واختارت "لوفيغارو"، المتحمسة لزيارة بوتين ولقاء المسؤولين الفرنسيين، عنوان "نزلة برد" لوصف تأجيل زيارة الرئيس الروسي للعاصمة الفرنسية، بينما اختارت صحيفة "لوكنار أونشنيه" الأسبوعية الساخرة، الحديث عن "اقتراح بوتين لاتفاق سري مع هولاند" يتضمن "أن تواصل فرنسا التعبير عن غضبها مما يحدث في سورية في حين تواصل روسيا قصف حلب".
وترى الصحيفة الساخرة أن هولاند حسم، أخيراً، تساؤله حول جدوى وضرورة الزيارة، بأن ألغاهما معاً.
وتستعرض الصحيفة العلاقات غير المتكافئة بين البلدين، والنظرة المتعالية للمسؤولين الروس إلى فرنسا. وتعود إلى استعراض ما حدث أثناء زيارة بوتين لفرنسا عام 2007، أثناء رئاسة نيكولا ساركوزي. فقد حاول الرئيس الفرنسي مناقشة جميع المواضيع مع ضيفه الروسي، فكان رد بوتين، كما يكشف الصحافي الفرنسي نيكولا إينان، في كتابه "فرنسا الروسية" (2016)، جافّاً ومُهدِّداً "فرنسا بلد صغير" في حين أن روسيا "بلد كبير جداً". وختم بالقول "إذا واصلتَ الحديث بهذه اللهجة، سأسحقك".
وعلى رغم من تفسير الإليزيه بأن بوتين ألغى هذه الزيارة بسبب إصرار هولاند، إلا أن صحيفة "لوكنار أونشينه"، قدمت تفسيراً آخر، موضحةً "علينا أن نعترف بأن بوتين، الذي استخدم بلدُهُ، بدعم من الصين ومصر، الفيتو أمام المشروع الفرنسي الداعي لوقف الغارات على حلب، كان حزينا من افتتاحه، لوحده، للكنيسة الروسية الجديدة في باريس، من دون هولاند المصرّ على الحديث عن سورية".
وختمت الصحيفة بأن هذا الإلغاء لزيارة بوتين مُفيدٌ لكلا الطرفين، إذ "يُخرج هولاند من الوضعية غير المريحة التي وضع نفسه فيها، بين البراغماتية والأخلاق. وتسمح، وهذا مُثيرٌ للقلق، للشاعر بوتين أن يكسب الوقت. فبينما لا يفتتح الكاتدرائية الأرثوذكسية يواصل في جوّ من الحرب الباردة، إرسال قاذفاته لتدمير ما تبقى من شرق حلب، وخاصة سكانها".
بدورها، رأت "ليبراسيون" أن "الأبواب تنغلق من حول بوتين". وكتبت الصحيفة قائلة إن باريس "بإرغامها الرئيس الروسي على إلغاء زيارته تريد إشعاره بأن الأزمة السورية هي الموضوع الوحيد الذي يستحق أن يُناقَش".
كذلك أشادت الصحيفة بموقف البريطانيين الذين ألتحقوا، أخيراً، بالموقف الفرنسي من أجل ممارسة الضغوط على الروس، قائلةً "أقدم البريطانيون، يوم الثلاثاء، على إجراء غير معهود، عبر تنظيم نقاش استعجالي حول القضية السورية في مجلس العموم، وخرج النواب البريطانيون، من كل الاتجاهات السياسية، من لغتهم الدبلوماسية المعتادة".
وأضافت "وفي تصريح يخالف الدبلوماسية، بعض الشيء، دعا وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، إلى تنظيم تظاهرات أمام السفارة الروسية في لندن، معتبراً أن روسيا إذا واصلت السير في هذه الطريق فإنها ستصبح أُمّة خارجة عن القانون. كما وصف ما يحدث في حلب، من قصف للمستشفيات وقطع متعمد للكهرباء والماء بأنه جرائم حرب".
ونقلت الصحيفة اليسارية تصريحاً لوزير التنمية الداخلية في الحكومة البريطانية السابقة، أندريو ميتشيل، قال فيه "ما يفعله الروس في الأمم المتحدة يشبه تماماً ما فعلته إيطاليا وألمانيا بعصبة الأمم في الثلاثينيات من القرن الماضي. إنهم (أي الروس) يفعلون بحلب ما فعله النازيون في غيرنيكا أثناء الحرب الأهلية الإسبانية".
أمّا صحيفة "لاكروا فنشرت في افتتاحيتها، مقالاً للصحافي غيوم غوبير، بعنوان: "خطأ فرنسي وحيلة روسية"، قال فيه "هكذا فقد فرانسوا هولاند فائدة استقبال الرئيس الروسي لمناقشته المأساة السورية. لأن ما يحدث في سورية هو من الخطورة بحيث يفرض كل اللقاءات الممكنة من أجل وقف إطلاق النار. ولكن مثل هذه المأساة تتأقلم، بصعوبة، مع مبادرات أخرى، بروتوكولية".
وعن الرئيس الروسي، كتب غوبير، بأنه "عرف كيف يضع، وبمهارة، إلغاءَ الزيارة على حساب تردّد الرئيس الفرنسي. وهذا يظل حيلةً من أجل إخفاء عزلته الدبلوماسية".