وتنظّم حركة "المجتمع المدني الكتالوني" التظاهرة، اليوم الأحد، وقد أرفقت دعوتها بشعارين هما "تعايش" و"حس سليم"، لجمع الكتالونيين في مواجهة ما يسميه معارضو الانفصال "هروباً إلى الأمام" و"عدم تعقّل" الداعين إليه.
وفي 8 أكتوبر/ تشرين الأول كان منظمو تظاهرة اليوم الأحد أنفسهم قد نجحوا في حشد مئات الآلاف من الأشخاص للاعتراض على الانفصال، في تظاهرة كان أبرز شعاراتها "كتالونيا هي نحن جميعاً!".
وتهدف التظاهرة إلى إبراز واقع المنطقة التي تعادل مساحتها مساحة بلجيكا، وكانت علاقاتها مع مدريد معقدة دائماً ولها لغتها وثقافتها الخاصة. لكن أكثر من نصف سكانها البالغ عددهم 7.5 ملايين نسمة، قدموا من الخارج، أو أبناء مهاجرين من مناطق أخرى في إسبانيا.
وفي دليل على الانقسام العميق الذي تشهده المنطقة، تأتي هذه التظاهرة غداة تجمّع لعشرات الآلاف من الكتالونيين، مساء الجمعة، للاحتفال بولادة "الجمهورية" في الحي القديم ببرشلونة.
كذلك تأتي بينما تسعى مدريد إلى فرض وصايتها على كتالونيا، بعدما قامت بتفعيل المادة 155 من الدستور التي لم يسبق استخدامها من قبل، وهي التي تتيح وضع الإقليم تحت وصاية مدريد، وذلك بعد ساعات من إعلان برلمان كتالونيا، الجمعة، الاستقلال وقيام "جمهورية كتالونيا".
وأصبحت المنطقة تحت الإدارة المباشرة لنائبة رئيس الحكومة سورايا ساينز دو سانتاماريا. كذلك اتخذت السلطة المركزية الإسبانية قراراً بإقالة قائد الشرطة الكتالونية جوزيب لويس ترابيرو وتعيين نائبه مكانه.
واليوم الأحد، سحبت الحكومة المركزية الإسبانية عناصر الشرطة المكلفين بحماية وزراء حكومة إقليم كتالونيا وسائقي السيارات الخاصة بوزراء الإقليم، بحسب ما أورد التلفزيون الإسباني الرسمي "TVE".
وأبقت الحكومة المركزية على حرس رئيس حكومة إقليم كتالونيا كارليس بوغديمونت، على الرغم من تجريده من صلاحياته، لـ "دواعٍ أمنية".
وأشار التلفزيون الإسباني إلى أنّ الحكومة ستوفّر عناصر حماية أيضاً للوزراء الذين يعربون عن مخاوفهم الأمنية.
ودعا رئيس الحكومة الإسبانية المحافظ ماريانو راخوي، إلى انتخابات في كتالونيا، في 21 ديسمبر/ كانون الأول، معتبراً أنّها وسيلة لإخراج إسبانيا من أسوأ أزمة سياسية تشهدها، منذ العودة إلى الديمقراطية في 1977.
وقد تسود هذه التظاهرة أجواء انتخابية، لأنّ الأحزاب الثلاثة التي تدعو إلى بقاء كتالونيا في إسبانيا: "المواطنة" (ليبرالي)، و"الحزب الاشتراكي الكتالوني"، و"الحزب الشعبي" الذي يقوده ماريانو راخوي ستشارك فيها.
وكان البرلمان الكتالوني (135 نائباً) قد أقر الجمعة إعلان الإقليم "جمهورية"، بغالبية 70 صوتاً مع غياب القسم الأكبر من نواب المعارضة.
وبدأت فكرة الاستقلال تلقى رواجاً وشعبية في كتالونيا بعد استصدار راخوي في 2010 من المحكمة الدستورية قراراً بتقليص الحكم الذاتي لكتالونيا.
وسبق التظاهرة الكبرى اليوم الأحد قيام نحو 150 شخصاً، على متن دراجات نارية أو في سيارات، بالتظاهر في شوارع برشلونة، وهم يلوّحون بعلم إسبانيا وعلم كتالونيا.
وأطلق المحتجون الأبواق، لإظهار تضامنهم مع الشرطة الإسبانية، ومعارضة إعلان استقلال كتالونيا.
وكانت المظاهرة التي اتسمت بالضوضاء، لكنّها كانت سلمية، تتجّه نحو الميناء، حيث توجد تعزيزات من الشرطة الوطنية والحرس المدني الإسباني منذ تم نشرهم في المنطقة، قبل الاستفتاء المحظور حول الاستقلال، والذي أُجري في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
الاتحاد الأوروبي يؤيد مدريد
وعلى صعيد المواقف، كرّر الاتحاد الأوروبي وقوفه إلى جانب مدريد في الأزمة، معلناً عن تأييده الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المركزية، رداً على إعلان كتالونيا الاستقلال.
وقال رئيس البرلمان الأوروبي إنّ قرار إسبانيا بالدعوة لانتخابات جديدة في كتالونيا، عقب إعلان الإقليم الاستقلال من جانب واحد، "هو الأمر السليم الواجب القيام به".
وذكّر أنطونيو تاياني، أمس السبت، خلال حديث لصحافيين أثناء مغادرته الفاتيكان، بعد حضور منتدى حول مستقبل أوروبا، بأنّ موقف أوروبا واضح جداً "لا أحد سيعترف بكتالونيا كبلد مستقل. الاستفتاء كان مخالفاً للقانون.. ويجب إعادة دولة القانون".
وأضاف، وفق ما أوردت "أسوشييتد برس"، أنّ الانتخابات ستتيح للكتالونيين "اتخاذ قرار بشأن أي نوع من الحكومة يريدون. ويجب أن يحدث كل ذلك وفق الدستور الإسباني".
وكرّر رئيس البرلمان الأوروبي الدعوة للحوار بين طرفي الأزمة، مكرّراً في الوقت عينه استبعاده إمكانية عرض الاتحاد أيّ وساطة.
وقال تاياني إنّ أوروبا تأمل في أن يساعد الحوار على تسوية "الموقف الصعب.. وإنّ ذلك لا يعني أنّ الاتحاد الأوروبي يمكنه التوسّط لأنّ هذا شأن داخلي إسباني".
(العربي الجديد)