كشف مصدر رسمي مصري لـ"العربي الجديد"، عن حالة من الغضب العارم لدى الرئيس عبد الفتاح السيسي، بعد الأحداث الطائفية في قرية منشية الزعفرانة بمحافظة المنيا، التي تخللتها محاصرة مسلمين منزلاً، يُستخدم من قبل الكنيسة كمكان مخصص لإقامة الصلوات فيه، وإغلاقه. وأرجع المصدر استياء السيسي إلى "توقيت وقوع الأحداث التي تزامنت مع افتتاح كنيسة ميلاد المسيح ومسجد الفتاح العليم بالعاصمة الإدارية الجديدة، والذي حاول السيسي توظيفه للترويج لنفسه أمام الغرب". وبحسب المصدر فإن "السيسي طلب تقريراً وافياً عن الواقعة، محدداً به من المسؤول المباشر عن تفجيرها، واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة ضده".
كما كشف المصدر أن "مسؤولاً بارزاً في الرئاسة زار الكاتدرائية، محملاً برسالة للبابا تواضروس بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، تتضمن تحذيرات من السيسي بشأن عدم تصعيد واقعة المنيا واحتوائها من جانب الكنيسة". وبدأت الأحداث في قرية منشية زعفرانة التي تقع على مسافة 5 كيلومترات شرق مدينة الفكرية بالمنيا، في 7 يناير/كانون الثاني الحالي، بعد صلاة قداس عيد الميلاد لدى الأقباط بساعات، فقد اقتحمت مجموعة من الأهالي المكان الذي تملكه الكنيسة وتقيم فيه الصلوات منذ فترة، قبل إخراجهم من الشرطة، وبينما استمر كاهنان مع بعض الأفراد داخل المكان؛ تجمهر أكثر من ألف شخص موجّهين عبارات مسيئة للمسيحيين، وبدلاً من قيام الأمن بدوره في إبعادهم ومنعهم من التجمهر والعدوان، وعدهم بتنفيذ مطلبهم.
وتصاعدت ردود الفعل بعد قيام مجموعة من الأهالي بإغلاق المنزل الذي كان يؤدي فيه بعض الأقباط صلواتهم ومهاجمة من فيه، لتضطر قوات الأمن لإخراج الكهنة وسط حراسة مشددة وهتافات مسيئة من جانب عدد من المتشددين الذين احتشدوا.
وفي وقتٍ أكد مجلس الوزراء المصري عبر بيان له عدم صحة ما تردد بشأن إغلاق ثلاث كنائس في محافظة المنيا، أكد حزب التجمع اليساري الذي تربطه بالنظام علاقات وثيقة إغلاق تلك الأماكن للعبادة، واصفاً الأحداث بأنها "مسلسل متكرر من العدوان الطائفي البغيض من دون رادع". وأضاف أنه "حيث يعطي نفر من السلفيين المتشددين في المنيا لأنفسهم حق الوصاية على المواطنين من الأقباط المسيحيين، يمنعونهم من ممارسة شعائرهم الدينية، ويضيّقون عليهم حياتهم الطبيعية ويمارسون ضدهم العنف، وتقف أجهزة الدولة في المنيا عاجزة عن التصدي لتلك المجموعات وعن وقف هذه المهزلة". وذكر الحزب أنه "حيث لم يجد هؤلاء من يردعهم ويضع نهاية لعدوانهم؛ يتمادون في مخططهم الطائفي ويتحركون تحت سمع وبصر الأجهزة الأمنية، الأمر الذي يثير الشك والريبة".
ولم تكد الأجواء تهدأ حتى جاء البيان الصادر من مجمع كهنة إيبارشية المنيا وأبوقرقاص بمحافظة المنيا، تضمن أنه "في الوقت الذي تسعى الدولة لإزالة الفوارق بين أبنائها، وذلك لتأكيد المساواة بين جميع المواطنين، ومنها حق الجميع في ممارسة العبادة بحرية كاملة، وإذا بالمتشددين يفرضون كلمتهم على الأمن ليقوموا بإغلاق أماكن العبادة (الكنائس) إرضاء لهم على حساب القانون والدستور الذي يكفل حرية العبادة لجميع المواطنين، وهذا على حساب الأقباط المسالمين الذين لا يطلبون سوى الحد الأدنى لحقوقهم وهو وجود مكان يؤدون فيه صلواتهم". وأضاف الكهنة أن "هناك حملة مغرضة ضد الأنبا مكاريوس الأسقف العام للمنيا وأبو قرقاص".
وأعلن مجمع الآباء الكهنة بالمنيا وأبو قرقاص المساندة والتأييد للأنبا مكاريوس، "في كل ما يقوم به من تدبير أماكن للأقباط لتأدية الصلوات الخاصة بهم وتقديم الرعاية الروحية لأفراد الشعب القبطي". كما أعلن مجمع الآباء الكهنة في بيانه الصادر شجبه ورفضه التام ما وصفه بـ"الادعاءات المغرضة التي يقوم بها بعض الأفراد والهيئات وقلة من الجهات الإعلامية التي تهدف للتشكيك والإثارة وزعزعة الاستقرار، وذلك بعد حملة إعلامية قادها إعلاميون محسوبون على النظام المصري".
وكان مكاريوس قد استنكر طرق التعامل مع الأحداث الطائفية، قائلاً إنه "طالما يتم التعامل مع كل مشكلة بمفردها لتنتهي كيفما تنتهي، وما دمنا نعتمد مبدأ التهدئة والتصالح فقط من دون البحث في الجذور، فلن نصل إلى حل، وستظل النار تحت الرماد، وسنظل ندور في دائرة مغلقة".