وكثفت شرطة الاحتلال من تواجدها في محيط المسجد الأقصى وفي البلدة القديمة من القدس، بالتزامن مع إحياء المقدسيين ذكرى جريمة إحراق المسجد الأقصى، التي قام بها أسترالي يهودي، يدعى مايكل روهان، في 21 أغسطس/آب من العام 1969، وأتت في حينه على أجزاء مهمة من المسجد، بما في ذلك منبر صلاح الدين.
وفي الضفة الغربية المحتلة، أصيب شاب بالرصاص الحي، والعشرات بحالات الاختناق، خلال المواجهات العنيفة التي اندلعت في مخيم الفارعة للاجئين الفلسطينيين، جنوبي مدينة طوباس، عقب اقتحامه من قبل جنود الاحتلال، بغرض اعتقال الشاب، معاذ العايدي، بعد مداهمة منزله وتفتيشه والعبث بمحتوياته.
واعتقل جيش الاحتلال، أيضا، الشاب يزن الكردي، من مخيم عايدة شمالي مدينة بيت لحم، والشاب حسام اخليل، من بلدة بيت أمر شمالي مدينة الخليل، إضافة إلى الشابين فايز صبيح ولؤي صبيح من بلدة حزما، شرقي مدينة القدس المحتلة.
ومن مدينة جنين، اعتقل الاحتلال الشبان محمد السعدي وورد عبد الهادي وضياء حطوب، بعد إيقافهم لبعض الوقت والاستيلاء على دراجاتهم النارية.
وكانت قوات الاحتلال قد اقتحمت قرى وبلدات عدة بالضفة الغربية المحتلة، وداهمت عشرات المنازل وشرعت بتفتيشها، في الوقت الذي نصبت فيه الحواجز العسكرية على مداخلها، وعرقلت خلالها حركة تنقل الفلسطينيين ومركباتهم.
إلى ذلك، حذر مسؤولون فلسطينيون، اليوم الأحد، مما وصفوه بـ"الحرائق" المستمرة التي يشعلها الإسرائيليون يوميا باستهدافهم المسجد الأقصى ومحاولة النيل من إسلاميته، داعين الأمتين العربية والإسلامية إلى تحريره من أيدي الاحتلال، واعتبار ذلك أولى الأولويات.
واستعرض المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، محمد حسين، في كلمة له خلال مؤتمر صحافي، جريمة إحراق المسجد الأقصى التي توافق اليوم ذكراها السابعة والأربعين، وكيف هبّ الفلسطينيون في حينه إلى الدفاع عن مسجدهم، وإخماد الحريق الذي أتى على أكثر من ربع مساحة الأقصى من نقوش وعمارة، مثلت مختلف العصور الإسلامية، بما فيها منبر صلاح الدين.
وأكد حسين أن الحريق الذي أضرم قبل سبعة وأربعين عاما لا زال مشتعلا بأشكال وصور متعددة، "وهو تعدى الأقصى ليشمل عموم القدس التي تتعرض لأسوأ وأخطر هجمة استيطانية، وحفريات في كل مكان، وهدم لمنازل المقدسيين، واستهداف شبابها بالقتل والاعتقال والإبعاد عن مدينتهم ومسجدهم".
ولفت المفتي العام إلى تكثيف وتصاعد اقتحامات الاحتلال ومستوطنيه المسجد الأقصى، والاعتداء على الأوقاف الإسلامية وصلاحيات إدارتها العامة، و"هي شكل من أشكال وصور الحريق المستمر منذ احتلال المدينة المقدسة"، منوهًا إلى "انضمام أحزاب ومسؤولين إسرائيليين رسميين إلى جماعات التطرف الاستيطانية في استهدافها الأقصى ودعواتها الصريحة لهدمه وبناء الهيكل المزعوم، محاولين فرض أمر واقع جديد".
ودعا الشيخ حسين "دول العالم قاطبة وشعوب الأمتين العربية والإسلامية إلى إدراك خطورة ما يجري وما يتعرض له القدس والأقصى"، وقال: "لم يعد ممكنا السكوت الآن على ما يجري، وعلى منظمة التعاون الإسلامي أن تنهض بمسؤولياتها في هذا المجال".
من جانبه، دعا وزير القدس ومحافظها، عدنان الحسيني، إلى "تحرك فاعل وجاد وحقيقي يرغم الاحتلال على وقف تعدياته على الأقصى"، مؤكدا أن "عدم حل قضية فلسطين بعد نحو عام من الاغتصاب والاحتلال يدلل على عجز الأمة وتقصيرها، وعدم الجدية في التعامل مع الأخطار المحدقة حاليا بالقدس والمسجد الأقصى، بل بالقضية الفلسطينية برمتها".
وحذر الحسيني من "حالة التفتت التي تمر بها المنطقة العربية في هذه المرحلة، ومحاولة تقسيمها إلى سايكس بيكو جديدة تستهدف الأمة العربية ووجودها"، بينما طالب الشيخ ناجح بكيرات، مدير قسم المخطوطات في المسجد الأقصى، بـ"تحرير المسجد الأقصى والقيام بذلك دون تردد، وأنه بدون ذلك ستبقى القدس والأقصى يعانيان".
وقال بكيرات: "على العالم الإسلامي أن يدرك أن لا قيمة للحجر دون البشر، وبالتالي عليه واجب دعم المواطن المقدسي والاستثمار فيه من خلال تمكينه من البقاء والصمود في مدينته مرابطا فيها، لأنه هو الحامي والمدافع الحقيقي عن الأقصى".
كما دعا الشيخ بكيرات إلى إعادة نشر الوعي حول المسجد الأقصى ومكانته وأهميته، لأنه كلما "نشرنا الوعي في العقول وفي القلوب، منعنا هدم الأقصى كما تسعى إلى ذلك منظمات التطرف اليهودية"، حسب تعبيره.