ووصل الحكيم، مع وفد رفيع المستوى يمثل الهيئة السياسية للتحالف الوطني وأعضاء في أحزاب وكتل شيعية مختلفة فضلا عن شخصيات مستقلة، إلى العاصمة الأردنية عمان، خلال اليومين الماضيين، في زيارة لم يعلن عنها مسبقاً، تلت زيارة سريعة لممثل الأمين العام للأمم المتحدة، يان كوبيتش، إلى الأردن واجتماعه بشخصيات سياسية معارضة هناك. والتقى الحكيم في عمان، أمس الأربعاء، الملك الأردني، عبد الله الثاني، ورئيس الوزراء، هاني الملقي، فيما قال قيادي بارز في التحالف الوطني، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" خلال تواجده في عمان، إنه "سيتم ترتيب لقاءات بين شخصيات تعارض العملية السياسية في العراق بعد الاحتلال ولها موقف سلبي منها، وأعضاء وفد الحكيم"، مبيناً أن الحكيم لن يلتقي بهم، وسيكتفي بلقاء المسؤولين الأردنيين، لكن أعضاء الوفد المرافق له هم من سيتولى ذلك، مستدركا "سيتم إطلاعهم على ورقة التسوية وإلقاء الكرة في ملعبهم حتى تكون الحجة قد أسقطت عليهم". وتابع "سيتم إبلاغ المعارضين بأن المرحلة المقبلة يجب أن تشمل الجميع، بغض النظر عن أخطاء الماضي، والخلافات السياسية السابقة التي دفعت كثيراً من العراقيين إلى الهرب والالتحاق بصفوف المعارضة"، مؤكداً أن التسوية المطروحة ستشمل الجميع، باستثناء قيادات وعناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، والمنتمين إلى حزب البعث المحظور.
وأكدت مصادر مقربة من كيانات سياسية معارضة، لـ"العربي الجديد"، أن "الكثير من تلك الشخصيات رفضت مبدئياً اللقاء، واشترطت عدة نقاط مسبقة للبحث في أي تسوية، أبرزها أن يكون مجلس الأمن الدولي هو الضامن لأي اتفاق، وأن تكون اتفاقية التسوية غير مكتوبة من طرف واحد، بل أن يكون لكل طرف مطالب، ويجب ألا يملي طرف (شروطه) على آخر"، مشيرة إلى أن تشكيلات معارضة أخرى رفضت أي حوار مع من وصفتهم بـ"عرابي احتلال العراق"، ومؤكدة أن الوفد القادم من بغداد يعول على العاهل الأردني أن يؤدي دوراً في هذا الإطار. وأشارت مصادر أخرى إلى أن الحكيم سيتوجه إلى دول عربية أخرى من الأردن قبل أن يختتم زيارته في إيران. وقالت مصادر مطلعة من بغداد إن الحكيم وصل الثلاثاء إلى الأردن، لكن لم يعلن عن ذلك حتى أمس. وأوضح أحد أعضاء البرلمان العراقي، لـ"العربي الجديد"، أن الحكيم كان حريصاً على عدم الإعلان عن زيارته، التي بدأت الثلاثاء الماضي، وأوعز إلى مكتبه بنشر نشاطات سابقة له في بغداد للتغطية على موعد وصوله إلى عمان، وهو أسلوب متبع من قبل غالبية السياسيين العراقيين. وجاءت زيارة الحكيم إلى الأردن، بعد يوم واحد من لقاء يان كوبيتش، برئيس المشروع العربي في العراق، خميس الخنجر في عمان. وقال مكتب الخنجر، في بيان، إن الجانبين بحثا الحلول الممكنة للمشاكل السياسية والأمنية، وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين، موضحاً أن رئيس المشروع العربي بين وجهة نظره من مبادرة التسوية التاريخية المطروحة من قبل "التحالف الوطني" والنقاشات الدائرة حولها.
ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، حسان العيداني، أن العراق بحاجة إلى مبادرات تسوية، في ظل الاحتقانات الطائفية التي يعيشها، شرط أن تكون التسويات المطروحة حقيقية، وليست مجرد محاولات لإرضاء الرأي العام، مبيناً، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الحكومة العراقية والقيادات السياسية تتعرض إلى ضغوط أميركية وأممية، من أجل المضي بعملية التسوية مع المعارضة التي أرغم عدد كبير من أطرافها على مغادرة البلاد، بسبب السياسات الخاطئة للحكومتين السابقتين برئاسة نوري المالكي. وأضاف أن "المعارضة العراقية فقدت الثقة بالحكومات، بسبب كثرة مشاريع التسوية والمصالحة التي تطرح، لكن من دون جدوى"، مبيناً أن على الحكومة العراقية أن تطلق بوادر حسن نية للمصالحة، مثل الإفراج عن الأشخاص الذين اعتقلوا لأسباب سياسية، وإلغاء أوامر القبض التي صدرت بحق عدد كبير من العراقيين، لا لشيء سوى الاختلاف مع رئيس الوزراء العراقي السابق. وينقسم "التحالف الوطني" الحاكم في العراق إلى معسكرين، أحدهما مؤيد للتسوية مع المعارضة العراقية، يترأسه عمار الحكيم، والآخر يرفض التفاوض مع من يسميهم "المتلطخة أيديهم بدماء العراقيين"، ويقوده رئيس الوزراء العراقي السابق، رئيس "ائتلاف دولة القانون"، نوري المالكي، الذي حذر من "خطر عودة الإرهاب من بوابة التسوية"، على حد قوله.