بات الأمن الاستباقي والدعاية المضادة محور اهتمام السلطات الأمنية في معظم الدول الأوروبية بعدما ثبت أن شبكة الإنترنت أصبحت الوسيلة الأهم للتنظيمات المتطرفة في التخطيط والتنسيق لأعمالها الإرهابية إضافة إلى الترويج لأفكارها وعقائدها بهدف جذب الشباب في أوروبا.
من هذا المنطلق تحاول دول الاتحاد الأوروبي الذهاب بعيداً لمواجهة الدعاية على الشبكة العنكبوتية، وفرض الأمن الاستباقي من خلال تعزيز أقسامها وشُعبها الأمنية بعدد من الخبراء والمتخصصين في هذا المجال. ويأتي ذلك استجابة لاقتراح منسق الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب جيل دي كيرشوف بإنشاء قسم الدعاية الأوروبية المضادة بهدف خلق آلية تعامل معها وكشف وحذف المحتوى عن الشبكة لمنع التطرف، وفضح الأساليب المتبعة من استخدام صور العنف لردع الشباب عن الالتحاق بهم.
هذا الأمر كان في صلب اهتمامات وزراء الداخلية الأوروبيين أخيراً، إذ تم إنشاء خلية مشتركة من الخبراء لإطلاق ما سمي "تنظيف شبكة الدعاية"، وضم موظفين من الشرطة الأوروبية وخبراء من السلطات الوطنية لتقديم المشورة للمؤسسات الأوروبية والدول الأعضاء ودعم حملاتها في هذا المجال، واعتُمد مشروع تجريبي منتصف العام 2016 قُدّرت ميزانيته بمليون يورو لتبادل المعلومات وتوسيع نطاق عمل الشبكة.
وكانت وسائل التواصل الاجتماعي هدفاً أساسياً في هذه الخطة، إذ تم تعزيز التعاون بين الاتحاد الأوروبي وشركات مقدمي خدمات الإنترنت ومواقع "تويتر" و"فيسبوك" و"يوتيوب" وغيرها، فأعطيت الشركات في نهاية مايو/أيار ما سُمي "مدونة سلوك" لمكافحة خطاب الكراهية غير القانوني على الشبكة، ومنها الصور والفيديوهات والرسومات التي يتم نشرها من قِبل تلك التنظيمات التي تشرح على طريقتها وبمفهومها الخاص الموضوعات التي تساهم في نشر إيديولوجياتها المتطرفة. وبحسب تقارير صحافية، فإن الشركات المعنية دربت موظفين للعمل على إزالة تعليقات الكراهية غير المشروعة في أقل من 24 ساعة، وبالتالي حماية المستخدمين عديمي الخبرة والذين وصلوا إلى هذا المحتوى عن طريق الخطأ.
وفي هذا الإطار، يقول خبراء في الشؤون السياسية الأوروبية إن الأدوار السلبية لتلك التنظيمات تجلّت في الفهم غير الصحيح للكثير من الأمور ومنها مصطلحات الجهاد والإرهاب والتطرف بين الشباب، كما الربط بينها وبين المجتمع الإسلامي والتعامل على أن هناك نوعاً من التجانس بين الفئتين. ويلفت هؤلاء إلى ضرورة مكافحة الجرائم عبر الشبكة العنكبوتية من خلال التوعية والوقاية، وذلك توازياً مع العرض الجاد للمعلومات لمواجهة الدعايات الخاصة بالمنظمات الإرهابية التي تستخدم كافة الأساليب لتجنيد أتباع لها من الشباب في المجتمعات الأوروبية، مشيرين إلى أن تلك التنظيمات تعي أهمية الإنترنت كقيمة مضافة لعمليات التجنيد، وهي تسارع إلى إعادة فتح حسابات جديدة عند إغلاقها ونشر المحتوى وتوجيه رسائل ومواد تدفع المتعاطفين معها إلى التحرك.
وكانت الداخلية الإسبانية قد أعلنت قبل أيام عن تفكيك خلية مؤلفة من خمسة أشخاص تروج لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على الإنترنت في كل من إسبانيا وألمانيا وبلجيكا، اعتقل ثلاثة منهم في برشلونة ومليلة الإسبانيتين وواحد في مدينة فوبرتال الألمانية وآخر في العاصمة البلجيكية بروكسل.
اقــرأ أيضاً
وفي ألمانيا تم تعزيز مبادرات المجتمع المدني، وفُتحت النقاشات حول أسباب التطرف، وذلك بهدف مواجهة هذا الواقع الذي يتعرض له الشباب، عدا أن السلطات الألمانية أخذت على عاتقها تعزيز قدرات عناصر أقسامها المولجة بمكافحة الجرائم عبر الإنترنت، والاستعانة بخبراء تكنولوجيا المعلومات لمساعدة المحققين والمدعين العامين المكلفين بملفات أمنية حساسة، إضافة إلى إنشاء شُعب ضمن الأقسام لتسهيل وضمان سرعة الوصول إلى المعلومة. وتشهد العديد من مراكز الشرطة في الولايات الألمانية دورات إعداد وتأهيل خبراء ومحققين ملحقين، لزيادة المساهمة الفاعلة في كشف مخططات وملفات متعلقة بجرائم الإنترنت.
في المقابل، يتحدث العديد من خبراء الأمن الأوروبي عن صعوبات وثغرات تواجه الأجهزة الأمنية ومنها ما يعيق عملها على الشبكة، وهذا ما عبّر عنه أيضاً رئيس المخابرات الداخلية الألمانية هانز جورج ماسن أخيراً، موضحاً أن هناك الكثير من العقبات التي ما زالت تواجه السلطات وأجهزة المخابرات في ألمانيا، وخصوصاً من الناحية القانونية، إذ هناك صعوبات في سرعة فك الشيفرات والمحتويات لأن الكثير من مقرات مزودي خدمات الاتصالات موجودة خارج ألمانيا وهذا ما يتطلب في بعض الأحيان الانتظار لأيام وربما لشهور لإنجاز ذلك. مع العلم أن العديد من الشركات قامت بتطوير برامجها بعد أن فرض تحدي الأمن في الفضاء الالكتروني واقعاً لصد عمليات القرصنة، إضافة إلى تحديث الكثير من معايير السايبر وتلك الخاصة بأمن المعلومات.
لكن النجاح في هذه المهمة يتطلب بحسب خبراء، سنّ قوانين تنظم قواعد عمل البرمجيات والإجراءات الخاصة بها عبر الإنترنت، وهي أحد أهم التحديات التي تواجه الأجهزة الأمنية، والتفكير بإنشاء مراكز بيانات وتبادل الخبرات على المستوى الدولي. حتى أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل إن المفوضية الأوروبية اقترحت أخيراً على دول الاتحاد تشديد الإجراءات وزيادة الضوابط على آليات تصدير السلع وتقنيات أجهزة مراقبة أمن الإنترنت، بعدما تبيّن وجود خلل وتقصير في هذا المجال مع تطور تقنيات المراقبة وزيادة المخاطر والتهديدات التي طاولت الأمن الدولي، مع التركيز على ضمان الإطار القانوني، وذلك مخافة من أن يساء استغلال هذه الصادرات، ومنها المواد الكيميائية والالكترونية وأجهزة الاتصالات، كوقوعها في يد جماعات متشددة مثلاً.
في سياق متصل، تنشط أجهزة الاستخبارات الألمانية لتعقب أصحاب الدعوات التحريضية على الشبكة العنكبوتية المطالبة بتنفيذ أعمال إرهابية في البلاد، كما أعلنت شرطة مكافحة الجريمة في عدد من الولايات الألمانية. ولفتت إلى أن أكثرها يتم عبر خدمة "ماسنجر تلغرام"، ووصل بهم الأمر للتحريض على أئمة مساجد مناهضين لتنظيم "داعش"، علماً أن السلطات وضعت أكثر من 100 مراهق، بالتعاون مع أولياء أمورهم، تحت المراقبة بعد أن تبيّن لها تأثرهم بأيديولوجيات التنظيم.
يشار إلى أن اليمين المتطرف في ألمانيا استفاد أيضاً من شبكات التواصل الاجتماعي، وعمد أخيراً إلى توجيه دعوات لمناصريه للتجمّع في عدد من الأماكن والساحات العامة في البلاد، خصوصاً في الولايات الشرقية منها، حيث الثقل اليميني المتطرف المعروف بكراهيته للأجانب ومعاداته للإسلام. وقام هؤلاء بمهاجمة مراكز إيواء اللاجئين أو مقار جمعيات إسلامية، كان آخرها ما حصل في مدينة باوتسن (شرق البلاد)، حيث تداعت جماعات يمينية متطرفة عبر شبكة "فيسبوك" للتجمع في إحدى الساحات وهاجمت مجموعة من اللاجئين المقيمين. كذلك تم التعرض بشكل متزايد لمراكز إيواء اللاجئين والتي كان آخرها في مدينة بريمن حيث تم حرق أربع حاويات معدة لاستقبالهم بزجاجات المولوتوف.
من هذا المنطلق تحاول دول الاتحاد الأوروبي الذهاب بعيداً لمواجهة الدعاية على الشبكة العنكبوتية، وفرض الأمن الاستباقي من خلال تعزيز أقسامها وشُعبها الأمنية بعدد من الخبراء والمتخصصين في هذا المجال. ويأتي ذلك استجابة لاقتراح منسق الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب جيل دي كيرشوف بإنشاء قسم الدعاية الأوروبية المضادة بهدف خلق آلية تعامل معها وكشف وحذف المحتوى عن الشبكة لمنع التطرف، وفضح الأساليب المتبعة من استخدام صور العنف لردع الشباب عن الالتحاق بهم.
هذا الأمر كان في صلب اهتمامات وزراء الداخلية الأوروبيين أخيراً، إذ تم إنشاء خلية مشتركة من الخبراء لإطلاق ما سمي "تنظيف شبكة الدعاية"، وضم موظفين من الشرطة الأوروبية وخبراء من السلطات الوطنية لتقديم المشورة للمؤسسات الأوروبية والدول الأعضاء ودعم حملاتها في هذا المجال، واعتُمد مشروع تجريبي منتصف العام 2016 قُدّرت ميزانيته بمليون يورو لتبادل المعلومات وتوسيع نطاق عمل الشبكة.
وكانت وسائل التواصل الاجتماعي هدفاً أساسياً في هذه الخطة، إذ تم تعزيز التعاون بين الاتحاد الأوروبي وشركات مقدمي خدمات الإنترنت ومواقع "تويتر" و"فيسبوك" و"يوتيوب" وغيرها، فأعطيت الشركات في نهاية مايو/أيار ما سُمي "مدونة سلوك" لمكافحة خطاب الكراهية غير القانوني على الشبكة، ومنها الصور والفيديوهات والرسومات التي يتم نشرها من قِبل تلك التنظيمات التي تشرح على طريقتها وبمفهومها الخاص الموضوعات التي تساهم في نشر إيديولوجياتها المتطرفة. وبحسب تقارير صحافية، فإن الشركات المعنية دربت موظفين للعمل على إزالة تعليقات الكراهية غير المشروعة في أقل من 24 ساعة، وبالتالي حماية المستخدمين عديمي الخبرة والذين وصلوا إلى هذا المحتوى عن طريق الخطأ.
وفي هذا الإطار، يقول خبراء في الشؤون السياسية الأوروبية إن الأدوار السلبية لتلك التنظيمات تجلّت في الفهم غير الصحيح للكثير من الأمور ومنها مصطلحات الجهاد والإرهاب والتطرف بين الشباب، كما الربط بينها وبين المجتمع الإسلامي والتعامل على أن هناك نوعاً من التجانس بين الفئتين. ويلفت هؤلاء إلى ضرورة مكافحة الجرائم عبر الشبكة العنكبوتية من خلال التوعية والوقاية، وذلك توازياً مع العرض الجاد للمعلومات لمواجهة الدعايات الخاصة بالمنظمات الإرهابية التي تستخدم كافة الأساليب لتجنيد أتباع لها من الشباب في المجتمعات الأوروبية، مشيرين إلى أن تلك التنظيمات تعي أهمية الإنترنت كقيمة مضافة لعمليات التجنيد، وهي تسارع إلى إعادة فتح حسابات جديدة عند إغلاقها ونشر المحتوى وتوجيه رسائل ومواد تدفع المتعاطفين معها إلى التحرك.
وكانت الداخلية الإسبانية قد أعلنت قبل أيام عن تفكيك خلية مؤلفة من خمسة أشخاص تروج لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على الإنترنت في كل من إسبانيا وألمانيا وبلجيكا، اعتقل ثلاثة منهم في برشلونة ومليلة الإسبانيتين وواحد في مدينة فوبرتال الألمانية وآخر في العاصمة البلجيكية بروكسل.
وفي ألمانيا تم تعزيز مبادرات المجتمع المدني، وفُتحت النقاشات حول أسباب التطرف، وذلك بهدف مواجهة هذا الواقع الذي يتعرض له الشباب، عدا أن السلطات الألمانية أخذت على عاتقها تعزيز قدرات عناصر أقسامها المولجة بمكافحة الجرائم عبر الإنترنت، والاستعانة بخبراء تكنولوجيا المعلومات لمساعدة المحققين والمدعين العامين المكلفين بملفات أمنية حساسة، إضافة إلى إنشاء شُعب ضمن الأقسام لتسهيل وضمان سرعة الوصول إلى المعلومة. وتشهد العديد من مراكز الشرطة في الولايات الألمانية دورات إعداد وتأهيل خبراء ومحققين ملحقين، لزيادة المساهمة الفاعلة في كشف مخططات وملفات متعلقة بجرائم الإنترنت.
في المقابل، يتحدث العديد من خبراء الأمن الأوروبي عن صعوبات وثغرات تواجه الأجهزة الأمنية ومنها ما يعيق عملها على الشبكة، وهذا ما عبّر عنه أيضاً رئيس المخابرات الداخلية الألمانية هانز جورج ماسن أخيراً، موضحاً أن هناك الكثير من العقبات التي ما زالت تواجه السلطات وأجهزة المخابرات في ألمانيا، وخصوصاً من الناحية القانونية، إذ هناك صعوبات في سرعة فك الشيفرات والمحتويات لأن الكثير من مقرات مزودي خدمات الاتصالات موجودة خارج ألمانيا وهذا ما يتطلب في بعض الأحيان الانتظار لأيام وربما لشهور لإنجاز ذلك. مع العلم أن العديد من الشركات قامت بتطوير برامجها بعد أن فرض تحدي الأمن في الفضاء الالكتروني واقعاً لصد عمليات القرصنة، إضافة إلى تحديث الكثير من معايير السايبر وتلك الخاصة بأمن المعلومات.
لكن النجاح في هذه المهمة يتطلب بحسب خبراء، سنّ قوانين تنظم قواعد عمل البرمجيات والإجراءات الخاصة بها عبر الإنترنت، وهي أحد أهم التحديات التي تواجه الأجهزة الأمنية، والتفكير بإنشاء مراكز بيانات وتبادل الخبرات على المستوى الدولي. حتى أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل إن المفوضية الأوروبية اقترحت أخيراً على دول الاتحاد تشديد الإجراءات وزيادة الضوابط على آليات تصدير السلع وتقنيات أجهزة مراقبة أمن الإنترنت، بعدما تبيّن وجود خلل وتقصير في هذا المجال مع تطور تقنيات المراقبة وزيادة المخاطر والتهديدات التي طاولت الأمن الدولي، مع التركيز على ضمان الإطار القانوني، وذلك مخافة من أن يساء استغلال هذه الصادرات، ومنها المواد الكيميائية والالكترونية وأجهزة الاتصالات، كوقوعها في يد جماعات متشددة مثلاً.
في سياق متصل، تنشط أجهزة الاستخبارات الألمانية لتعقب أصحاب الدعوات التحريضية على الشبكة العنكبوتية المطالبة بتنفيذ أعمال إرهابية في البلاد، كما أعلنت شرطة مكافحة الجريمة في عدد من الولايات الألمانية. ولفتت إلى أن أكثرها يتم عبر خدمة "ماسنجر تلغرام"، ووصل بهم الأمر للتحريض على أئمة مساجد مناهضين لتنظيم "داعش"، علماً أن السلطات وضعت أكثر من 100 مراهق، بالتعاون مع أولياء أمورهم، تحت المراقبة بعد أن تبيّن لها تأثرهم بأيديولوجيات التنظيم.
يشار إلى أن اليمين المتطرف في ألمانيا استفاد أيضاً من شبكات التواصل الاجتماعي، وعمد أخيراً إلى توجيه دعوات لمناصريه للتجمّع في عدد من الأماكن والساحات العامة في البلاد، خصوصاً في الولايات الشرقية منها، حيث الثقل اليميني المتطرف المعروف بكراهيته للأجانب ومعاداته للإسلام. وقام هؤلاء بمهاجمة مراكز إيواء اللاجئين أو مقار جمعيات إسلامية، كان آخرها ما حصل في مدينة باوتسن (شرق البلاد)، حيث تداعت جماعات يمينية متطرفة عبر شبكة "فيسبوك" للتجمع في إحدى الساحات وهاجمت مجموعة من اللاجئين المقيمين. كذلك تم التعرض بشكل متزايد لمراكز إيواء اللاجئين والتي كان آخرها في مدينة بريمن حيث تم حرق أربع حاويات معدة لاستقبالهم بزجاجات المولوتوف.