وتصدرت كركوك وصلاح الدين والأنبار هجمات التنظيم الإرهابي التي تفاوتت بين تفجير عبوات ناسفة وهجمات مسلحة وقصف بقذائف الهاون، قبل أن ينفذ التنظيم عملية انتحارية استهدفت مقراً أمنياً وأسفرت عن إصابات في صفوف الأمن العراقي.
وبحسب مسؤولين ومراقبين عراقيين، فإن جملة من الأسباب الناشئة على الساحة العراقية كانت وراء تصاعد تلك الهجمات، من أبرزها انسحاب قوات التحالف الدولي من أغلب أنشطتها وعملياتها الجوية والاستخبارية في العراق، وكذلك جائحة كورونا وما نجم عنها من حظر للتجول وسحب وحدات من الجيش إلى المدن ومحيطها لتأمين الإجراءات، فضلاً عن أن قيادة التنظيم الجديدة ما زالت تواصل سعيها لإعادة تأمين خلايا نشطة من فلولها المكسورة في المدن التي تم تحريرها.
وحول ذلك، قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي محمد الكربولي، لـ"العربي الجديد"، إن "توقف أنشطة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية من العراق، أثّر بشكل سلبي على الوضع الأمني في البلاد".
وأوضح الكربولي، في معرض تعليقه على تصاعد العمليات الإرهابية، بأن "التحالف الدولي، كان له دور كبير في المراقبة والرصد وتحليل المعلومات وتحركات فلول التنظيم من خلال الأجواء العراقية، علماً بأن التنظيم يتحرك دائماً في المناطق الوعرة وفي الليل. وسهّل غياب طيران التحالف الدولي، مهمة عناصر تنظيم "داعش" في التحرك بهذا المناطق، بدءا بشن هجمات شبه يومية في مختلف المدن العراقية".
وأضاف الكربولي أن "قضية عودة عمل التحالف الدولي في العراق من جديد بشكل مكثف متروكة لقرار القائد العام للقوات المسلحة العراقية، فهو من سيحدد إن كان العراق بحاجة لهكذا قوات ودعم دولي من عدمه، وننتظر ما سيقرره رئيس الوزراء الجديد، مصطفى الكاظمي، بهذا الصدد، خصوصاً أنه رجل أمني، ويعرف جيداً كيف سيدير الملف الأمني والعسكري".
من جهته، قال الخبير الأمني والعسكري العراقي هشام الهاشمي في حديث مع "العربي الجديد"، إن "عودة تنظيم داعش لشن هجمات خلال الثلاثة الأسابيع الماضية، يعود لسببين رئيسيين؛ الأول أن أدوار التحالف الدولي الرئيسية أو المكثفة التي كان يقوم بها سابقاً، في العراق توقفت في منتصف مارس/ آذار".
وبيّن الهاشمي أن تراجع دور التحالف الدولي صنع الكثير من المناطق غير المرئية لدى القوات الأمنية العراقية، مشيراً إلى أن ذلك مكن داعش من البدء بالتحرك في بعض المناطق، التي لا تستطيع القطعات العراقية مراقبتها بشكل مستمر أو تأمينها.
وأوضح الهاشمي أن الحكومة العراقية، عند الحاجة القصوى تطلب مشاركة التحالف الدولي، لافتاً إلى أن بغداد استعانت بسلاح الجو للتحالف الدولي في الـ14 من الشهر الجاري، حينما وقعت قوة كبيرة من القطعات العسكرية بكمين لتنظيم "داعش"، فلجأت بغداد إلى التعامل وطلب المساعدة من جديد من التحالف الدولي.
وأكد أن رفض بعض الأطراف لعمل التحالف الدولي في العراق استند إلى موقف سياسي وليس إلى موقف عسكري فني، مشيراً إلى أن الرفض السياسي كان من طائفة سياسية واحدة، وليس من كل مكونات الشعب العراقي.
وكشف الخبير الأمني والعسكري أن "السبب الثاني هو أن القطعات العسكرية العراقية، خفضت مستوى المرابطات إلى أقل من 50% في مناطق أطراف المدن والمناطق القروية والمناطق المفتوحة، وذهبت القطعات العسكرية نحو المناطق والمدن الحضرية، من أجل فرض حظر التجول، كإجراء لمنع انتشار وباء فيروس كورونا". وتابع أن "هذا الأمر رصده تنظيم "داعش" وصنع مناطق فيها الكثير من الهشاشة".
لكن بالمقابل، يتهم القيادي في "الحشد الشعبي"، كمال الحسناوي في حديث لـ"العربي الجديد"، قوات التحالف الدولي، بقيادة واشنطن، بالعمل على دعم الإرهاب، مشيراً إلى أنه عند انسحاب بعض هذه القوات بدأت الخلايا النائمة لتنظيم "داعش" الإرهابي بالتحرك وبالتنسيق مع الجانب الأميركي. وأضاف أن الأميركيين يقومون بذلك لكي يُقال إن الوضع الأمني تدهور بعد إيقاف تعاونهم مع الحكومة العراقية، مشيراً إلى أنهم يمتلكون وثائق حول ذلك.
واعتبر أن استمرار وجود القوات الأميركية في منطقة التنف بين العراق وسورية هو من أجل "حماية ما تبقى من جيوب وخلايا تنظيم داعش، كما أن هذه القوات أدخلت عناصر بتنظيم داعش، مدربة ومجهزة لشن عمليات في مدن مختلفة داخل العراق". وأوضح أن القوات الأميركية توجد على الحدود العراقية – السورية من أجل فتح المجال لعناصر تنظيم داعش من الدخول والخروج من العراق، مؤكداً أنه تم تسليم الحكومة العراقية أدلة مصورة وبالفيديو تثبت ذلك.
وختم القيادي في الحشد الشعبي قوله إن الطيران العراقي، لديه القدرة والإمكانية على سدّ مكان التحالف الدولي، مشيراً إلى أنّ الحشد خاض معارك كبيرة ضدّ تنظيم "داعش"، دون مشاركة التحالف الدولي، وحقق انتصارات كبيرة وكثيرة.