اقرأ أيضاً: حياة بلير: رفاهية الملوك وتجميل صورةِ الديكتاتوريات
لكن حتى في هذه النقطة، حاول بلير التقليل من فداحة الجريمة، بما أن "القاعدة الأساسية اليوم لداعش هي سورية لا العراق". أكثر من ذلك، "لا يمكن القول إن الذين أطاحوا صدام في العام 2003 لا يتحملون مسؤولية في وصول الأوضاع إلى ما هي عليه في 2015" على حد تعبير صاحب الاعتذار المتأخر عن الخراب الكبير. اعتذار اعتاد مسؤولون غربيون، لاسيما أميركيون، على تقديمه بعد خروجهم من السلطة، وبعد أن يكونوا قد تسببوا بقراراتهم في كوارث عالمية من حروب وهدم دول بكاملها واستخدام السلاح الكيماوي واحتضان انقلابات على أنظمة ديمقراطية ودعم إبادات، مباشرة أو غير مباشرة.
اقرأ أيضاً: مسلسل كذب بلير في العراق ينعكس على قتال "داعش"
اعتراف بلير في البرنامج الخاص "الطريق الطويل نحو الجحيم ــ أميركا في العراق"، ربما سرّعه نشر صحيفة "دايلي مايل" البريطانية، قبل حوالي أسبوع، رسائل سرية مبنية على مذكرات وزير الخارجية الأميركية الأسبق، كولن باول، تفيد بأن "الاتفاق الدموي" بين بوش وبلير على إطاحة صدام وغزو العراق حصل قبل عام كامل من الاحتلال، أي في العام 2002.
أغلب الظنّ أن طلب المسامحة من قبل بلير لن يلقى آذاناً صاغية، بما أن حجم الكارثة ومئات آلاف القتلى الذين سقطوا ضحية "القرار الخاطئ" وفق مصطلحات الرجل، يصعب أن يتم تعويضهم بمجرد اعتذار واعتراف بالمسؤولية عن الجريمة.
وكانت مسيرة الأعوام الـ12 التي تفصل بين اعتذار بلير واعترافه من جهة، والغزو من جهة ثانية، مليئة بالعناد من قبل من سماه فريد زكريا "كلب بوش" ومشبعة بالمواقف المتمسكة بصحة قرار الغزو. فقد سبق لبلير أن قال أمام مجلس العموم في العام 2004 "لن أعتذر عن الصراع. أؤمن أن قرار الحرب كان سليماً". ثم عاد وكرر في مقابلة تلفزيونية عام 2007: "لا أعتقد أن علينا أن نعتذر عن كل ما نفعله في العراق. على العكس من ذلك، علينا أن تكون فخورين تماماً به". وفي العام نفسه، في خطاب استقالته من منصب رئاسة الحكومة، ردد ما حرفيته "قد أكون أخطأتُ، لكنني فعلت ما اعتقدتُ أنه ضروري لبلدي". وفي مذكراته عام 2010، علّق على الموضوع بالقول: "إنه سؤال قطعي، يحتاج لإجابة قطعية (السؤال عن صوابية أو خطأ قرار غزو العراق وإسقاط صدام حسين). لا أستطيع أن أعتذر بالكلمات. يمكنني فقط أن آمل بأن ننقذ شيئاً من مأساة الموت...". ثم عاد منسوب الإنكار في مقابلة عام 2013، عندما اختصر عنجهيته بـ"عندما يسألني الناس هل أندم (على إطاحته صدام)؟ أجيبهم كلا، كيف يمكنني أن أندم على إطاحة شخص كان وحشاً"؟
اقرأ أيضاً: لجنة تحقيق: بلير يتحمل المسؤولية الأكبر عن غزو العراق
اقرأ أيضاً: توني بلير ... جرو إسرائيل