في هذا الإطار، يتوقع الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية، كيريل سيميونوف، أن "تتركز قمة اليوم على الأوضاع في إدلب ومنبج، وإقامة منطقة آمنة شمال شرقي سورية، وتشكيل اللجنة الدستورية". ويقول سيميونوف في حديث لـ"العربي الجديد": "يبدو أن روسيا تدرك كافة المخاطر المتعلقة بشن عملية عسكرية في إدلب، بما فيها سقوط ضحايا بين المدنيين وموجة جديدة من النزوح. لذلك، فإن موسكو مستعدة لإرجاء الحل العسكري في إدلب وتسعى لتحميل تركيا جزءاً من المسؤولية عنه. وبدورها، تتطلع تركيا لإقامة منطقة آمنة إضافية في محيط إدلب تكون امتداداً للمنطقة الآمنة بعرض 32 كيلومتراً المزمع إقامتها شمال شرقي سورية". وحول العوائد السياسية التي قد تحققها روسيا وإيران مقابل الاعتراف بحق تركيا في إقامة منطقة آمنة، يضيف: "ليس من المستبعد أن تسعى موسكو وطهران لمطالبة أنقرة بالاعتراف بنظام بشار الأسد كسلطة شرعية في البلاد والبدء باستعادة العلاقات معه، على أن يتم إدراج هذه الصفقة ضمن اتفاق أضنة المحدث. كما قد تقبل تركيا بسيطرة النظام على الجزء الأكبر من منبج".
ولا يستبعد سيميونوف أن "تطرح تركيا وإيران هذه المرة مبادرات بديلة للمقترحات الروسية"، قائلاً: "مع احتدام المنافسة بين روسيا وإيران في سورية ونشاط السعودية والإمارات ومصر ومشاوراتها مع موسكو، قد تعتبرها أنقرة وطهران موجهة ضد مصالحهما. لذلك، قد تظهر إيران وتركيا مرونة أكبر في أخذ مصالح إحداهما الأخرى في سورية بعين الاعتبار، وقد نتوقع نشاطا أكبر من طهران هذه المرة". وفيما يتعلق بآفاق العمل على تشكيل اللجنة الدستورية، يتابع: "سيجري بحث الوضع حول اللجنة الدستورية، ولكنه سيقتصر على وضع الملامح، على أن تتولى مجموعات العمل المعنية استكمال المهمة".
من جهته، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حول "المنطقة منزوعة السلاح" في إدلب، أمس، إنها "لا تعني أي اتفاقيات للحفاظ على جيوب إرهابية"، مشيراً إلى أنه "يجب تدمير المسلحين". وأضاف خلال مؤتمر صحافي أن "الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين رئيسي روسيا وتركيا، في سبتمبر/أيلول الماضي، بشأن حل الأزمة في إدلب، كان مؤقتاً. وتم تأكيده مرات عدة في الاجتماعات التي جرت بين قادتنا بعد اتصال سبتمبر. ولا يوجد اتفاق يشير إلى الحفاظ المستمر على هذه الجيوب الإرهابية على الأراضي السورية". وأكد لافروف على أن "قضية إدلب ستكون واحدة من القضايا الرئيسية في اللقاء مع الرئيس أردوغان، لأن الجميع يدرك أنه من المستحيل السماح لجبهة النصرة الإرهابية بمواصلة تعزيزها في هذه المنطقة، وأكرر أنها ضاعفت المناطق التي تسيطر عليها تقريبا لثلاث مرات".
وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قد اعتبر في نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، أن "تركيا والنظام السوري يمكنهما اعتماد اتفاق أضنة المؤرخ عام 1998 لبسط الأمن على الحدود السورية التركية"، معتبراً أن "هذا الاتفاق لا يزال ساري المفعول". وكانت إسرائيل استبقت القمة بقصف يوم الإثنين الماضي على القنيطرة بذريعة استهداف مواقع لـ"حزب الله" اللبناني المدعوم من إيران. وعلى الرغم من حفيظة موسكو تجاه الغارات الإسرائيلية على سورية، إلا أنها لم تبدِ حتى الآن أي رد فعل حازم على أعمال تل أبيب، مما قد يشكل موضع خلاف جديد بين روسيا وإيران.
ورأى خبراء استطلعت وكالة الأنباء الرسمية الروسية "تاس" آراءهم أن "قمة سوتشي قد تؤدي إلى التسوية الجزئية للقضايا الخلافية بين روسيا وتركيا وإيران، بما فيها الأوضاع في إدلب ومصير المناطق الكردية والضربات الإسرائيلية".
وقال كبير الباحثين في "مركز الدراسات العربية والإسلامية" في معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية، بوريس دولغوف، لـ"تاس"، إنه "من البديهي أن إيران ستطرح سؤالاً حول أعمال إسرائيل، إذ وصل الوضع إلى حد المواجهة العسكرية بين إسرائيل والقوات الموالية لإيران في سورية"، مضيفاً أن "طهران قلقة من الأعمال العدوانية لإسرائيل وتأمل دعم موسكو، كما أن الإيرانيين مستاؤون من سماح روسيا لإسرائيل بقصف مواقع الوحدات الموالية لإيران في سورية من دون عقاب".
من جهتها، ذكرت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية في عددها الصادر، أمس الأربعاء، إن "المجموعات الموالية لإيران باتت متوغلة في الجيش السوري، كما يرتدي جنودها وقادتها نفس الأزياء، فيصعب على الأجهزة الخاصة الإسرائيلية والأميركية التمييز بين الجيش السوري الحقيقي والعناصر الموالية لإيران". وكان نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، قد أعرب يوم الإثنين الماضي عن "الأهمية القصوى التي توليها موسكو لأمن إسرائيل"، مؤكداً في الوقت نفسه على تنديده بالغارات "غير المشروعة" التي تشنها إسرائيل على أهداف داخل الأراضي السورية حتى إذا كانت لها علاقة بإيران.