عقب سلسلة الهجمات التي تعرّضت لها، تواصل مليشيات عراقية مسلحة مختلفة، منذ أيام، عمليات نقل واسعة لمعسكرات ومستودعات سلاحها الثقيل، خاصة تلك التي تضم صواريخ أو مواد متفجرة، وسط إجراءات أمنية مشددة من قبلها، حيث تتم تلك العمليات ليلاً بالعادة.
ووفقاً لمسؤولين عراقيين في بغداد، فإنّ عمليات نقل السلاح وتغيير مواقعه تتم بالتزامن مع عمليات الجيش العراقي الحالية لمطاردة فلول تنظيم "داعش"، في الصحراء الغربية، والمحور الشمالي من العراق ضمن سلسلة جبال حمرين وتلول الباج والبعاج والحظر وسهل نينوى، وذلك لإضفاء مزيد من السرية على العمليات الحالية والتمويه على ما إذا كانت لنقل مخازن سلاح أو أرتالاً عسكرية ضمن مهام ملاحقة التنظيم.
ويأتي هذا عقب هجمات طاولت معسكرات "الحشد"، واغتيال القيادي بكتائب "حزب الله" أبو علي الدبي، مساء الأحد، داخل الأراضي العراقية الحدودية مع سورية في بلدة القائم بواسطة طائرة مسيرة.
وتعرض الأسبوع الماضي، معسكر تتشارك فيه مليشيات "كتائب حزب الله" و"جند الإمام"، في مدينة بلد، بمحافظة صلاح الدين شمال بغداد، لقصف نجم عنه تدمير واسع في المعسكر ومخازن السلاح، بالإضافة إلى خسائر مادية بممتلكات السكان القريبين من المكان بفعل تساقط صواريخ وقذائف على منازل بقرى مجاورة.
وقال مسؤول عسكري عراقي، لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، إنّ "الحشد الشعبي، يعتقد بوجود جواسيس وعملاء مخابرات، لذلك فهو ينقل مخازن سلاحه تحت جنح الظلام وضمن حلقات ضيقة من العناصر التي تشرف على العملية".
وكشف المسؤول عن "نقل ما لا يقل عن 10 مستودعات حتى الآن، أغلبها في بغداد وديالى وصلاح الدين، إلى مناطق أخرى من البلاد، وتمت الاستعانة بآليات الجيش العراقي في المهمة"، مبيّناً أنّ "مديرية أمن الحشد"، تتولى خطة واسعة من أجل "إضفاء سرية أكبر على ترسانة الحشد وجردها ورفع مستوى الأمن لها، بما فيها اعتماد أسلوب الخزن الأرضي (مستودعات خزن السلاح تحت الأرض).
في الأثناء، علم "العربي الجديد"، أنّ كلاً من أبو مهدي المهندس نائب زعيم "الحشد، وزعيم مليشيا "العصائب" قيس الخزعلي، غادرا إلى إيران في زيارة سريعة لا يعلم سببها، وسط تكهنات عن أنّها تتعلق بسعي بعض المليشيات العراقية المسلحة للحصول على صواريخ أرض - جو ضمن إمدادات تسمح بإسقاط الطائرات المسيرة التي تحلق فوق مقرات "الحشد"، دون أن يكون لها ترخيص من الحكومة العراقية.
وأمس الإثنين، تحدث بيان صادر عن "هيئة الحشد الشعبي"، وهي المظلة الجامعة للمليشيات العراقية المسلحة، عن "معالجة طائرة مسيرة فوق أحد مقرات الحشد في نينوى".
وبحسب البيان، فإنّه "تم رصد طائرة مسيرة حلقت أكثر من 20 دقيقة فوق أحد مقراتها، وبعد التأكد من المراجع أنّ الطائرة ليست عراقية، وليس لقيادة العمليات علم بتحليقها، تمت معالجتها فوراً بسلاح مقاومة الطائرات"، دون أن يكشف ما إذا كانت قد أُسقطت فعلاً أم لا.
في غضون ذلك، نفت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ضلوعها بأي شكل من الأشكال في القصف الذي طاول مخازن "الحشد الشعبي".
وقالت، في بيان: "لم تقم القوات الأميركية بقصف أو شن أي هجمات أخرى أدت إلى تفجير مستودعات ذخيرة بالعراق"، معتبرة أنّ "هذه الاتهامات خاطئة ومثيرة للاشمئزاز، فواشنطن تدعم سيادة العراق".
وعقد رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، مع رئيسي الجمهورية والبرلمان، برهم صالح ومحمد الحلبوسي، اجتماعاً، مساء أمس الإثنين في قصر السلام ببغداد، مع كل من هادي العامري زعيم منظمة "بدر"، وأكرم الكعبي زعيم مليشيا "النجباء"، وأبو آلاء الولائي زعيم مليشيا "سيد الشهداء"، والقياديين بالحشد أحمد الأسدي، وسامي المسعودي، إضافة إلى فالح الفياض رئيس "هيئة الحشد الشعبي"، وبحضور مستشارين وقادة أمنيين بمكتب رئيس الوزراء.
وبحسب مصادر مقربة من أجواء الاجتماع في بغداد، فإن "غايته كانت أخذ ضمانات من الفصائل بعدم الرد على الاعتداءات التي بات مسلماً بها أنها إسرائيلية، حيث هناك خشية من تعرض القواعد والمصالح الأميركية في العراق تحديداً للاستهداف".
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن بغداد أبلغت الأميركيين بضرورة وقف الاعتداءات، وأنها لن تتمكن من السيطرة على الفصائل أكثر من ذلك، ولن تضمن رد فعلها في حال تكررت الهجمات.