* كيف ترى مشروع قانون يهودية الدولة؟ كيف يؤثر عليكم كأقلية عربية في إسرائيل؟
- هذا القانون يأتي ضمن سلسلة من القوانين العنصرية المتطرفة، إذ كل أسبوع هناك قانون جديد من هذه القوانين الخطيرة تتعلق بالأرض والمسكن، هي قوانين عزل عنصري، والآن يطرح قانون القومية لمواجهة مشروع الحكم الذاتي والثقافي للفلسطينيين في الداخل، وهم يرون بأن هذا قد يؤدي لتحويل إسرائيل إلى دولة ثنائية القومية. وهو ضد فكرة دولة المواطنين التي طرحها الدكتور عزمي بشارة، والتي لقيت آذاناً صاغية في الغرب، ولكن في إسرائيل يرون في ذلك خطراً وجودياً، فرئيس الشاباك سنة 2007 التي خرج فيها الدكتور عزمي بشارة إلى المنفى القسري، قال إن الخطر الاستراتيجي لإسرائيل كدولة يهودية هو مشروع دولة المواطنين، وهذا يعني أن عزمي بشارة رغم منفاه القسري ما زالت فكرته تقض مضاجع الإسرائيليين.
خطاب نتنياهو كان واضحاً؛ إذ قال نحن نطرح هذا في مقابل مشروع دولة لكل مواطنيها ومقابل المطالب القومية للفلسطينيين في الداخل، وكان يوجه كلامه لكل كتل المعارضة مثل حزب العمل وحزب ميريت وحتى الحزب الشيوعي الإسرائيلي، الطرف السياسي الوحيد الذي رفض هذا الطرح كان التجمع الوطني الديمقراطي.
هناك ظروف سياسية لطرح نتنياهو القانون بهذا التوقيت، السبب أن 95% من اليهود يؤيدون فكرة الدولة اليهودية، في حين أن دول العالم الديمقراطية هي لجميع مواطنيها، فإسرائيل هي دولة يهودية بالتعريف ووثيقة الاستقلال في إسرائيل تقول ذلك، والآن يأتون لسن قانون خاص بهذا الموضوع.
بعض الأصدقاء يقولون إنه ليس هناك خطر، ولا جديد في ذلك، وأنا لا أوافقهم لأن الخطر بالروح التي يبثها هذا القانون وليس بنصه، فهو سيفرخ المزيد من القوانين العنصرية وأي قانون يتناقض معه يلغى.
* ما المجرى القانوني لهذا القانون؟
- فهم الكثير من الإسرائيليين أن القانون سيورط إسرائيل دولياً، بحيث لا يمكن التبجح بكون إسرائيل دولة ديمقراطية كما أنه يمس حقوق الفلسطينيين في الداخل، لأن القانون لا يحتوي مثلاً على كلمة مساواة التي كتبها بن غوريون في وثيقة استقلال إسرائيل عام 1948. الآن يتحدثون عن حقوق فردية وليس عن مساواة. شمعون بيريز عارضه بخطاب شديد اللهجة كما عارضه حزب تسيبي ليفني وحزب ميريتس والأحزاب العربية، وكذلك عارضه الأميركيون والأوروبيون؛ ولهذا السبب يريد نتنياهو أن يطرح قانوناً جديداً أقل حدة.
* لكنك تقول إن 90 في المائة من الإسرائيليين مع هذا القانون؟
- هم مع إسرائيل دولة يهودية، النقاش ليس حول المبدأ، نتنياهو برر ذلك أن في إسرائيل ديمقراطية زيادة عن اللزوم، بينما مبدأ الدولة اليهودية ليس مثبتاً بما يكفي، هذا هو التوجه العام في إسرائيل نحو التطرف لسبب بسيط أن الإسرائيليين لا يدفعون ثمن تطرفهم.
* معركتك قديمة مع نتنياهو؟ قلت له كنا قبلكم وسنبقى بعدكم!
- هذا النقاش قبل حوالي سنة حيث كان في الكنيست نائب يقاطعني ويصرخ: هذه البلاد بلادنا وليست لكم، فأجبته جواباً قصيراً "كنا قبلكم وسنبقى بعدكم"، وهذا الكلام أثار حفيظة نتنياهو، ولأول مرة في تاريخ الكنيست طلب كرئيس وزراء الرد علي وقال: "النائب زحالقة يقول كنا قبلكم وسنبقى بعدكم، وأنا أجيبه القسم الأول من كلامه غير صحيح، والقسم الثاني لن يكون". وأيضاً لأول مرة بتاريخ الكنيست صفق له النواب لأن التصفيق ممنوع، وبعدها طلبت حق الكلام وقلت "المشروع الصهيوني حقبة قصيرة في تاريخ فلسطين، له بداية، وستكون له نهاية، كنا قبله وسنبقى بعده".
* قبل أيام كانت لك معركة برلمانية مع نائب رئيس الكنيست حيث أنزلك عن المنصة!
- نائب رئيس الكنيست يميني متطرف كان يترأس الجلسة، وتحدثت عن موضوع قانون المواطنة واقتبست مقالاً للمفكرة اليهودية حنا أرندت، وهي أميركية من أصل ألماني، وهربت من النازيين وكتبت مقالاً رداً على قرار المؤتمر الصهيوني العالمي في بالتيمور في نيويورك الذي أقر إقامة دولة يهودية مكان فلسطين، وكتبت تتساءل ماذا تقترحون بعد هذا المشروع على الفلسطينيين؟ إما أن يهاجروا حتى تبنوا الدولة اليهودية؟ أو أن يقبلوا أن يكونوا مواطنين درجة ثانية.
فقال رئيس الجلسة هي لم تكتب فلسطين، فأجبته أن حنا أرندت إنسانة متنورة، وليست مثلك من معسكر الفاشية، مع أن كلمة فاشي مديح لأمثاله لأنه سارق للأرض ومتطرف يدعو لقتل الناس في غزة. قال انزل عن المنصة فرفضت فاستدعى الحراس وأنزلوني.
* قلت لليبرمان إنه جبان؟
- أعرفه من الجامعة. وفي إحدى المظاهرات هجمت علينا مجموعة يمينية متطرفة، وكان في حينها بقيادتهم تساحي هانيبكي ووزير القضاء إسرائيل كاتس، وليبرمان وزير الخارجية، وكان قادماً جديداً من روسيا لا يعرف حتى اللغة العبرية ويجيد بعض الشتائم فقط، يشتم قبل المواجهة ويهرب أول واحد.
وعندما قال في الكنيست ليس هناك مكان للعرب في الكنيست، وهم طابور خامس وعملاء لحماس. قلت له: إذا كان الأمر لا يعجبك، عد من حيث أتيت، ارجع إلى روسيا.
* كما قال لكم نائب وزير الدفاع داني دانون: بعد أن ننتهي من حماس سنتولى أمر بعض الأعضاء العرب في الكنيست!
- داني دانون من حزب الليكود؛ وهو مختص بالتحريض علينا وقد توجه للمحكمة عدة مرات بطلب سحب مواطنة عزمي بشارة ومحاكمة حنين زعبي، ونحن يا جبل ما يهزك ريح، نحن سعداء حقيقة بأن كلامنا يربكهم ويغضبهم.
* ماذا يضايقهم منكم أيضاً؟
- كل شيء يتحدى المشروع الصهيوني، ويعبر عن عزة وكرامة وكبرياء ويدين مشروعهم. ونحن إن لم نغضبهم لا معنى لعملنا. إذا كان كلامنا يغضب العنصريين فهذا يدل أننا على الطريق الصحيح.
* كيف ستواجهون تمرير قانون خاص بأعضاء الكنيست العرب لتقليل عددهم؟
الكنيست أقر قبل أشهر قانون رفع نسبة الحسم لضرب التمثيل العربي وتثبيت حكم أغلبية يمينية. نحن نقوم بمساعٍ جدية لتوحيد القوائم العربية وسنعود بقوة أكبر.
نحن، الآن، 11 عضوا ننتمي للتجمع الوطني الديمقراطي والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والقائمة العربية الموحدة، وباعتقادي إذا وحدنا القوائم الثلاث في قائمة واحدة سنحصل على 15. نحن في 90% من القضايا نصوت معا فنحن متفقون على أمور كثيرة، أما فكرياً فنحن مختلفون، هناك تيارات إسلامية ويسارية وقومية مثل كل المجتمعات العربية.
* إذا تحدثنا عن مسيرتك الشخصية، اعتقلت في الصف العاشر. لماذا اعتقلت؟
مثل جيلي تأثرت بالثورة الفلسطينية بعد النكسة، وبحثنا عن عناوين حتى نساهم بالثورة الفلسطينية وضمن هذا العمل في الصف العاشر بعثنا رسائل تهديد للعملاء الذين يتعاملون مع الاحتلال، وأسميناها العصابة البيضاء وفرضوا على المدرسة الاحتفال بعيد استقلال إسرائيل فأحرقنا العلم.
في الصف الثاني عشر وبعمر 17 سنة، اعتقلت بتهمة الانتماء لحركة معادية هي حركة فتح وسجنت سنتين، وداخل السجن قمت بتقديم امتحانات الثانوية. وطبعا ظروف السجن معروفة وكنت بغرفة فيها 35 سجينا يتصايحون ويجب أن أدرس فكنت أستغل فرصة وجود سريري بجوار الشباك، وأستغل الضوء الآتي من الساحة لأبدأ الدراسة، بعد أن ينام الجميع.
* متى تعرفت إلى عزمي بشارة؟
- الدكتور عزمي انتقل من جامعة حيفا إلى جامعة القدس وكنت في سنتي الثانية، حين تعرفت إليه وانضممت للحزب الشيوعي، والآن تحضرني مقولة "من لم يكن شيوعيا حتى جيل العشرين، ليس له قلب ومن بقي شيوعياً بعد الأربعين ليس له عقل".
تركت، والدكتور عزمي، الحزب الشيوعي على خلفية النقاش في قضية الديمقراطية وقضية البعد القومي. الحزب الشيوعي كان يتمثل بنوع من الشوفينية الأممية ونوع من العداء المخفي للقومية العربية. عام 89 تركنا الحزب الشيوعي وأسسنا مبادرة ميثاق المساواة، وبدأنا البحث عن عمل سياسي جديد إلى أن أقيم التجمع عام 95.
* كيف بدأ التجمع؟
دوري في بدايات التجمع 1995 لم يكن كبيرا لانشغالي آنذاك بكتابة رسالة الدكتوراه، ولكن الدور الأساسي كان للدكتور عزمي بشارة من الناحية التنظيمية ولمّ شمل الحركة الوطنية ووضع الأسس الفكرية للحزب.
العمل السياسي بالنسبة لي لم يتوقف في يوم من الأيام، في الجامعة كنت سكرتير اتحاد الطلاب العرب، واعتقلت عشرات المرات في المظاهرات بعد خروجي من السجن.
بالنسبة للتجمع الوطني الديمقراطي أظن أن جذوره الفكرية كامنة بالنقاشات الحامية داخل الجامعة بين تيار أبناء البلد؛ وهو تيار وطني فلسطيني جذري رديف للجبهة الشعبية، وبين التيار الشيوعي؛ وهو حصيلة النقاش والجدال والتفاهم بين هذين التيارين، ولكن ببرنامج يتجاوز الماضي ويوحد الجميع.
* ماذا عن اقتحامات المسجد الأقصى المتكررة هذه الأيام؟
هناك خلفية سياسية وخلفية دينية وهي الأهم، لأن هناك حرماناً قاطعاً من قبل الحاخامات اليهود الكبار ضد دخول اليهود لساحة الأقصى، باستثناء بعض الخاصة "اللاويين" لأنهم يعتقدون أن قدس الأقداس موجود في مكان ما بساحة الأقصى، ولكن لا يعرفون أين وينتظرون المسيح.
الحاخامات الصغار هم الذين يعطون فتوى شخصية، والحاخام الأكبر سماهم حاخامات درجة (د) وهؤلاء يتزايد عددهم في السنوات الأخيرة، وصار لهم تأثير سياسي اكبر.
بالمقابل هناك حفريات تحت المسجد الأقصى، وهناك خرق للاتفاقيات حيث تعهد موشي دايان عام 67 أنه لن يكون هناك تغيير في المسجد الأقصى، واتفاقية وادي عربة 94 تقول لا تغيير في الأقصى وكذلك اتفاقية أوسلو.
والحقيقة أنهم يريدون تغيير الواقع القائم ونحن أيضا نريد ذلك، نريد أن ينتهي الاحتلال وأنا أدعو كخطوة أولى أن تسمح فتح وحماس بوحدة ميدانية في القدس.
كوادر حماس وفتح وكل الفصائل في القدس يريدون ذلك، ولكن قياداتهم تمنعهم.
- هل ترى مع الربيع العربي أن قضية فلسطين تراجع الاهتمام بها؟
لا أعتقد أن ذلك يعني نهاية المطاف، القضية الفلسطينية هي قضية لها خاصية على مستوى العالم كله، إنها قضية آخر استعمار في الدنيا ولها سطوة أخلاقية.
- تزور الأسرى؟
ألتقي بهم .. أحمد سعدات ومروان البرغوثي وكريم يونس وغيرهم. أحمد سعدات صامد ولا يتحدث عن نفسه ولا عن مرضه بالمرة، يتحدث فقط عن الشعب.
مروان البرغوثي حصل على لقب الدكتوراه، ويدرّس الشباب في السجن وموقفه السياسي واضح لتفعيل النضال الفلسطيني ضد الاحتلال، وبالأخص في القدس ومن أكثر المنادين بالوحدة الوطنية الفلسطينية، وأعتقد أن مروان يفكر بترشيح نفسه لرئاسة فلسطين إذا حصلت.
-------------
قانون عنصري كل أسبوع
قلت على سبيل المزاح كل أسبوع هناك قانون عنصري في إسرائيل وإذا مر أسبوع بدون قانون عنصري، فأنا أعد أصحابي بحفلة كبيرة، ولكن حتى الآن لم أقم الحفلة. هذا قانون غريب وهو قانون إبعاد عضو الكنيست بعد انتخابه؛ أي أن يصوت الكنيست على إبعاد نائب بسبب تصريحاته ومواقفه السياسية، تحديدا بسب دعمه المقاومة أثناء الحرب، وليس سرا أن الهدف هو النائب حنين الزعبي التي أجابت رداً على سؤال هل تعتبرين أن من خطف المستوطنين الإسرائيليين إرهابيين، فأجابت: لا.
هذا أمر غير موجود في كل برلمانات العالم أي أن يتحول البرلمان إلى محكمة. في القانون الأميركي يبعد عضو البرلمان فقط في حالة الخيانة العظمى بعد إدانته. برلمانات العالم لا تسمح بتغيير منطق الانتخابات.
أخطر ما واجهنا في السنوات الأخيرة هي القوانين التي تتعلق بالأرض والمسكن. فهناك قانون يجيز للجان القبول في التجمعات السكنية الصغيرة أن ترفض من يتقدم للسكن فيها، إذا كان لا يلائم النسيج الاجتماعي للبلد وقوانين بمستوطنات الأفراد تخص النقب، حيث يحق لأي كان أن ينشئ قرية ويسيطر على مئات الدونمات.
------
اليسار أخطر من اليمين
لا أرى تغيرات دراماتيكية في إسرائيل بموضوع الدين والدولة، لا يوجد فرق بين موقف الأصولية اليهودية المتدينة والأصولية العلمانية في هذا المجال. بالعكس اليسار الإسرائيلي أخطر من اليمين ومعظم المجازر والحروب كانت تحت ظل حكومات حزب العمل من مجزرة كفر قاسم مرورا بمجزرة يوم الأرض.
خطاب نتنياهو كان واضحاً؛ إذ قال نحن نطرح هذا في مقابل مشروع دولة لكل مواطنيها ومقابل المطالب القومية للفلسطينيين في الداخل، وكان يوجه كلامه لكل كتل المعارضة مثل حزب العمل وحزب ميريت وحتى الحزب الشيوعي الإسرائيلي، الطرف السياسي الوحيد الذي رفض هذا الطرح كان التجمع الوطني الديمقراطي.
هناك ظروف سياسية لطرح نتنياهو القانون بهذا التوقيت، السبب أن 95% من اليهود يؤيدون فكرة الدولة اليهودية، في حين أن دول العالم الديمقراطية هي لجميع مواطنيها، فإسرائيل هي دولة يهودية بالتعريف ووثيقة الاستقلال في إسرائيل تقول ذلك، والآن يأتون لسن قانون خاص بهذا الموضوع.
بعض الأصدقاء يقولون إنه ليس هناك خطر، ولا جديد في ذلك، وأنا لا أوافقهم لأن الخطر بالروح التي يبثها هذا القانون وليس بنصه، فهو سيفرخ المزيد من القوانين العنصرية وأي قانون يتناقض معه يلغى.
* ما المجرى القانوني لهذا القانون؟
- فهم الكثير من الإسرائيليين أن القانون سيورط إسرائيل دولياً، بحيث لا يمكن التبجح بكون إسرائيل دولة ديمقراطية كما أنه يمس حقوق الفلسطينيين في الداخل، لأن القانون لا يحتوي مثلاً على كلمة مساواة التي كتبها بن غوريون في وثيقة استقلال إسرائيل عام 1948. الآن يتحدثون عن حقوق فردية وليس عن مساواة. شمعون بيريز عارضه بخطاب شديد اللهجة كما عارضه حزب تسيبي ليفني وحزب ميريتس والأحزاب العربية، وكذلك عارضه الأميركيون والأوروبيون؛ ولهذا السبب يريد نتنياهو أن يطرح قانوناً جديداً أقل حدة.
* لكنك تقول إن 90 في المائة من الإسرائيليين مع هذا القانون؟
- هم مع إسرائيل دولة يهودية، النقاش ليس حول المبدأ، نتنياهو برر ذلك أن في إسرائيل ديمقراطية زيادة عن اللزوم، بينما مبدأ الدولة اليهودية ليس مثبتاً بما يكفي، هذا هو التوجه العام في إسرائيل نحو التطرف لسبب بسيط أن الإسرائيليين لا يدفعون ثمن تطرفهم.
* معركتك قديمة مع نتنياهو؟ قلت له كنا قبلكم وسنبقى بعدكم!
- هذا النقاش قبل حوالي سنة حيث كان في الكنيست نائب يقاطعني ويصرخ: هذه البلاد بلادنا وليست لكم، فأجبته جواباً قصيراً "كنا قبلكم وسنبقى بعدكم"، وهذا الكلام أثار حفيظة نتنياهو، ولأول مرة في تاريخ الكنيست طلب كرئيس وزراء الرد علي وقال: "النائب زحالقة يقول كنا قبلكم وسنبقى بعدكم، وأنا أجيبه القسم الأول من كلامه غير صحيح، والقسم الثاني لن يكون". وأيضاً لأول مرة بتاريخ الكنيست صفق له النواب لأن التصفيق ممنوع، وبعدها طلبت حق الكلام وقلت "المشروع الصهيوني حقبة قصيرة في تاريخ فلسطين، له بداية، وستكون له نهاية، كنا قبله وسنبقى بعده".
* قبل أيام كانت لك معركة برلمانية مع نائب رئيس الكنيست حيث أنزلك عن المنصة!
- نائب رئيس الكنيست يميني متطرف كان يترأس الجلسة، وتحدثت عن موضوع قانون المواطنة واقتبست مقالاً للمفكرة اليهودية حنا أرندت، وهي أميركية من أصل ألماني، وهربت من النازيين وكتبت مقالاً رداً على قرار المؤتمر الصهيوني العالمي في بالتيمور في نيويورك الذي أقر إقامة دولة يهودية مكان فلسطين، وكتبت تتساءل ماذا تقترحون بعد هذا المشروع على الفلسطينيين؟ إما أن يهاجروا حتى تبنوا الدولة اليهودية؟ أو أن يقبلوا أن يكونوا مواطنين درجة ثانية.
فقال رئيس الجلسة هي لم تكتب فلسطين، فأجبته أن حنا أرندت إنسانة متنورة، وليست مثلك من معسكر الفاشية، مع أن كلمة فاشي مديح لأمثاله لأنه سارق للأرض ومتطرف يدعو لقتل الناس في غزة. قال انزل عن المنصة فرفضت فاستدعى الحراس وأنزلوني.
* قلت لليبرمان إنه جبان؟
- أعرفه من الجامعة. وفي إحدى المظاهرات هجمت علينا مجموعة يمينية متطرفة، وكان في حينها بقيادتهم تساحي هانيبكي ووزير القضاء إسرائيل كاتس، وليبرمان وزير الخارجية، وكان قادماً جديداً من روسيا لا يعرف حتى اللغة العبرية ويجيد بعض الشتائم فقط، يشتم قبل المواجهة ويهرب أول واحد.
وعندما قال في الكنيست ليس هناك مكان للعرب في الكنيست، وهم طابور خامس وعملاء لحماس. قلت له: إذا كان الأمر لا يعجبك، عد من حيث أتيت، ارجع إلى روسيا.
* كما قال لكم نائب وزير الدفاع داني دانون: بعد أن ننتهي من حماس سنتولى أمر بعض الأعضاء العرب في الكنيست!
- داني دانون من حزب الليكود؛ وهو مختص بالتحريض علينا وقد توجه للمحكمة عدة مرات بطلب سحب مواطنة عزمي بشارة ومحاكمة حنين زعبي، ونحن يا جبل ما يهزك ريح، نحن سعداء حقيقة بأن كلامنا يربكهم ويغضبهم.
* ماذا يضايقهم منكم أيضاً؟
- كل شيء يتحدى المشروع الصهيوني، ويعبر عن عزة وكرامة وكبرياء ويدين مشروعهم. ونحن إن لم نغضبهم لا معنى لعملنا. إذا كان كلامنا يغضب العنصريين فهذا يدل أننا على الطريق الصحيح.
* كيف ستواجهون تمرير قانون خاص بأعضاء الكنيست العرب لتقليل عددهم؟
الكنيست أقر قبل أشهر قانون رفع نسبة الحسم لضرب التمثيل العربي وتثبيت حكم أغلبية يمينية. نحن نقوم بمساعٍ جدية لتوحيد القوائم العربية وسنعود بقوة أكبر.
نحن، الآن، 11 عضوا ننتمي للتجمع الوطني الديمقراطي والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والقائمة العربية الموحدة، وباعتقادي إذا وحدنا القوائم الثلاث في قائمة واحدة سنحصل على 15. نحن في 90% من القضايا نصوت معا فنحن متفقون على أمور كثيرة، أما فكرياً فنحن مختلفون، هناك تيارات إسلامية ويسارية وقومية مثل كل المجتمعات العربية.
* إذا تحدثنا عن مسيرتك الشخصية، اعتقلت في الصف العاشر. لماذا اعتقلت؟
مثل جيلي تأثرت بالثورة الفلسطينية بعد النكسة، وبحثنا عن عناوين حتى نساهم بالثورة الفلسطينية وضمن هذا العمل في الصف العاشر بعثنا رسائل تهديد للعملاء الذين يتعاملون مع الاحتلال، وأسميناها العصابة البيضاء وفرضوا على المدرسة الاحتفال بعيد استقلال إسرائيل فأحرقنا العلم.
في الصف الثاني عشر وبعمر 17 سنة، اعتقلت بتهمة الانتماء لحركة معادية هي حركة فتح وسجنت سنتين، وداخل السجن قمت بتقديم امتحانات الثانوية. وطبعا ظروف السجن معروفة وكنت بغرفة فيها 35 سجينا يتصايحون ويجب أن أدرس فكنت أستغل فرصة وجود سريري بجوار الشباك، وأستغل الضوء الآتي من الساحة لأبدأ الدراسة، بعد أن ينام الجميع.
* متى تعرفت إلى عزمي بشارة؟
- الدكتور عزمي انتقل من جامعة حيفا إلى جامعة القدس وكنت في سنتي الثانية، حين تعرفت إليه وانضممت للحزب الشيوعي، والآن تحضرني مقولة "من لم يكن شيوعيا حتى جيل العشرين، ليس له قلب ومن بقي شيوعياً بعد الأربعين ليس له عقل".
تركت، والدكتور عزمي، الحزب الشيوعي على خلفية النقاش في قضية الديمقراطية وقضية البعد القومي. الحزب الشيوعي كان يتمثل بنوع من الشوفينية الأممية ونوع من العداء المخفي للقومية العربية. عام 89 تركنا الحزب الشيوعي وأسسنا مبادرة ميثاق المساواة، وبدأنا البحث عن عمل سياسي جديد إلى أن أقيم التجمع عام 95.
* كيف بدأ التجمع؟
دوري في بدايات التجمع 1995 لم يكن كبيرا لانشغالي آنذاك بكتابة رسالة الدكتوراه، ولكن الدور الأساسي كان للدكتور عزمي بشارة من الناحية التنظيمية ولمّ شمل الحركة الوطنية ووضع الأسس الفكرية للحزب.
العمل السياسي بالنسبة لي لم يتوقف في يوم من الأيام، في الجامعة كنت سكرتير اتحاد الطلاب العرب، واعتقلت عشرات المرات في المظاهرات بعد خروجي من السجن.
بالنسبة للتجمع الوطني الديمقراطي أظن أن جذوره الفكرية كامنة بالنقاشات الحامية داخل الجامعة بين تيار أبناء البلد؛ وهو تيار وطني فلسطيني جذري رديف للجبهة الشعبية، وبين التيار الشيوعي؛ وهو حصيلة النقاش والجدال والتفاهم بين هذين التيارين، ولكن ببرنامج يتجاوز الماضي ويوحد الجميع.
* ماذا عن اقتحامات المسجد الأقصى المتكررة هذه الأيام؟
هناك خلفية سياسية وخلفية دينية وهي الأهم، لأن هناك حرماناً قاطعاً من قبل الحاخامات اليهود الكبار ضد دخول اليهود لساحة الأقصى، باستثناء بعض الخاصة "اللاويين" لأنهم يعتقدون أن قدس الأقداس موجود في مكان ما بساحة الأقصى، ولكن لا يعرفون أين وينتظرون المسيح.
الحاخامات الصغار هم الذين يعطون فتوى شخصية، والحاخام الأكبر سماهم حاخامات درجة (د) وهؤلاء يتزايد عددهم في السنوات الأخيرة، وصار لهم تأثير سياسي اكبر.
بالمقابل هناك حفريات تحت المسجد الأقصى، وهناك خرق للاتفاقيات حيث تعهد موشي دايان عام 67 أنه لن يكون هناك تغيير في المسجد الأقصى، واتفاقية وادي عربة 94 تقول لا تغيير في الأقصى وكذلك اتفاقية أوسلو.
والحقيقة أنهم يريدون تغيير الواقع القائم ونحن أيضا نريد ذلك، نريد أن ينتهي الاحتلال وأنا أدعو كخطوة أولى أن تسمح فتح وحماس بوحدة ميدانية في القدس.
كوادر حماس وفتح وكل الفصائل في القدس يريدون ذلك، ولكن قياداتهم تمنعهم.
- هل ترى مع الربيع العربي أن قضية فلسطين تراجع الاهتمام بها؟
لا أعتقد أن ذلك يعني نهاية المطاف، القضية الفلسطينية هي قضية لها خاصية على مستوى العالم كله، إنها قضية آخر استعمار في الدنيا ولها سطوة أخلاقية.
- تزور الأسرى؟
ألتقي بهم .. أحمد سعدات ومروان البرغوثي وكريم يونس وغيرهم. أحمد سعدات صامد ولا يتحدث عن نفسه ولا عن مرضه بالمرة، يتحدث فقط عن الشعب.
مروان البرغوثي حصل على لقب الدكتوراه، ويدرّس الشباب في السجن وموقفه السياسي واضح لتفعيل النضال الفلسطيني ضد الاحتلال، وبالأخص في القدس ومن أكثر المنادين بالوحدة الوطنية الفلسطينية، وأعتقد أن مروان يفكر بترشيح نفسه لرئاسة فلسطين إذا حصلت.
-------------
قانون عنصري كل أسبوع
قلت على سبيل المزاح كل أسبوع هناك قانون عنصري في إسرائيل وإذا مر أسبوع بدون قانون عنصري، فأنا أعد أصحابي بحفلة كبيرة، ولكن حتى الآن لم أقم الحفلة. هذا قانون غريب وهو قانون إبعاد عضو الكنيست بعد انتخابه؛ أي أن يصوت الكنيست على إبعاد نائب بسبب تصريحاته ومواقفه السياسية، تحديدا بسب دعمه المقاومة أثناء الحرب، وليس سرا أن الهدف هو النائب حنين الزعبي التي أجابت رداً على سؤال هل تعتبرين أن من خطف المستوطنين الإسرائيليين إرهابيين، فأجابت: لا.
هذا أمر غير موجود في كل برلمانات العالم أي أن يتحول البرلمان إلى محكمة. في القانون الأميركي يبعد عضو البرلمان فقط في حالة الخيانة العظمى بعد إدانته. برلمانات العالم لا تسمح بتغيير منطق الانتخابات.
أخطر ما واجهنا في السنوات الأخيرة هي القوانين التي تتعلق بالأرض والمسكن. فهناك قانون يجيز للجان القبول في التجمعات السكنية الصغيرة أن ترفض من يتقدم للسكن فيها، إذا كان لا يلائم النسيج الاجتماعي للبلد وقوانين بمستوطنات الأفراد تخص النقب، حيث يحق لأي كان أن ينشئ قرية ويسيطر على مئات الدونمات.
------
اليسار أخطر من اليمين
لا أرى تغيرات دراماتيكية في إسرائيل بموضوع الدين والدولة، لا يوجد فرق بين موقف الأصولية اليهودية المتدينة والأصولية العلمانية في هذا المجال. بالعكس اليسار الإسرائيلي أخطر من اليمين ومعظم المجازر والحروب كانت تحت ظل حكومات حزب العمل من مجزرة كفر قاسم مرورا بمجزرة يوم الأرض.