حدد رئيس الحكومة اللبناني الجديد سعد الحريري مهمة حكومته السياسية بالإعداد للانتخابات النيابية المقبلة في مايو/أيار من العام المُقبل، بعدما حسم شكل الحكومة (وفاق وطني تضم أكبر عدد من القوى السياسية)، مباشرة بعد التكليف من قبل الرئيس ميشال عون قبل 46 يوماً.
ويبدو أن الحريري قد نجح إلى حد بعيد في تأمين تمثيل معظم القوى السياسية الكبرى في لبنان من خلال التشكيلة الثلاثينية التي تضم: 6 وزراء من حصة "تيار المستقبل" إلى جانب منصب رئيس الحكومة، 5 وزراء من حصة رئيس الجمهورية، و3 وزراء لكل من "حزب القوات اللبنانية"، "التيار الوطني الحر"، و"حركة أمل"، ووزيرين لكل من "حزب الله"، و"الحزب التقدمي الاشتراكي"، ووزير واحد لكل من "الحزب السوري القومي الاجتماعي"، "الحزب الديمقراطي"، "اللقاء الديمقراطي"، "حزب الطاشناق" الأرمني، "وتيار المردة".
كما حجز وزير السياحة السابق ميشال فرعون، مقعداً وزارياً "مستقلا"، هو وزير الدولة لشؤون التخطيط.
وكما في حكومة الرئيس تمام سلام، كانت حصة المرأة اللبنانية مقعداً وزارياً واحداً حجزته السيدة عناية عز الدين، كوزيرة دولة لشؤون التنمية الإدارية، وهي من "حركة أمل". وفي مفارقة ليست الوحيدة في حكومة الحريري الثانية (الأولى كانت عام 2009)، آلت وزارة الدولة لشؤون المرأة إلى رجل، وهو الوزير جان أوغاسبيان، أحد ممثلي "المستقبل" في هذه الحكومة. وغاب عن التشكيلة الثلاثينية "حزب الكتائب اللبنانية" الذي رفض أن يتمثل بحقيبة دولة، وسيواكب المرحلة السياسية المُقبلة من باب المعارضة. بعكس "حزب القوات" الذي انتقل من عدم المشاركة في حكومة الرئيس تمام سلام، إلى مشاركة واسعة في وزارات الصحة، الإعلام، والشؤون الاجتماعية. وهي مشاركة يختلف المراقبون في تقييمها، بين من يعتبرها ترسيخاً للتحالف مع "التيار الوطني الحر"، وبين من يعتبرها دون المستوى بعد أن فشل الحزب في الحصول على إحدى الحقائب "السيادية" الأربع (خارجية، داخلية، دفاع، مالية)، مقابل حصوله على نيابة رئاسة الحكومة.
"جبنة لبنانية"
وفي التقسيم اللبناني للمناصب الوزارية باعتماد المعيار الديني، أتت التشكيلة مناصفة بين المسلمين (سنة وشيعة ودروز) والمسيحيين (موارنة، روم، كاثوليك، أرمن، أوثوذكس). مع تقسيم الحقائب "السيادية"، و"الخدماتية" (الصحة، الشؤون الاجتماعية، الأشغال، الطاقة والمياه) بين الطوائف الكبرى، ومع الإبقاء على 3 أسماء على حالها (نهاد المشنوق للداخلية، جبران باسيل للخارجية، وعلي حسن خليل للمالية). علماً أن عملية التشكيل تخللها خلافات حول تقاسم الحقائب الخدماتية التي تستفيد منها الأحزاب لتقديم "خدمات" لأنصارها، ولمحيطها الطائفي أو المذهبي، فآلت الأشغال لـ"تيار المردة"، والصحة والشؤون الاجتماعية لـ"القوات"، والطاقة والمياه لـ"التيار الوطني الحر". وفي خضم هذه التقسيمة الطائفية للمناصب بعد توسيع الحكومة لتضم 30 وزيراً، تم إنشاء 7 وزارات دولة لشؤون "مجلس النواب، رئاسة الجمهورية، شؤون المرأة، النازحين، التخطيط، مكافحة الفساد، حقوق الإنسان"، إلى جانب وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية التي ترأسها السيدة عز الدين.
وفي إجراء شكلي، يُفترض برئيس الحكومة أن يُشكل لجنة لصياغة البيان الوزاري، الذي يُنتظر أن يجمع الرؤى السياسية والاقتصادية المتناقضة للأطراف المُمثلة في الحكومة، لينال بعدها الوزراء الثقة من كتلهم النيابية الممثلة في البرلمان، ويبدأ العمل على إعداد قانون جديد للانتخابات النيابية المُقررة في مايو/أيار من العام المقبل.