ورغم انقضاء نصف المدة الدستورية الممنوحة للكاظمي لتشكيل حكومته، فإن جميع المعلومات الواردة من كواليس مفاوضات الساعات الماضية تؤكد أن الكاظمي يواجه رفضا سياسيا واسعا من قبل الكتل السياسية العربية الشيعية لكابينته الوزارية التي قدمها لها.
ووجد الكاظمي نفسه أمام خيارين أن يقوم بتغيير شبه كامل للقائمة التي قدمها بأسماء الوزراء المرشحين لشغل حقائب وزارية في حكومته، واعتماد ترشيحات وأسماء قدمت له، ومراعاة التحفظات على أسماء أخرى، من قبل الكتل السياسية وخاصة "الفتح"، و"دولة القانون"، وسائرون"، أو البقاء متمسكا بآلية اختياره الوزراء القائمة على تسليم الوزارات والمناصب الأمنية والعسكرية لشخصيات مستقلة غير حزبية، واختيار وزراء لهم خبرة أو خلفية سابقة في مجال الحقائب التي سيتولون إدارتها، وهو ما يعني أنه سيواجه في هذه الحالة مصير سلفيه علاوي والزرفي.
وحول ذلك أقر النائب عن تحالف "سائرون"، رياض المسعودي، بما وصفه "الصراع على المناصب والوزارات والهيئات الحكومية"، مضيفا في حديث لـ"العربي الجديد"، أن هذا الصراع "يؤثر بشكل كبير على تمرير الحكومة الجديدة، خصوصاً ونحن في نصف المهلة الدستورية".
وبين المسعودي أن "رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي، أصبح الآن أمام ثلاث خيارات، الأول أن يكون رئيس حكومة انبطاحية ويعطي القوى السياسية ما تريد وهناك ستمرر حكومته بسهولة في البرلمان، والخيار الثاني، أن يستخدم الكاظمي مهاراته، ومهارات فريقه التفاوضي، لصنع حكومة مختلطة، ويرضي الأطراف السياسية بالحد الذي يمرر به حكومته ويسمح له بالحركة، والخيار الثالث، يقدم الاعتذار عن مهمة تشكيل الحكومة الجديدة".
وأكد "هناك جهات سياسية لا تريد تشكيل حكومة جديدة قوية، بل هي تعمل على عرقلة تشكيل الحكومة الجديدة، حتى تبقي الحكومة الحالية، برئاسة عادل عبد المهدي، فهي مستفيدة من الوضع الحالي، جداً، ولهذا هي تضع عراقيل أمام كل مكلف جديد".
وأضاف المسعودي أنه "حتى الساعة لا يوجد أي توافق على تمرير حكومة مصطفى الكاظمي، فالصراعات مستمرة، كذلك الحوارات مستمرة". وبحسب نائب في البرلمان العراقي وسياسي مقرب من الكاظمي، فإن الأخير بات أمام خيارين إما الموافقة على ترشيحات الكتل السياسية واستبعاد من ترفضه تلك الكتل، وإخضاع وزارات الدفاع والداخلية لنفس آلية باقي الوزارات في المحاصصة، أو التمسك برأيه.
ووفقا لعضو في البرلمان العراقي تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن "قوى سياسية شيعية لوحت للكاظمي بأنه لا يمكن أن يمر من باب البرلمان بمثل هذه التشكيلة الحكومية وفرضت شروطها عليه"، مؤكدا أن "بعضها صارت تتفاوض مع الكاظمي من دون علم الأخرى ضمن تنافس غير خاف على العراقيين بين الكتل السياسية".
وكشف أن قوى سياسية طالبت الكاظمي بإدخال جهاز المخابرات العراقي، وكذلك منصب مدير مكتب رئيس الوزراء، والأمانة العامة لمجلس الوزراء، ضمن التفاوض، واستحداث منصب نائب رئيس الوزراء لشؤون الأمن، ومنصب نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة والاقتصاد ضمن مساعي خلق مناصب أكثر بالحكومة للسماح بتوزيعها على الكتل السياسية.
وأكد أن رئيس الوزراء المكلف يواجه صراعا جانبيا بين كتل "دولة القانون"، و"بدر"، و"سائرون"، على منصب وزارة الداخلية، وكل طرف يدّعي حقه بالمنصب وقدم مرشحين منه للوزارة، والأمر نفسه للكتل السياسية السنية التي تتصارع على منصب وزارة الدفاع.
في المقابل، قالت النائبة عن تحالف "القوى العراقية" انتصار الجبوري، لـ"العربي الجديد"، إن قوى سياسية "تحاول عرقلة جهود تشكيل كل حكومة جديدة، من أجل الإبقاء على الحكومة الحالية، برئاسة عادل عبد المهدي"، مضيفة "لهذا هناك جهات سياسية شيعية تفرض رأيها على رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي، برفض وقبول مرشحي حتى الحقائب الوزارية من حصة المكونات الأخرى، لإجباره على تقديم اعتذاره".
وبينت الجبوري أن "رفض القوى السياسية الشيعية لكامل الكابينة الوزارية يأتي ضمن صفقة سياسية، خصوصاً أن الاعتراض على المرشحين يتم من دون أي أدلة تدين هؤلاء بأي شيء، لكن نحن نخشى من وجود صفقة لإبقاء الوضع على ما هو عليه، وهذا لا يخدم البلاد، خصوصاً وهي تمر بأزمات اقتصادية وصحية، وهي بحاجة الى حكومة قوية بكامل الصلاحيات".
يُذكر أن رئيس الجمهورية برهم صالح قام، في التاسع من شهر إبريل/نيسان الحالي، بتكليف الكاظمي بتشكيل الحكومة الجديدة. وبحسب الدستور، فإن أمام رئيس الوزراء المكلف شهرا واحدا لتقديم تشكيلته للبرلمان من أجل التصويت عليها، ينتهي في التاسع من الشهر المقبل، وسط مخاوف من تكرار سيناريو محمد توفيق علاوي وعدنان الزرفي مع الكاظمي.