وشنّت قوات النظام والمليشيات المساندة لها هجوماً واسعاً، بعد ظهر اليوم، على جبهاتٍ تتيح التقدم نحو الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة في حلب، لكن الهجوم، والذي لا يعتبر الأول من نوعه خلال الأسبوع الأخير، فشل في الوصول إلى عمق أحياء حلب القديمة وشرقها.
ورغم التقدم الطفيف للنظام إلا أن وسائل الإعلام الموالية له "ضخمت التقدم"، معلنة سيطرة قواته على كتلٍ سكنية عدّة في حي الفرافرة في حلب القديمة، غير أن فصائل المعارضة الموجودة هناك اشتبكت مع قوات النظام وتمكنت، بحسب مصادر عسكرية في المدينة، من الحفاظ على مناطق تموضعها، وصد الهجوم هناك، مع ردها كذلك هجمات أخرى في منطقة الـ"1070 شقة" بحي الحمدانية.
والهجوم الذي شنته قوات النظام دارت مواجهاته على تخوم مناطق بابي النصر والحديد، وقسطل حرامي وساحة الحطب، وحي الحميدية، وجميعها تحت سيطرة فصائل المعارضة المسلحة، والتي تواجه تحدياتٍ كبرى في الحفاظ على مناطقها في حلب، خاصة مع حملة القصف الجوي العنيف وغير المسبوق التي تنفذها طائرات روسيا والنظام يومياً في حلب.
وإذا كان من الصعوبة بمكان، وسط هذه التطورات الميدانية المتلاحقة في حلب، معرفة مآلات الهجوم الذي كرر النظام إعلانه منذ مساء الخميس، وقال إنه يهدف إلى "استعادة السيطرة على كامل المدينة"، فإن المحلل الاستراتيجي أحمد رحال يشير في هذا السياق، إلى أن "الأمور الميدانية بالنسبة لفصائل الثورة تبدو في وضع حرج، لأن النظام يحشد لهذا الهجوم منذ فترة".
لكن رحال أضاف خلال تصريحات لـ"العربي الجديد"، أنه و"رغم صعوبة الوضع إلا أن الفصائل المقاتلة لا تزال تتصدى للهجمات المتلاحقة، وقد استعادت مخيم حندرات، أمس الإثنين، بعدما خسرته بعدة ساعات، فطبيعة المعارك الآن تأخذ طابع الكر والفر، ولو أن وجود هذا الغطاء الناري الجوي الكثيف لا شك يرهق كاهل الفصائل المدافعة عن حلب".
في المقابل، رأى الباحث في الشؤون العسكرية، جيمس دينسلو، أن هذه اللحظة أفضل فرصة للنظام لاستعادة حلب بعد أربع سنوات من المعارك، إذ إن ضربات النظام أكثر قوة وكثافة، كما أن الضربات وحصار الجزء الشرقي من المدينة يجعلان من الصعب جداً، بالنسبة للمعارضة، الحفاظ على دفاعاتها".
وأضاف لـ"العربي الجديد" أن "حلفاء المعارضة الدوليين ممكن أن يختاروا هذه اللحظة لتعزيز المعارضة بأسلحة جديدة، بما في ذلك أسلحة مضادة للطيران، لكن هذا الافتراض خاضع إلى لعبة متغيرة باستمرار، في نهاية المطاف الأسئلة بخصوص معركة حلب الكبيرة ستبقى، وخصوصاً إلى أي مدى ستظل شرق حلب صامدة باتجاه المتغيرات الأخيرة؟".
وكان مسؤول الإعلام في الدفاع المدني بحلب، إبراهيم أبو الليث، قد أكّد لـ"العربي الجديد" أن "قوات النّظام حاولت التقدم اليوم، عبر محاور عدّة من جهة الأحياء القديمة، لكنها فشلت بعد تصدّي المعارضة لها"، كاشفاً عن تسرب معلومات تفيد بأن "النظام السوري يحشد مليشيات عراقية ولبنانية وإيرانية وأفغانية، إضافة لمليشيات محلية وقوات روسية في عدّة محاور، تمهيداً لعمل عسكري بري كبير ضدّ المنطقة الشرقية".
وحذّر المسؤول في فرق الإنقاذ العاملة شمالي سورية من "كارثة إنسانية" في "حال تمكّنت قوات النظام من اقتحام المنطقة، إذ إن 250 ألف مدني، جلهم أطفال ونساء وشيوخ، معرّضون لمجازر على يد تلك المليشيات".
وفي حين لم تُعلن المعارضة المسلحة، خلال الأيام الأخيرة، عن أي عملٍ عسكري ضد مواقع قوات النظام في حلب، علم "العربي الجديد"، في وقت سابق، من مصادر عسكرية بالمعارضة، تحضيرها لـ"عمل عسكري كبير" رجحت المعلومات أنه قد يكون عند جبهات القتال قرب محور الكاستيلو.
وكان المتحدث باسم "حركة نور الدين زنكي" التابعة لـ"الجيش السوري الحر" في حلب، النقيب عبد السلام عبد الرزاق، قد قال في حديث لـ"العربي الجديد"، إن لدى المعارضة خيارات عدّة للمواجهة، منها تنسيق العمل العسكري وتوحيده، و"نقل المعركة إلى حيث نريد".
وأضاف "نستطيع تغيير قواعد المعركة بتغيير جبهة الهجوم في أماكن لا يضع فيها النظام جهد الدفاع الرئيسي"، متوقعاً أن تهاجم قوات النظام خلال هذه الفترة "مواقع مهمة في حلب بعد القصف العنيف والتدمير الممنهج"، بهدف تقطيع أوصال المدينة.