مع ارتفاع احتمالات تطبيع العلاقات بين تركيا وإسرائيل، بعد قطيعة استمرت أكثر من خمس سنوات، تزداد التساؤلات حول مستقبل علاقة أنقرة بحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ومدى تأثير الاتفاق على هذه العلاقة. لكنّ التأكيد التركي الرسمي عن أن لا تغيير في العلاقة مع "حماس"، والزيارات المتكررة لرئيس مكتبها السياسي، خالد مشعل، لتركيا، تؤكد أن بقاء العلاقة يمثل مصلحة للطرفين، وهما معنيان فيها، لا سيما أن تركيا تعهدت مراراً بدعم غير محدود لقطاع غزة الذي تسيطر عليه "حماس".
وجاء لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بمشعل، في إسطنبول مساء الجمعة، ليؤكد رغبة تركيا في إطلاع "حماس" على جهودها في ملف إنهاء الحصار، وإلى جانب إطلاع الحركة على ما يجري في الكواليس، حيث يقترب الأتراك والإسرائيليون من تطبيع العلاقات بينهما. وتشير مصادر في "حماس" لـ"العربي الجديد" إلى أن تركيا أبدت منذ البداية رغبتها في ألا يؤثر الاتفاق مع الاحتلال الإسرائيلي على العلاقة مع "حماس"، وكانت تضع الحركة في كل تفاصيل تطور الملف، وخاصة ملف الحصار وإنهائه.
وتُعَدّ قضية حصار غزة، من محاور الاتفاق التركي مع الاحتلال الإسرائيلي، وكانت شرطاً تركياً لتطبيع العلاقات لفترة طويلة. ويبدو أن تركيا لم تنجح في إنهائه كاملاً، ولكنها حصلت على امتيازات تمكنها من إنجاز مشاريع متعددة في غزة، في سبيل تخفيف الحصار ومعاناة السكان، وفق مصادر موثوقة.
ويشير قاسم إلى أن العلاقة مع تركيا ورئيسها متينة، وأن "حماس" تبني علاقاتها مع الأطراف المختلفة في إطار تجنيدها للمواقف الدولية الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني، وتعمل على حث الدول على المساهمة في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني على أرضه. ويلفت إلى أن تركيا تقف بشكل واضح ضد الاحتلال والعدوان الإسرائيلي، وتعمل على تعزيز صمود الفلسطينيين، وبالتالي تقاطعت مع رؤية "حماس"، لذلك ستبذل الحركة كل جهدها لاستمرار العلاقة، مشيداً بالتأكيد التركي على لسان وزير الخارجية، مولود جاووش أوغلو، بأن العلاقة مع "حماس" ستستمر كما هي.
ويرى الناشط السياسي في "حماس"، أن حركته ترحب بكل جهد يبذل لرفع الحصار عن قطاع غزة، وتعتبر أن بذل الجهد لرفع لحصار هو واجب على كل الدول الصديقة والشقيقة، مقدراً الجهد التركي المبذول في موضوع رفع الحصار، ودعم أنقرة لقطاع غزة المحاصر، ودورها التركي في دعم القضية الفلسطينية في المحافل المختلفة.
من جانبه، يعتبر مدير مركز "أبحاث المستقبل" في غزة، إبراهيم المدهون، أن لقاء مشعل وأردوغان بمثابة رسالة من تركيا على استمرار العلاقات مع حركة "حماس"، مهما كانت نتائج أي اتفاق محتمل مع إسرائيل، لتطبيع العلاقات والمصالحة مجدداً بعد قطيعة استمرت لعدة سنوات. ويقول المدهون لـ"العربي الجديد" إن تركيا تبدو متمكسة بالعلاقات مع "حماس" والرغبة بتطويرها بشكل أكبر مما هي عليه، بالرغم من وجود أولوية لدى الدولة التركية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل من أجل مصالحها الخاصة، في ظل ما يجري في منطقة الشرق الأوسط.
ويتوقع المدهون أن تؤدي تركيا دوراً في الكثير من الملفات خلال الفترة المقبلة، كملف الجنود الأسرى المفقودين في غزة، بالرغم من عدم توافر الشروط والمتطلبات في المرحلة الحالية لإنجاز صفقة تبادل بين حركة حماس وإسرائيل.
في هذا الصدد، يقول الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، لـ"العربي الجديد"، إن العلاقات بين تركيا و"حماس" ستتواصل، على الرغم من قرب الإعلان عن تطبيع العلاقات مع إسرائيل، واستعادتها بين الجانبين، وعلى الرغم من عدم مقدرة تركيا على تلبية الشروط الفلسطينية المتعلقة برفع الحصار. ويوضح عوكل أن أردوغان شرح لمشعل خلال لقائهما الأخير تفاصيل الاتفاق، والأسباب التي تتعلق بعدم مقدرة تركيا على فرض شرط رفع الحصار عن القطاع، ضمن هذا الاتفاق المزمع الإعلان عنه قريباً، وفق التسريبات. ويضيف عوكل أن تركيا ستكون حاضرة بشكل كبير وقوي وستلعب دور الوساطة مستقبلاً في أي اتفاق هدنة طويلة الأمد بين إسرائيل و"حماس"، فضلاً عن إمكانية لعبها دوراً محتملاً في ملف التبادل الخاص بالجنود الأسرى المفقودين في غزة منذ الحرب الأخيرة عام 2014.