وسط اعتراض شديد من أعضاء وكتل مختلفة داخل البرلمان، تستعد الحكومة العراقية لتوقيع عقد هو الأضخم من نوعه مع شركة أمن بريطانية لتأمين وإدارة الأجواء العراقية وفق المعايير الدولية.
جاء ذلك، بسبب ما اعتبرته مصادر حكومية عراقية بدائية عمل المراقبين الجويين المحليين في سلطة الطيران المدني العراقية، ومحاولة مطابقة الشروط والمعايير الدولية في تنظيم الأجواء العراقية وإدارة حركة الطيران فيها.
ويرى أعضاء البرلمان العراقي أن العقد يمثل خرقاً للسيادة العراقية وإمكانية وضع العراق وأجوائه بيد الشركة، التي "من غير المستبعد أن تسلم معلومات مهمة لجهات أخرى"، إلا أن مصادر حكومية في مكتب رئيس الوزراء تؤكد لـ"العربي الجديد" أن هذه الشركة تعمل في العراق منذ عام 2011 وتعتبر موثوقة، وهو ما يرفضه مسؤولون سياسيون ويؤكدون أن العقد الحالي المزمع توقيعه يتضمن صلاحيات أعلى للشركة.
وقال النائب في البرلمان العراقي، علي شكري، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "منذ أيام، تدور في أروقة مجلس الوزراء مشروع عقد شراكة مع شركة سيركو البريطانية على إدارة الأجواء العراقية وتأمينها بطريقة عقد الشراكة لمدة 15 عشر عاما، الأمر الذي يهدد السيادة العراقية"، منوهاً إلى أنه "لا يوجد عقد شراكة لإدارة أجواء دولة بهذا الشكل".
وأضاف شكري أن "الشركة كانت تعمل منذ عام 2011 على تدريب المراقبين الجويين العراقيين وتنظيم الملاحة الجوية في نفس الوقت، لكن الآن العقد مختلف تماما، واتصلت بوزير النقل شخصيا، وقال لي إن المراقبين العراقيين قادرون على إدارة أجوائنا بمجرد رفع مرتباتهم، أسوة بباقي المراقبين في دول الجوار، إلا أن الحكومة ماضية في إبرام العقد"، مبينا أن العقد انتهاك وسيهدد السيادة العراقية.
من جانبه، قال النائب عن التحالف الوطني، صادق المحنا، لـ"العربي الجديد"، إن "الاحتلال هذه المرة سيكون من الجو، وهذه الشركة ستسيطر على مطارات العراق بشكل كامل، بما فيها مطار بغداد الدولي الأهم، وستعرف الداخل والخارج إلى العراق بسهولة، والحجة أن كوادرنا المحلية غير قادرة على إدارة هذا الملف".
بدورها، أوضحت النائبة سهام الموسوي أن "المعمول به عالميا أن تكون الإدارة في كل دول العالم من قبل الدولة نفسها من خلال شركة ملاحة وطنية تابعة للحكومة، واليوم الحكومة تريد منح ذلك إلى شركه أجنبية تخرق سيادة الدولة وتفشي أسرارها".
وأكدت الموسوي "أن مرتب المراقب الجوي العراقي يبلغ 650 دولارا، في حين أن الآخرين في دول الجوار يصل راتبهم إلى 3 آلاف دولار، وهو سبب الإضراب المتكرر لمراقبينا الجويين".
في غضون ذلك، قالت مصادر لـ"العربي الجديد"، إن "المراقبين الجويين العراقيين دخلوا إضرابا جديدا عن العمل، منذ أمس الثلاثاء، ولا صحة لإعلان سوء الأحوال الجوية بأنه وراء إغلاق مطار بغداد لأكثر من 8 ساعات".
وبيّن مصدر في مطار بغداد، أن المراقبين العراقيين يستعدون لنصب سرادق كبير على جانب المطار لبدء إضرابهم الشامل، مطالبين برفع مرتباتهم، وهو ما قد يدفع الحكومة إلى الاستعجال في توقيع الاتفاق مع الشركة البريطانية من دون الالتفات إلى اعتراضات البرلمان.
وحول سبب عدم رفع مرتباتهم، قال موظف رفيع في وزارة النقل لـ"العربي الجديد" إن "خبراتهم متواضعة"، مكتفيا بهذه الإجابة ردا على سؤال "العربي الجديد" حول الأزمة الحالية".