وفي حين أكد اليمين المتشدد في "حزب الشعب الدنماركي"، وعلى لسان مسؤول لجنة شؤون الأمن والخارجية في البرلمان، سورن اسبرسن، وجود علاقة مع الاحتلال الإسرائيلي بقوله: "ندعم هذا المقترح 100 في المائة"، يذهب اليسار الدنماركي، في "اللائحة الموحدة"، إلى "رفض قاطع" لهذه التصريحات، فيما أكدت مصادر في "الشعب الاشتراكي" و"البديل" اليساري، لـ"العربي الجديد"، مساء الجمعة، "رفض هكذا مقترح من أساسه".
ويرى برلمانيون يساريون أن "هذا السياسي يرتكب خطأ جسيما في فهم دور يسار الوسط الأوروبي". ويأتي ذلك رداً على مطالب ساس أن "يعود يسار الوسط للعب دور فاعل ومحرك في السياسة الأوروبية"، مستشهداً بتراجعه في ألمانيا.
وجاء الرد اليساري سريعاً بالتأكيد على أن "ساس يبدو أنه لا يفهم معنى حصول حزب العمال البريطاني على نحو 40 في المائة من الأصوات في انتخابات 2017، كما تجنب الاستشهاد بمواقف رئيس حزب العمل جيرمي كوربين من قضية فلسطين؛ وهو تجنب مخادع".
وذهب هنريك ساس في كتابه الصادر هذا الأسبوع، والذي يحمل عنوان "إكسودس"، إلى تخصيص جزء كامل لدولة الاحتلال، للدعوة أيضاً إلى "ضرورة إقلاع يسار الوسط الأوروبي عن الأفكار الماركسية"، والتبشير بيسار وسط "رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير الإصلاحي، والمستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر"، ما أثار لغطاً كبيراً بين مجمل يسار الوسط، المذعور من تطورات تقدم اليمين الأوروبي.
الجدل الذي أثاره ساس ومؤيدوه، بالدعوة إلى ضم دولة الاحتلال إلى النادي الغربي، في صفوف اليمين المتطرف، تأتي على خلفية انتقادات لاذعة تتعرض لها دولة الاحتلال في الصحافة والرأي العام في إسكندنافيا.
وبالنسبة لهذا السياسي، الأبرز في معسكر يسار الوسط، فإن مبررات دعوته إلى انضمام الاحتلال إلى حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي تستند إلى أن "إسرائيل دولة تستحق دعماً كاملاً من يسار الوسط الأوروبي في النزاع القائم في الشرق الأوسط، حيث إنها محاطة بأكثر من دولة عربية دخلت في حروب معها"، حسب زعمه.
وردت القيادية في "اللائحة الموحدة" اليساري، بيرنيلا سكيبر، على دعوة ساس قائلة إن "هذه أسوأ فكرة (ضم دولة الاحتلال) وسيجعل حل الدولتين مستحيلا، مثل هذه الأطروحات لا يمكن اعتبارها محفزة أبداً".
وأضافت سكيبر: "هذا الطرح مساو لسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنقل السفارة إلى القدس، ويشكل ذلك مأساة للفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال".
وبينما أيّد اليمين المتشدد دعوات "يسار وسط جديد"، اعترض على الفور حزب "الاجتماعي الديمقراطي"، مؤكداً أن "سياستنا ليست مع دخول إسرائيل إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي"، وفقاً لتوضيح وزير الدفاع الأسبق ومقرر الشؤون الخارجية، نيك هيكروب.
بدوره، وجّه الزعيم الأسبق للحزب "الاجتماعي الديمقراطي"، ورئيس البرلمان السابق، كوينز لوكا توفت، نقداً لاذعاً للفكرة بالقول "لا أسس لتطبيق هذا المقترح على الأرض إطلاقاً، ولن تكون هناك حكومة تناقش هذا الأمر في الوقت الحالي".
لوكا توفت، المعروف بمواقفه النقدية اللاذعة للاحتلال، وتعرّضه لحملات من اللوبيات الصهيونية، يحظى باحترام شعبي واسع؛ مضى يقول "طرح هذه الفكرة للنقاش يستدعي أولاً إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وقبول تأسيس دولة فلسطينية، وللأسف حكومة إسرائيل غير مهتمة البتة، وهي تعمل بشكل يعارض الحل، ويقوّض تماماً فرص بناء دولة فلسطينية".
ويؤكد لوكا توفت أن "إسرائيل تمارس الاستعمار في المناطق الفلسطينية، من خلال ما يطلق عليه الاستيطان، وهو بحسب قرارات الأمم المتحدة غير شرعي، وما يُترك للفلسطينيين فقط جيوب صغيرة للابتعاد عن حل الدولتين".
كما أثار قول ساس إن "إسرائيل الدولة الليبرالية الديمقراطية الوحيدة في المنطقة" غضباً بين اليسار الذي تساءل مع لوك توفت: "هل القتل والاحتلال يتساوى مع الديمقراطية؟ وماذا كان موقف الغرب من سعي الشعوب العربية إلى الديمقراطية والحرية؟".
وأطلقت الصحافة والتلفزيون الدنماركي، على الجدل الساخن، بين لوكا توفت وساس، في اجتماعات المجموعة البرلمانية، أمس الجمعة، لمناقشة طرح ساس؛ تسمية "عراك شفوي" في يسار الوسط بسبب إسرائيل. وأصر لوكا توفت على مناقشة الحزب لهذه النقطة في جدول الأعمال، مطالباً بـ"ضرورة دعم الدنمارك الفلسطينيين بدلاً من ذلك".
يذكر أن هنريك ساس، الذي يحتل منصباً متقدماً في يسار الوسط، يُعرف في أوساط حزبه بـ"صديق إسرائيل".