وقال الكاتب باتريك ونتور، في تقرير بعنوان "الضغط على بريطانيا سيستمر"، نشرته الصحيفة اليوم الثلاثاء، إن قرار المحكمة يتناول كيفية توصل الحكومة البريطانية لقرار السماح ببيع الشركات البريطانية للأسلحة للمملكة السعودية، ولا يتناول مدى حكمته، مضيفا أنه "من المحتمل أن تكون الحملة السعودية على اليمن قد خرقت القانون الدولي"، موضحا أن "تقرير هذا الأمر يجب أن يعود للحكومة البريطانية وليس للمحكمة".
واعتبر الكاتب أن "القرار الذي يبدو في ظاهره بمثابة ضوء لاستمرار تصدير الأسلحة للسعودية، قد يضع ضغوطا سياسية على الحكومة البريطانية، تفضي إلى تشديد قانون بيع السلاح، شبيهة بضغوط مماثلة في الولايات المتحدة"، مشيرا إلى أن حزب "العمال" المعارض قال خلال الحملات الانتخابية الشهر الماضي إنه سيحظر بيع السلاح للسعودية، في حال تمكنه من الوصول إلى السلطة.
وقضت المحكمة العليا البريطانية أمس بـ"قانونية" بيع الأسلحة من المملكة المتحدة للسعودية. وقال القاضي اللورد بورنيت، الذي استمع إلى القضية مع القاضي هادون كيف، في حكم صريح من المحكمة العليا في لندن: "لقد استنتجنا أن القرارات المادية لوزير الخارجية كانت مشروعة، لذلك نرفض دعوى الادعاء".
ورفع نشطاء مناهضون لتصدير الأسلحة البريطانية إلى السعودية، في 7 فبراير/شباط، طلبا للقضاء البريطاني لوقف مبيعات أسلحة إلى السعودية، مدعين في طلبهم أن تلك الأسلحة قد تستخدم في حرب السعودية على اليمن بطريقة تنتهك القانون الإنساني الدولي.
وكانت "حملة مناهضة تجارة الأسلحة"، المعروفة اختصارا بـ(CAAT)، تسعى إلى استصدار حكم من المحكمة العليا لوقف تراخيص لتصدير مقاتلات وقنابل وذخائر بريطانية الصنع، بقيمة مليارات من الجنيهات الإسترلينية، قد يستخدمها التحالف العربي في اليمن.
وقال رئيس مراقبة التسلح وحقوق الإنسان في منظمة العفو الدولية، جيمس لينش، إن رفض الدعوى مخيب للآمال، ويعطي الضوء الأخضر للسلطات البريطانية، وربما لموردي الأسلحة الآخرين للسعودية، لمواصلة السماح بنقل الأسلحة إلى المملكة رغم المخاطر الواضحة بشأن ارتكاب الانتهاكات.
وأوضح لينش أن الحكم يشكل ضربة قاتلة لليمنيين الذين يتعرضون للهجوم من قوات التحالف، بقيادة السعودية، وتدعمه أسلحة مصنعة في بريطانيا، مطالبا بريطانيا والدول الأخرى بالتوقف عن إمدادات الأسلحة إلى السعودية، مشيرا إلى أن "بريطانيا تخاطر بالمساعدة والتحريض على جرائم فظيعة ترتكب في اليمن".
وكانت منظمات حقوقية دولية، منها "منظمة العفو الدولية" و"هيومن رايتس ووتش" ومنظمة "رصد حقوق الإنسان"، قد رفعت مذكرات إلى المحكمة أثناء المراجعة القضائية لصفقة بيع الأسلحة البريطانية إلى السعودية، طالبت بوقف تصدير الأسلحة البريطانية للسعودية التي تستخدم هذه الأسلحة ضد المدنيين في اليمن، بحسبها.
وبحسب وكالة "رويترز"، فإن تقريرا سنويا أعده خبراء من "الأمم المتحدة" يراقبون العقوبات والصراع في اليمن في يناير/كانون الثاني الماضي، ذكر أن "التحالف العربي" بقيادة الرياض نفذ هجمات ربما تصل لمستوى جرائم الحرب، وهي اتهامات ترفضها السعودية.
وتعد السعودية أكبر زبون لبريطانيا في المجال العسكري، ووصلت قيمة عقود الأسلحة والمعدات العسكرية بين البلدين منذ بدء السعودية حملتها العسكرية في اليمن 2015 إلى 3.3 مليارات جنيه إسترليني ( 4 مليارات دولار تقريبا). ومن بين أهم مبيعات السلاح البريطاني إلى السعودية، منذ انطلاق الحرب على اليمن في مارس/آذار 2015، طائرات مقاتلة وعمودية وطائرات بلا طيار بقيمة 2.2 مليارَي جنيه إسترليني، وذخائر وصواريخ وقنابل بقيمة 1.1 مليار جنيه، وعربات مدرعة ودبابات بقيمة 430 مليون جنيه.
وتقول الحملة المناهضة لمبيعات الأسلحة للسعودية إن أكثر من 80 شركة بريطانية حصلت على رخص لتصدير السلاح إلى السعودية، وعلى رأسها ثالث أكبر شركة منتجة للأسلحة في العالم، وهي شركة BAE التي تنتج مختلف أنواع الأسلحة، وعلى رأسها طائرات تورنيدو وتايفون المقاتلة. وهذه الشركة هي التي تعاقدت مع السعودية في صفقتي "اليمامة" و"السلام" اللتين تجاوزت قيمتهما المائة مليار جنيه إسترليني، وخضعت لتحقيقات طويلة في بريطانيا وغيرها، بسبب تهم رشوة وفساد شابت الصفقتين.
وذكرت تقارير صحافية بريطانية ومنظمة العفو الدولية، العام الماضي، أن السعودية استخدمت قنابل عنقودية بريطانية الصنع في حملتها على اليمن، وهو ما يشكل انتهاكا لالتزامات بريطانيا التي وقعت على معاهدة منع إنتاج وتخزين وتجارة هذا النوع من الذخائر.
وقد أقر وزير الدفاع البريطاني، مايكل فالون، أواخر العام الماضي أمام مجلس العموم البريطاني بأن السعودية استخدمت هذه القنابل في اليمن.