بعد أسبوعين تمكن خلالهما "الحراك الجنوبي"، المتحالف مع الإمارات، من تغيير المشهد في جنوبي اليمن برمته، جاء دخول السعودية على خط الأزمة ليفسح المجال أمام تحركات الشرعية اليمنية المضادة للمجلس، والتي جاء الموقف الخليجي وموقف جامعة الدول العربية، ليرفع من أسهمها، بعد أن دق رئيس الوزراء اليمني، أحمد عبيد بن دغر، جرس الإنذار، وناشد التحالف والعرب التوقف عن الصمت.
وشهدت الـ48 ساعة الماضية تطورات مغايرة، اتجهت معها الأنظار إلى الرياض بدلاً من عدن. وقالت مصادر سياسية يمنية، لـ"العربي الجديد"، إن العاصمة السعودية شهدت لقاءات سياسية ودبلوماسية، في إطار دول التحالف والجانب اليمني، لاحتواء أزمة عدن، بعد أن استدعت الرياض كلاً من محافظ عدن السابق، ورئيس ما سُمي "المجلس الانتقالي الجنوبي"، عيدروس الزبيدي، ونائبه في المجلس، هاني بن بريك. وفي الوقت الذي تُحاط فيه اللقاءات وتفاصيلها بالسرية، بدا واضحاً من خلال المواقف التي تبنتها الحكومة الشرعية ودول مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية، فضلاً عن تناول الإعلام السعودي المنحاز إلى موقف الحكومة، أن الرياض تقف وبشكل واضح إلى جانب الشرعية وترفض الخطوات التي اتخذها قياديو "الحراك الجنوبي" والمسؤولون المحسوبون على أبو ظبي، ومثلت ضربة قوية للحكومة الشرعية. ومثل انتقال الزبيدي وبن بريك، مساء أول من أمس، من عدن إلى الرياض، بدعوة سعودية التطور الأهم الذي أوقف سلسلة التطورات المتسارعة التي طبعت المشهد اليمني جنوباً منذ أيام، إذ أمسكت الرياض عملياً بتلابيب الوضع اليمني بنسبة أو أخرى، وأصبح بمقدورها أن ترفع سقف الضغوط على مختلف الأطراف، بما يوقف نزيف الشرعية الذي بدأ مع صدور ما يُسمى "إعلان عدن التاريخي"، في المدينة التي تصفها الحكومة الشرعية بـ"العاصمة المؤقتة".
وكانت عجلة التطورات خلال الـ48 ساعة الماضية، تحولت إلى صف الشرعية، خصوصاً مع بيان الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، عبد اللطيف الزياني، مساء الخميس الماضي، والذي جدد فيه دعم المجلس لحل يمني قائم على المرجعيات. وقال إن "دول المجلس تدعو جميع مكونات الشعب اليمني في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ اليمن إلى نبذ دعوات الفرقة والانفصال، والالتفاف حول الشرعية لبسط سلطة الدولة وسيادتها، واستعادة الأمن والاستقرار في كافة مناطق اليمن". وأصدرت الجامعة العربية موقفاً مماثلاً، أمس السبت، يدعم "وحدة التراب اليمني". وعبر الأمين العام للجامعة، أحمد أبو الغيط، عن "انزعاجه الشديد"، من التطورات الجارية في جنوب اليمن.
على الصعيد المحلي، أدت زيارة الزبيدي وبن بريك إلى الرياض، إلى حالة من التوتر والترقب في صفوف مناصري الزبيدي و"الحراك الجنوبي" عموماً، والذين لم تستبعد مصادر مقربة منهم تحدثت، إلى "العربي الجديد"، أن تؤثر الزيارة على إمكانية مواصلة "المجلس الانتقالي"، خطواته نحو تشكيل قيادة جنوبية، لكنهم شددوا على أهمية عدم الحكم على الزيارة قبل أن تتضح النتائج. ومع بدء التطورات لصالح الشرعية، أعلن مسؤولون، وردت أسماؤهم في تشكيلة "المجلس الانتقالي" المؤلف من 26 عضواً، براءتهم من العضوية في المجلس، وفي مقدمة هؤلاء، وزير الاتصالات وتقنية المعلومات، لطفي باشريف، والشخصية الاجتماعية في محافظة المهرة، الشيخ عبدالله عيسى آل عفرار، فيما بدا محافظ حضرموت، اللواء أحمد عوض بن بريك، في موقف حرج أمام قيادات حضرمية، بعد إعلانه تأييده للمجلس، على الرغم من أنه أكد أن الاعتراف وعضويته في المجلس، لا تلغي الاعتراف بالشرعية، بقيادة الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي.
الجدير بالذكر، أن الحكومة اليمنية، ممثلة برئيسها أحمد عبيد بن دغر، كانت قرعت أول من أمس، جرس الإنذار، بالتحذير من التطورات جنوباً، ودعت التحالف والعرب لعدم الصمت حيال ما يحدث في عدن. وقال بن دغر إنه لا يمكن للتحالف والعرب أن "يمضوا صامتين وهم يراقبون الأحداث في المناطق المحررة من اليمن وهي تنتقل من حالة إلى أخرى. هناك كلمة حق لا بد أن تقال الآن، فإن تأخرت فلن تكون ذات نفع غداً"، وفقاً لتعبيره. وتتباين التوقعات في الشارع اليمني إزاء الخطوة التي يمكن أن تعمل الرياض عليها بعد استدعاء الزبيدي وبن بريك، إذ تذهب بعض التوقعات إلى أن السعودية، التي تقود التحالف العربي، ستعمل على إلغاء إعلان "المجلس الانتقالي الجنوبي"، ومن ثم عودة الأوضاع إلى سابق عهدها، في حين تذهب توقعات أخرى إلى أن الرياض قد تدعم إيجاد صيغة تسوية تنزع عن المجلس الصفة الإدارية لمناطق الجنوب وتبقي عليه ككيان سياسي، وغير ذلك من الاحتمالات، التي ستتضح خلال الأيام المقبلة.