وأكّد أنه "يجب أن نكون أكثر طموحاً وتصميماً من أي وقت مضى".


وبحسب كونسولي، فإنه "لن يتم تحديد أي أولويات بالفعل خلال هذه القمة غير الرسمية. إذ لا يمكن تحديد الأولويات السياسية من دون مراعاة نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي التي ستجرى في نهاية الشهر الحالي". ويوضح الخبير في الشؤون الأوروبية أنه "سيتم تحديد التوجهات المستقبلية من خلال الأجندة الاستراتيجية، التي سيتبناها المجلس الأوروبي رسمياً في القمة الأوروبية في 20 و21 يونيو/ حزيران المقبل بعد الانتخابات الأوروبية".
ويلفت كونسولي إلى أنّه "من بين الملفات العديدة المطروحة للنقاش: إصلاح الاتحاد النقدي الأوروبي الخاص بمنطقة اليورو، التغير المناخي، وهي نقطة رئيسية نظراً لاهتمام المواطنين بها، وكذلك الهجرة والمنافسة. أما على المستوى الخارجي، فالنقطة الرئيسية تتعلق بالتجارة". وقد تم إعداد مسودة بيان حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، لاعتمادها، وهي تضمّ عشرة مبادئ تسعى إلى تخفيف التوترات ومواجهة إغراءات أوروبا ذات السرعتين (توجّه لتكتلات داخل التكتل الأوروبي)، إذ يؤكد القادة الـ 27 مجدداً على رغبتهم في الوحدة والتضامن، بقولهم "نريد الدفاع عن أوروبا موحدة - من الغرب إلى الشرق، من الشمال إلى الجنوب". وبالنسبة إليهم "لا يوجد مجال للانقسامات التي تعمل ضدّ مصالحنا الجماعية".
ووفقاً لمسودة البيان المؤرخة في 2 مايو/ أيار الحالي، يصرّ قادة الاتحاد "على الاحترام المتبادل والإنصات لبعضهم البعض"، وذلك من خلال القول "سنبحث دائماً عن حلول مشتركة والاستماع لبعضنا البعض بروح من التفاهم والاحترام. نريد مواصلة الانصات إلى مخاوف وآمال جميع الأوروبيين".

دور عالمي محدود

في موازاة ذلك، يطمح القادة الـ27 إلى أن يكون الاتحاد الأوروبي "قائداً عالمياً مسؤولاً". وهو ما يراه الخبير في الشؤون الأوروبية، لورنزو كونسولي، "طموحاً محدوداً جداً"، إذ "يركّز القادة فقط على ثلاثة عناصر تتعلّق بتعددية الأطراف، وهي نظام دولي قائم على القواعد، والتجارة عبر الاستفادة القصوى من الفرص التجارية الجديدة، والمناخ من خلال معالجة مشتركة للقضايا العالمية، مثل الحفاظ على بيئتنا ومكافحة تغير المناخ". في المقابل، لا تحمل مسودة البيان أي إشارة حتى الآن إلى الاضطرابات التي تشهدها العديد من مناطق العالم، والحاجة إلى تحقيق الاستقرار في بعض الدول المجاورة، والرغبة في مساعدة البلدان النامية.
وكانت المفوضية الأوروبية قد قدّمت الأسبوع الماضي عدداً من التوصيات الاستراتيجية حول كيف يمكن لأوروبا تشكيل مستقبلها في عالم متعدد الأقطاب يتسم بعدم اليقين. وأوصت المفوضية في بيان لها، بتركيز البرنامج الاستراتيجي للاتحاد الأوروبي للفترة 2019-2024 حول خمسة محاور. المحور الأول يتعلّق بدور أوروبا كـ"حامية"، لأنّ السلام قوة في عالم اليوم. أمّا المحور الثاني من الاستراتيجية، فيتعلّق بكون "أوروبا تنافسية قادرة على الاستثمار في تقنيات المستقبل ودعم أعظم إنجازاتنا؛ السوق الموحدة وصناعتنا وعملتنا المشتركة". ويركّز المحور الثالث على أنّ "أوروبا العادلة هي التي تدعم المبادئ الأساسية للمساواة وسيادة القانون والعدالة الاجتماعية في العالم الحديث". وخصّص المحور الرابع للتشديد على أن "أوروبا مستدامة هي التي تأخذ زمام المبادرة في التنمية المستدامة، ومكافحة تغير المناخ". وأخيراً يركز المحور الخامس على "أوروبا مؤثرة تسعى إلى حماية وتحديث النظام القائم على القواعد".
وبقدر ما تبدو هذه الكلمات "مفيدة جداً" لإقناع المواطنين بوجود أوروبا، إلا أنها "قد تكون غير كافية لإنعاش التكتل"، على حدّ تعبير كونسولي. "إذ إن البيان يراكم المبادئ الجميلة والنوايا الحسنة، لكن لا شيء ملموساً، ولا شيء يظهر لإقناع المواطنين بضرورة التصويت في الانتخابات المقبلة، ورسم الطريق للمستقبل بشكل واضح". ويختم بالقول "باختصار، هناك نوع من النسخ واللصق للعبارات، كما لو أن القادة الأوروبيين يفتقرون إلى روح العمل المشترك أو مشاريع مثيرة أو حتى مجرد إلهام".

ذات صلة

الصورة
تظاهرة ضد العنصرية في بريطانيا "اللاجئون هم موضع ترحيب هنا" في برمنغهام، 7 أغسطس 2024 (توماس كرايش/الأناضول)

سياسة

شارك آلاف المناهضين للعنصرية، الأربعاء، في تظاهرات جرت بمدن عدة في بريطانيا تنديداً بتظاهرات نظمها اليمين المتطرف في الأيام الأخيرة وتخلّلتها أعمال عنف.
الصورة
ريما حسن مع مرشحي حزب فرنسا الأبية، 9 يونيو 2024 (جيفروي فان دير هاسلت/فرانس برس)

سياسة

فازت الناشطة الحقوقية ذات الأصول الفلسطينية ريما حسن بمقعد عن فرنسا في البرلمان الأوروبي، في الانتخابات التي جرت على مدى 4 أيام.
الصورة
تظاهرة تضامنية مع فلسطين وغزة في كتالونيا 26/11/2023 (روبرت بونيت/Getty)

سياسة

منذ صباح 7 أكتوبر الماضي بدا الاتّحاد الأوروبي، أو القوى الكبرى والرئيسية فيه، موحدًا في الاصطفاف إلى جانب إسرائيل، ورفض عملية طوفان الأقصى ووصمها بالإرهاب
الصورة

سياسة

أكد نائب في البرلمان الأوروبي، اليوم الخميس، أنّ السلطات التونسية رفضت دخول بعثة نواب أوروبية من كتل مختلفة في البرلمان الأوروبي إلى أراضيها.