وقد وصلت معلومات استخباراتية للولايات المتحدة بشأن تحركات من جانب قوات حفتر، لاقتحام طرابلس عسكرياً، عقب إعلانه السيطرة على مدينة بنغازي، بمساعدة مصرية إماراتية. وكشف مصدر أميركي في القاهرة أن الولايات المتحدة أبلغت مصر عدم قبولها بأي خطوة من شأنها زعزعة الأوضاع الأمنية في ليبيا بشكل أكبر من الصورة الحالية. وأكد المصدر، الذي التقته "العربي الجديد"، أن "قائد القيادة الأميركية في أفريقيا (الجنرال توماس والدهاورز)، أكد لرئيس الأركان المصري، ورئيس اللجنة المعنية بمتابعة الشأن الليبي، الفريق محمود حجازي، الذي التقاه منذ يومين، أن الولايات المتحدة لن تقبل في ليبيا بأي حل خارج إطار التوافق الأممي بشأن حكومة الوفاق، واتفاق الصخيرات".
وأضاف المصدر أن "الولايات المتحدة أكدت لكل من مصر والإمارات، أكبر الداعمين لحفتر، أن أي تحركات عسكرية نحو العاصمة طرابلس، أو القيام بأي تصرفات من شأنها إثارة الفوضى، مرفوضة أميركياً". وتابع أن "الولايات المتحدة متمسكة بالخيار الأممي، وترى أن أي حل لا بد أن يكون داخل هذا الإطار، وبمشاركة حفتر"، لافتاً، في الوقت ذاته، إلى أن "أميركا لا يمكن أن تقبل بحفتر وقواته كممثل حصري للدولة الليبية"، مشددا على أن بلاده "ترى أن حفتر بمفرده لا يختلف كثيراً عن المليشيات المنتشرة في ليبيا"، موضحاً "ليس معنى أن تضم قواته بقايا كتائب القذافي أنّ هذا هو الجيش الوطني الليبي". وأوضح المصدر أن الخطوة التي كان يعتزم حفتر تنفيذها تم التخطيط لها بمباركة مصرية، وتمويل إماراتي، إذ ستقوم أبوظبي بتمويل اتفاقات حفتر مع بعض المليشيات القبلية لمساعدته في اقتحام طرابلس، لافتة إلى أن زيارة حفتر لأبوظبي، التي التقى خلالها ولي العهد، محمد بن زايد، كانت لهذا الهدف. وأشارت إلى أن خطة حفتر كانت تسعى إلى فرض واقع جديد على الأرض بشكل سريع، بحيث يتم إجبار المجتمع الدولي بعدها على القبول بهذا الوضع الجديد.
في السياق ذاته، نقلت وسائل إعلام ليبية، أمس الخميس، عن مسؤولين في السفارة الأميركية لدى ليبيا تصريحات مفادها بأن أميركا "تقوم بإشراك مجموعة واسعة من الشخصيات السياسية والأمنية الليبية، في محاولة للنهوض بالعملية السياسية واستعادة الاستقرار، وهذا يشمل خليفة حفتر". وأضافت مصادر السفارة إنها تضغط على جميع الأطراف في ليبيا لتخفيف التوتر، والتحرك نحو حل توافقي على أساس الاتفاق السياسي الذي يوفر خارطة طريق لحكومة انتقالية وانتخابات وطنية. وأكدت، في تصريحها، أن الولايات المتحدة ما تزال ملتزمة تماماً بالعمل مع رئيس المجلس الرئاسي، فائز السراج، وحكومة الوفاق الوطني، والممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، غسان سلامة. وشددت على أنه "على الليبيين أن يقودوا عملية تحقيق المصالحة السياسية في بلادهم"، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة ملتزمة بالعمل مع ليبيا وشركائها الدوليين للمساعدة على إحلال الاستقرار وحل الصراع في البلد.
إلى ذلك، التقى وزير الخارجية في حكومة الوفاق الوطني، محمد الطاهر سيالة، في طرابلس أول من أمس، مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون مصر والمغرب العربي، ييل ليمبيرت. وذكر المكتب الإعلامي لوزارة الخارجية التابعة لحكومة الوفاق، في بيان، إن الجانبين ناقشا، بحضور السفير الأميركي في ليبيا، بيتر بودي، إمكانيات تعديل الاتفاق السياسي وفق الآليات المنصوص عليها، واستبعاد أي حل عسكري والمضي قدماً في المصالحة الوطنية. على صعيد متصل، فإنه من غير المعروف ما إذا كان لقاء حفتر مع قائد القوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، الجنرال توماس والدهاورز وبودي، الأربعاء، قد تناول ما أوردته شبكة "سي إن إن" الأميركية حول سعي إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لدراسة سياسة دبلوماسية وعسكرية جديدة في ليبيا، قد ترى النور خلال الأسبوعين المقبلين، تهدف إلى تبادل المعلومات الاستخباراتية لملاحقة الجماعات الإرهابية والقضاء عليها. وأشارت الشبكة إلى أن هذه السياسة، إن تمت المصادقة عليها، ستوسع بشكل مهم انخراط واشنطن في الملف الليبي، وستدعم تعزيز الهدف الأميركي الحالي لدعم عملية المصالحة بين الفصائل المتنافسة في شرق وغرب ليبيا.