وتوضح مصادر يمنية مقربة من الحوثيين لـ"العربي الجديد" أنّ لجان التهدئة الحدودية التي تشكلت من الحوثيين والوساطات القبلية والجانب السعودي بذلت جهوداً في الأيام الماضية لاحتواء التصعيد قرب الحدود، بعدما امتد بشكل محدود إلى منطقة حدودية بين القوات السعودية من جهة والحوثيين وحلفائهم من جهة أخرى في منطقة الربوعة، أمس الأول الجمعة.
وجاء الخرق المحدود بالمنطقة الحدودية، في ظل التصعيد الذي كان قد ساد في جبهة ميدي بمحافظة حجة الحدودية، بين "المقاومة الشعبية" والجيش اليمني الموالي للشرعية والمدعوم من التحالف العربي، والتي تقدمت من جهة السعودية، وبين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح. وجرت معارك لنحو خمسة أيام، حاولت من خلالها قوات الشرعية استكمال السيطرة على مديرية ميدي الساحلية وخاضت مواجهات عنيفة مع الانقلابيين.
ونتج عن هذه الاشتباكات مقتل العشرات من الطرفين، كما سقطت على إثرها قذائف في الجانب السعودي. وحذّر الحوثيون في تصريحات للمتحدث الرسمي باسم الجماعة، محمد عبدالسلام، الأسبوع الماضي، من أنّ مواجهات ميدي التي اتخذت صيغة أقرب للجبهات الداخلية (أطراف المواجهات يمنية - يمنية)، تهدّد "التهدئة". وبحسب المصادر القريبة من الحوثيين، نجحت اللجان الحدودية في إعادة التهدئة، يوم الجمعة.
في غضون ذلك، أعلن المتحدث الرسمي لأنصار الله، محمد عبدالسلام، أمس السبت، أن جماعته سلّمت المبعوث الأممي أسماء ممثليها للجنة "التهدئة العسكرية" التي كان الاتفاق على تشكيلها أبرز مخرجات الجولة الثانية من المحادثات المنعقدة في سويسرا في الفترة بين 15 و20 ديسمبر/كانون الأول العام الماضي. وأكد عبدالسلام "جهوزية" فريق الجماعة لـ"ورشة العمل وبدء مسارات التهدئة بناء على الخطوات المتفق عليها قبيل انعقاد جولة الحوار السياسية المقبلة".
وأشار عبدالسلام، في تصريحات نقلتها وسائل إعلامية تابعة للجماعة، إلى أنه أبلغ المبعوث الأممي خلال مكالمة هاتفية، مساء الجمعة، أن "الحوار بلا شروط مسبقة أو محددات متفق عليها، وبعد تثبيت وقف إطلاق النار في الموعد المتفق عليه أمر مقبول من الجميع"، في إشارة إلى العاشر من أبريل/نيسان الحالي. وأضاف أن "الحوار في ظل اشتعال الحرب ليس سوى إسهام في إشعالها وتأجيجها"، معلناً أن مسلحي جماعته (اللجان الشعبية) وقوات الجيش المتحالفة معها سيوقفون إطلاق النار، في حال توقف التحالف وحلفاؤه في الداخل.
وجاء تصريح المتحدث باسم الحوثيين، بعد يوم من إعلان الأمم المتحدة إرسال وفدَين من الخبراء السياسيين، أحدهما إلى اليمن، إذ من المتوقع أن ينسق مع طرفَي الانقلاب، والآخر إلى السعودية حيث يتواجد الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ومعظم قيادات الحكومة الشرعية، بالتزامن مع إرسال فريق ثالث إلى الكويت يتولى التحضير لجولة المحادثات المقبلة.
وينظر اليمنيون للأيام والأسابيع المقبلة باعتبارها حاسمة في مسار الحرب والسلم، إذ يعتبر وقف إطلاق النار المرتقب أبرز اختبار أمام عملية السلام، في ظل مؤشرات ومعطيات تدعم هذا المسار. في المقابل، تظهر تباينات واختلافات بين الحكومة والإنقلابيين حول تفسير قواعد وأهداف المحادثات المرتقبة، وتبرز حالة من عدم الثقة، يضاف إليها التعقيدات الميدانية، التي قد تؤدي إلى ترجيح المسار العسكري مجدداً.
وكان الحوثيون توصلوا مع السعودية إلى تهدئة في الحدود منذ الثامن من مارس/آذار الماضي، تزامنت مع توجه وفد حوثي إلى السعودية وعملية تبادل أسرى، الأمر الذي مثّل اختراقاً سياسياً كبيراً في جدار الأزمة. ويجمع العديد من المحللين والسياسيين اليمنيين على أنّ محادثات السلام المقبلة بين الأطراف اليمنية ترتبط إلى حد كبير بمدى نجاح التهدئة الحدودية والتفاهمات المباشرة بين الحوثيين والرياض.